صحف وصحفيون مصريون يطيح بهم اتفاق “تيران وصنافير”
13 أبريل، 2016
محمد الشبراوي –
ليست صحيفة “المصري اليوم” الخاصة وحدها ضحية اتفاق “تيران وصنافير”، بعدما أوقفت جهات رقابية طباعتها لحين تغيير المانشيت الرئيسي الذي اعُتبر مسيئا للرئيس السيسي والملك سلمان على السواء.
فقد لحق بها من الضحايا الصحفيين، أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة الأهرام، الذي اعترض وأغلق صفحته علي فيس بوك أمس الاثنين، بعدما كتب يقول إن جزيرتي تيران وصنافير مصريتان إلى الأبد”، اختفى مقاله الأسبوعي من عدد جريدة “الاهرام” أمس الاثنين، وتتردد أنباء عن إقالته أو استقالته، رفض أن يؤكدها.
وفي اعقاب غلق صفحته علي فيس بوك بعد آخر تدونية يؤكد فيها على مصرية تيران وصنافير ورفضه ضمنا التنازل عنهما للسعودية، بقوله: “سلاما لحدود مصر من جزر تيران وصنافير إلى السلوم”، وعدم نشر مقاله أمس الاثنين، اثيرت تساؤلات: هل اعتذر النجار عن كتابة مقاله أم مُنع مقاله أم وردت إليه تعليمات بعدم الكتابة عن الجزيرتين؟
ولكن عاد «النجار» ليؤكد رفضه التنازل عن الجزر، وأنه سينشر رأيه، ولكن صدر عدد اليوم الثلاثاء بدون مقال يشرح فيه رفضه كما قال.
وكانت جريدة “الأهرام” قد خرجت أمس الإثنين، تحمل اعتذارًا منه، عن كتابة مقاله اليومي، وجاءت افتتاحية جريدة الأهرام، تحت عنوان “وعادت الوديعة لأهلها”، للتأكيد على أن جزيرتي تيران وصنافير سعوديتان خضعتا للسيادة المصرية رسميا عام 1950.
وفي اتصال هاتفي برئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، رفض التعليق على إغلاقه حسابه على “فيس بوك”، وقال إنه سيكتب وينشر رأيه لاحقا.
وأكدت مصادر مقربة من النجار أنه علق كتابة مقالاته الخاصة التي كانت تنشر بالجريدة ذاتها، اعتراضًا منه على توقيع الاتفاقية، ولكنه قرر أن يكتب متحديا الرقابة ما يعني استعدادا للإقالة أو الاستقالة.
وقالت إن النجار علم باعتزام مصر إعلان تبعية الجزيرتين للسعودية قبلها بساعات، وقام بكتابة تدوينته، على الرغم من مشاركته في حفل توقيع الاتفاقيات بين مصر والسعودية.
النجار يعود متحديا
بيد أن النجار عاد اليوم الثلاثاء ليفتح صفحته على «فيسبوك»، ليقول: «تيران وصنافير مصريتان إلى الأبد»، وكتب يقول: «الوطن: أرض وحدود وعَلَم وبشر، صخر وجبال ورمال وشجر، تفاصيل عمرها الحب والدفء والحماس والضجر.. مرابض للمدافعين حين تلوح نذر الخطر، نقوش بالدم تروي قصص التاريخ والحضارة والقدر، الوطن ليس غرفة للإيجار أو محطة سفر، الوطن لا يُعار في الوغى ويُستعاد في السمر، الوطن المزروع فينا لن تقتلعه توقيعات من حبر على ورق”.
وأضاف: “المسألة ليست رأيًا بل حقائق وقواعد لملكية الأوطان، وغدا أكتب موقفي على ضوء الحقائق التاريخية والقواعد المؤسسة للأوطان”.
علاقة متوترة مع السفير
يذكر أن علاقة أحمد النجار مع السفير السعودي بالقاهرة متوترة، وفي أكتوبر الماضي، كشفت صحيفة “الفجر” المصرية الخاصة تفاصيل ما وصفته بـ “خناقة” السفير السعودي بالقاهرة أحمد القطان ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام أحمد السيد النجار في منزل السفير الجزائري بالقاهرة.
وروى رئيس تحريرها الكاتب الصحفي عادل حمودة، حينئذ، أن السفير القطان والنجار كادا يشتبكا بالأيدي وأنهما تبادلا القذف بزجاجات المياه، وانسحب السفير السعودي على إثرها غاضبا من حفل العشاء الذي أقامه السفير الجزائري على شرف المبعوث الدولي الأخضر الإبراهيمي ليغادر بعدها القطان القاهرة.
