بعد الانسحاب الروسي “الأسد” يعاود إفشال جنيف3 بالهجوم علي حلب
12 أبريل، 2016
جمال محمد –
مع اقتراب موعد الجولة الثالثة من محادثات “جنيف-3” غدا الاربعاء 13 أبريل، يبدو أن خريطة المواجهة العسكرية بين المعارضة وقوات الاسد ومرتزقة روسيا، ستكون هي المقياس لأفق المناورة الدبلوماسية.
وبينما تهدد سوريا بحملة قادمة لاستعادة مدينة حلب مع القوات الروسية (وزارة الدفاع الروسية نفت)، تشير تقارير جبهة دمشق الشرقية إلى تكبد نظام الاسد خسائر مادية وبشرية وتراجعه منذ الانسحاب الروسي الرسمي.
وتثير خسائر الأسد وتراجع جيشه، تساؤلات حول أسباب هذا التراجع بعد تفوق مفاجئ دام طيلة 4 أشهر؟ وهل الانسحاب الروسي أفقد الأسد توازنه؟ وهل ستظهر أثار هذا التراجع العسكري على طاولة مفاوضات جنيف بما يمنح المعارضة قوة اكبر؟ وهل تقبل طهران وميليشياتها بتراجع الاسد؟
حصيلة الخسائر الاسدية
حتي الان تمكنت فصائل الثوار في “دوما” من قتل أكثر من 25 عنصرًا بينهم ضابط رفيع المستوى وتدمير دبابة من نوع T72وتدمير سيارات عسكرية، ونجحوا في استعادة السيطرة على قرى جارز وبراغيدة ويحمول وتل حسين في ريف حلب.
ايضا فقد النظام تلة “أبو علي” الاستراتيجية في منطقة جبل التركمان بريف اللاذقية بعد معارك عنيفة، فيما تواصل فصائل الثوار استقدام تعزيزات عسكرية من جميع مناطق ريف درعا، بهدف منع سيطرة قوات الأسد على مدينة الشيخ “مسكين” الاستراتيجية، التي تعتبر نقطة مواصلات استراتيجية هامة بين مدن إزرع ونوى وداعل، كما تعتبر رابطاً بين محافظات درعا والقنيطرة والسويداء وريف دمشق.
وقتل 35 عنصرا من قوات النظام والفصائل المقاتلة خلال 24 ساعة من الاشتباكات العنيفة بين الطرفين في ريف حلب الجنوبي، وفق ما أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس، إن «الاشتباكات جاءت إثر هجوم شنته الفصائل المقاتلة، وعلى رأسها جبهة النصرة، في محاولة للاستيلاء على مناطق في ريف حلب الجنوبي، أبرزها بلدتا خان طومان والحاضر، كانت قوات النظام استعادت السيطرة عليها بدعم جوي روسي» قبل نهاية العام.
وشنت قوات النظام هجوما واسعا في ريف حلب الجنوبي في أكتوبر، وتمكنت من التقدم والسيطرة على قرى وبلدات بدعم جوي من موسكو، التي باشرت حملة جوية مساندة لدمشق في 30 سبتمبر.
وتواصل الفصائل المقاتلة، وبينها «فيلق الشام» وحركة «أحرار الشام»، المتحالفة مع جبهة النصرة، استهداف حي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية في مدينة حلب، بعدما استغل الاكراد هجوم قوات النظام الواسع في ريف حلب الشمالي في فبراير الماضي، للتقدم في المنطقة وسيطروا على بلدات مهمة.
هل تهاجم سوريا وروسيا “حلب”؟
برغم ان انتصارات الثوار تبدو جزئية، تشير تصريحات لرئيس الحكومة السورية “وائل الحلقي” أن “قوات جيش بلاده والقوات الجوية الروسية تستعد لتنفيذ عملية عسكرية مشتركة لاستعادة السيطرة على مدينة حلب”، بحسب تقارير.
وتُعد حلب أكبر مدينة في سوريا، ومركز الصناعة والاقتصاد في البلد، ومركز للثوار ومعبر الي تركيا، والقتال مستمر في حلب منذ نحو أربع سنوات، ولكن في يوليو 2012، شن مسلحو المعارضة حملة لطرد القوات الحكومية والسيطرة على شمالي البلد.
غير أن تقدم المعارضة لم يكن حاسما، إذ تظل حلب مقسمة إلى مناطق تابعة للمعارضة (شرقا) وأخرى تابعة لأنصار الحكومة (غربا)، كما أن هناك مناطق تتغير الجهة المسيطرة عليها.
وقد نفت وزارة الدفاع الروسية وجود خطط لاقتحام حلب، مشيرة إلى أن مسلحي جبهة النصرة يحتشدون حول المدينة ويخططون لشن هجوم كبير يهدف إلى قطع الطريق بينها وبين العاصمة دمشق، وهو ما ينفي ما جاء على لسان رئيس الوزراء السوري.
واستهدفت طائرات العدوان الروسي وطائرات الأسد الحربية مدينة “الشيخ مسكين” القريبة من دمشق ودرعا بأكثر من 185 غارة، وسقط على المدينة خلال إسبوع أكثر من 48 برميل متفجر، إلى جانب أكثر من 1200 قذيفة دبابة وهاون، بالإضافة إلى 16 صاروخ “أرض – أرض”، في حين تكبدت قوات الأسد نحو140 قتيلاً و250 جريح وتدمير أكثر من 7 عربات مصفحة ودبابة.
وتستهدف قوات الأسد من محاولتها السيطرة على “الشيخ مسكين” تأمين أوتوستراد “دمشق – درعا” الذي يعتبر خطّ إمداد كبير لقوات النظام نحو مناطق سيطرتها في أحياء مدينة درعا، وهي من أبرز المناطق العسكرية التي فقدها جيش الأسد.
جيش الفُسطاط .. مفتاح النصر
ويقول مراقبون ان توحد عدد من الفصائل الإسلامية في الغوطة الشرقية بريف دمشق جنوبي سوريا، تحت مسمى ‹جيش الفُسطاط› كان سبب تحقيق انتصارات، مؤكدين أن ذلك جاء «استجابة لأمر الله في الائتلاف ونبذ الفرقة والاختلاف ومراعاة لتطلعات المسلمين في الغوطة الشرقية، وذلك لما تشهده أرض الشام من ملحمة تاريخية جديدة»، حسب بيان الإعلان.
بيان الفصائل ذكر أن «الجيش الجديد هدفه جمع المجاهدين وحشد كل الإمكانات والطاقات لتحرير دمشق من الغزاة»، والفصائل المنضوية تحت راية جيش الفُسطاط هي: جبهة النصرة، حركة أحرار الشام الإسلامية بالإضافة لتنظيم فجر الأمة الإسلامي».
وجاء هذا الإعلان عن التشكيل الجديد مع سحب روسيا لطائراتها العسكرية من مطار حميميم العسكري بالتوازي مع اجتماع يعقد في العاصمة التركية أنقرة لقادة أقوى الفصائل العسكرية في سوريا ممثلين بجيش الإسلام وحركة أحرار الشام الإسلامية بالإضافة للجيش الحر في اجتماع «لتوحيد صفوف المعارضة المسلحة في ظل المرحلة الراهنة» وفق تسريبات إعلامية.
وتشهد غوطة دمشق الشرقية حملة عسكرية شرسة من قبل قوات النظام التي تحاول التقدم في منطقة المرج على حساب فصائل المعارضة لتضييق الحصار على بلدات الغوطة الشرقية.
هل يتكرر إفشال جنيف 3؟
وكانت قوات الأسد والقوات الروسية شنت هجمات في يناير وفبراير علي حلب، أفسده المرحلة الاولي من محادثات جنيف 3، وفي حين تستعد الأطراف السورية للذهاب إلى مفاوضات “جنيف 3″، غدا الاربعاء يبدو أن هناك محاولات جديدة من الاسد لإفشال التفاوض.
ووفق خريطة الطريق التي وضعتها الأمم المتحدة، من المقرر أن تؤدي هذه المفاوضات إلى اقامة جهاز انتقالي بحلول الصيف، ثم تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في غضون 12 شهرا التي تلي ذلك.
فبعد تلقي النظام السوري خسائر كبيرة من قبل جبهة النصرة وحلفائها جنوب حلب، أعلنت دمشق، فيما يشبه التهويل، انطلاق عملية عسكرية روسية – سورية جوية لتحرير حلب، المقسمة بين المعارضة والنظام.
وبرغم النفي الروسي، يبدو أن النظام السوري يحاول تخويف خصومه، بالتهويل بشن عملية عسكرية كبيرة بمدينة حلب، أملا في فتح الطريق أمام التحرك لاحقا نحو دير الزور شرق البلاد، بحسب وزير الخارجية وليد المعلم.
وقالت بسمة قضماني، العضو في وفد الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة السورية في مقابلة مع صحيفة «جورنال دو ديمانش»، إنه «في الأيام العشرة الاخيرة شهدنا تدهورا خطيرا جدا، ووقف إطلاق النار على وشك الانهيار»، مضيفة ان «استخدام البراميل المتفجرة استؤنف»، واعتبرت ان «المهمة الاميركية الروسية لمراقبة وقف إطلاق النار عاجزة”.
وأضافت: «تم توجيه ضربة للمعارضة، هذا امر مؤكد»، حيث ان روسيا «هاجمت طرق إمداد كتائب المعارضة المعتدلة على الميدان حتى بدء سريان اتفاق وقف الاعمال القتالية في فبراير» الماضي.
وذكرت أن انسحاب القوات الروسية، الذي أعلن في منتصف مارس، «تؤشر لمن يدعمون بشار (الاسد) ان هذه المساعدة لن تعود بلا حدود»، لكنها لاحظت أن «الصعوبة كلها تكمن في معرفة ما إذا كانت روسيا ستتمكن من إملاء بنود التفاوض على دمشق”.
ويسري في سورية منذ 27 فبراير وقف للأعمال القتالية في مناطق عدة بموجب اتفاق روسي – أميركي تدعمه الأمم المتحدة، ويستثني الاتفاق مناطق سيطرة تنظيم «داعش» و”جبهة النصرة”.
وتطالب المعارضة بتقرير سلطة انتقالية بسلطات كاملة، بما فيها سلطات الرئيس (بشار) الاسد، في وقت لا يتحدث فيه النظام الا عن حكومة وحدة وطنية مع بعض المعارضين”.
وتتهم الرئيس الأميركي باراك أوباما بانه ترك الروس يستحوذون على جميع أوراق اللعبة، وانه لا يملك الارادة السياسية، في الوقت الذي تملك فيه الولايات المتحدة الإمكانيات للانخراط أكثر في العملية.
ولكن يبدو أن الانسحاب الروسي والخوف من الغوص في الوحل السوري أعاد الهزائم لقوات الاسد بالرغم من تأكيد تقارير روسية وغربية نشر موسكو قوات خاصة ومرتزقة روس بدل القوات النظامية لقتال المعارضة السورية.