وكان نقاش حادا بين النجار والقطان قد تطور لمشاجرة إثر معاتبة السفير السعودي لرئيس “الاهرام” على بعض مقالاته التي يهاجم فيها السعودية ويتجنى عليها ورفض النجار النقاش ورد بطريقة اعتبرها القطان غير لائقة وتطور الأمر الى مشاجرة.
وأصدرت الحكومة المصرية بيانًا رسميا أكدت فيه أن جزيرتي تيران وصنافير يتبعان المياه الإقليمية السعودية، وذلك وفق الرسم الفني لخط الحدود بناء على المرسوم الملكي، والقرار الجمهوري، والذي أسفر عن وقوع الجزيرتين داخل المياه الإقليمية للمملكة.
وسبق لرئيس تحرير الاهرام السابق أن طالب بلاده بالتوقف عن نشر “الروايات الساذجة عن مقتل ريجيني” وعدم المخاطرة بالعلاقات المصرية مع روما، وذلك في مقال نشره الأحد 3 أبريل/نيسان 2016.
وناشد محمد عبد الهادي علام الدولة أن تتعامل بجدية تامة مع القضية وتقديم مرتكبي الجريمة إلى العدالة والإعلان بشفافية عمّا تم التوصل إليه من حقائق لا لبس فيها.
علام أوضح في مقاله المكتوب بنبرة غير معتادة في الصحف الحكومية “قبل أن تحين لحظة مواجهة الحقيقة في العلاقات المصرية – الإيطالية، كلمة يجب أن تقال في وجه الجميع في مصر”، داعياً إلى استقالة المقصّرين من المسؤولين إنقاذاً لسمعة مصر ومكانتها ومصداقيتها دولياً”.
وحذّر علام مما وصفها “بالروايات الساذجة عن مقتل ريجيني”.
تغيرت الأنظمة واستمرت مصادرة الصحف
ومنذ 25 يناير 2011 إلى 30 يونيو 2013 تغيرت الأنظمة في مصر ولكن استمرت قرارات المنع والمصادرة.
ببعد ثورة 25 يناير 2011 وبالتحديد في يوم 23 سبتمبر عام 2011 خاطبت إدارة الأهرام جريدة “صوت الأمة” لتبلغها بوقف طباعة الصحيفة بسبب نشر موضوع بعنوان “شهادة الخمس الكبار في قضية مبارك” رغم قرار حظر النشر، لكن رئيس تحرير الصحيفة نفي ذلك وأكد أن المنع جاء بسبب موضوعين وأولهما “فضيحة مخابرات عمر سليمان” والثاني “لماذا لا يبدأ اللواء مراد موافي في تطهير الجهاز؟!” لكن الصحيفة طرحت في الأسواق لأن قرار المنع جاء بعد طرح بعض النسخ في الأسواق فعليا.
واستمر المنع والمصادرة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث تعرضت جريدة “الوطن” لوقف طباعة أعدادها ثلاث مرات الأولى بعد أن نشرت الصحيفة تقريرًا عن الذمة المالية لوزير الدفاع المشير عبد الفتاح السيسي وقتها، وتم حذفه.
والواقعة الثانية انتهت بحذف تقرير عن امتناع 13 جهة منها جهات سيادية عن دفع الضرائب، والمرة الثالثة عدلت الصحيفة عنوان ملف “7 أقوى من السيسي” ليصبح “7 أقوى من الإصلاح”، وحذفت مقالا آخر للكاتب الصحفي علاء الغطريفي عن مسؤول في رئاسة الجمهورية يكتب مقالا في أحد المواقع الإخبارية.
ولم تكن جريدة “المصري اليوم” بعيدة عن مسلسل المنع والمصادرة، فقد تم حذف الحلقة السادسة من سلسلة حلقات “مذكرات رجل المخابرات الفريق رفعت جبريل” وطرح العدد في الأسواق.
وكانت صحيفة “صوت الأمة” تعرضت للمنع والحذف بعد مظاهرات 30 يونيو مرتين، الأولى في العام الماضي بعد نشر تحقيق عن فساد أحد رجال الأعمال وتم حذف الموضوع الصحفي، والأخيرة عندما نشرت الصحيفة موضوعا عن مرض والدة الرئيس عبد الفتاح السيسي بعنوان “أحزان الرئيس”.
كما تعرضت صحيفتا “الصباح” و”المصريون” للمصادرة، فالجريدة الأولى (الصباح) نشرت مقالا بعنوان “كيف تصبح طفل الرئيس في تسع خطوات” تعقيبا على تصريحات رئيس “حزب مستقبل وطن” محمد بدران في ندوة عقدها بالجريدة.
أما الصحيفة الثانية (المصريون) فتم حذف مقال رئيس التحرير الذي حمل عنوان “لماذا لا يتوقف السيسي عن دور المفكر الإسلامي”، وموضوع آخر عن زيارة الرئيس السيسي لبريطانيا واحتمالات اعتقاله بسبب البلاغات ضده.