‘كاتبان إسرائيليان بـ”هآرتس”: الصفقة المصرية السعودية “رائعة بالنسبة لنا”!’

13 أبريل، 2016

“هآرتس” و”يديعوت”: اسرائيل تطالب بمحاكاة الصفقة المصرية السعودية وتأجير سيناء وتعديل كامب ديفيد

محمد جمال –

لم يهتم المحللون الصهاينة وهم يرصدون تفاصيل الاتفاق المصري السعودي على ترسيم الحدود البحرية ونقل ملكية جزيرتي تيران وصنافير بتأثيره عليهم أمنيا فقط، بقدر ما ركزوا على كيفية الاستفادة من الاتفاق في إيجاد مبرر لهم – على سبيل المحاكاة – لتأجير أراضي سيناء من مصر، لنقل الفلسطينيين إليها وإنهاء قضية اللاجئين!

الكاتبان الصهيونيان بصحيفة هأرتس “أمير أورن” و”تسفي برئيل” سعيا في تقريرين بالصحيفة لتخيل تحالف رباعي مصري اسرائيلي سعودي فلسطيني، تقوم كل دولة فيه بتقديم قطعة من أرضها للطرف الثاني لحل مشكلات المنطقة، ولكن المفارقة أنهم ظلا يوزعان قطع من أراضي مصر والسعودية مقابل مصالح الدولة الصهيونية.

“أمير أورن” المحلل العسكري لصحيفة “هآرتس” اعتبر صفقة تنازل مصر عن جزيرتي تيران وصنافير “ممتازة” بالنسبة لإسرائيل، زاعما أنه يمكن محاكاتها ليس فقط لحل النزاعات مع الفلسطينيين، بل لإعادة تقسيم الشرق الأوسط بما يتماشى مع مصلحة جميع اللاعبين، بما في ذلك “تأجير مصر جزء من سيناء وضمه لقطاع غزة، واستئجار إسرائيل قطاع من الجولان السوري”.

 وتحت عنوان “الاتفاق المصري السعودي: سابقة إيجابية لتبادل الأراضي بمشاركة إسرائيل” كتب “أورن” في صحيفة هآرتس الثلاثاء 12 أبريل 2016 يقول: اسم اللعبة “تعاون إقليمي للفائدة المشتركة”، فصفقة الجزر نموذج جيد لفكرة مبتكرة تستدعي المحاكاة”.

ويعتبر أن من فوائد الصفقة أنها تنطوي على مساعدة مصر اقتصاديًا والحيلولة دون انهيارها الذي كان سيهدد الأمن الهش للشرق الأوسط ويغرق أوروبا بطوفان جديد من المهاجرين الجوعى واليائسين، على حد قوله.

المحلل الصهيوني قال إنه في الستينيات تم التوصل لتسوية تبادل أراضٍ بين الرياض وعُمان، فحصلت الأردن على قطعة من الساحل السعودي، جنوب العقبة، مقابل تعديل الحدود الشرقية، وصفقة الجزر مع مصر الآن، تعزز سريان هذه السابقة وتزيد من الفرصة لتسويات متعددة الأطراف بين إسرائيل، والفلسطينيين والدول العربية، بحسب زعمه.

وعن الطريقة التي يمكن من خلالها تطبيق سابقة تبادل الأراضي هذه بشكل موسع في المنطقة بما يفيد إسرائيل قال “أورن”: يمكن مثلا، توسيع الإطار الضيق للتبادل المقترح للأراضي بين إسرائيل والفلسطينيين إلى صفقة رباعية، تضم مصر أيضًا (عبر تأجير جزء من سيناء وضمه لغزة). والسعودية (بأن تمنح مصر قطعة من الضفة الشرقية للبحر الأحمر، وتحصل على اعتراف بوضعها بالحرم القدسي)”!.

تأجير الجولان مقابل “الحمة” السعودية

وتابع: “يمكن أيضا أن نضم سوريا لهذا النادي (بأن تؤجر لإسرائيل منطقة حيوية للدفاع بالجولان، مقابل شريط بمنطقة “الحمة” السعودية، التي حددت كمنطقة منزوعة السلاح في اتفاقات الهدنة عام 1949) وكذلك يمكن ضمّ الأردن، لنخلط الأوراق ونعيد تقسيمهم لصالح اللاعبين كافة”، بحسب زعمه.

وظل المحلل الإسرائيلي، يستدعى نماذج من الماضي ليدعي إنها قريبة من تلك الفكرة، عندما تبني الرئيس الأمريكي الراحل فرانكلين روزفلت خطة “استأجر واستعر” مع بريطانيا في عام 1940 فأعلن إرسال 50 سفينة حربية لبريطانيا، مقابل منح واشنطن قواعد في جزر البحر الكاريبي وفي كندا وبرمودا لاحقا.

والاغرب أنه سعى لتمليك من لا يستحق (الدولة الصهيونية)، وتوزيع من لا يملك (الدولة الصهيونية أيضا) لقطع أراضي دول عربية بدعوى أن هذا لصالح اللاعبين بينما الواقع أنه لصالح دولة الاحتلال.

الجسر “رهينة” في يد إسرائيل

وفي التقرير الثاني سعى “تسفي برئيل” محلل الشئون العربية بصحيفة “هآرتس” لرصد المكاسب التي يمكن أن تحصل عليها الدولة الصهيونية من الصفقة السعودية التي اعتبرها “صفقة ممتازة”، ويستعرض “مخاوف إسرائيل من عدم التزام السعودية بما التزمت به مصر في معاهدة السلام”.

“برئيل” قال في تحليل بعنوان “ماذا يعني الاتفاق المصري مع السعودية بالنسبة لاسرائيل؟” إن هناك “مخاوف في إسرائيل من عدم التزام السعودية بما التزمت به مصر في معاهدة السلام تجاه الجزيرتين”.

ولكنه قال فيما يشبه التهديد أن السعودية قدمت “حلا” لهذه المخاوف عبر الإعلان عن بناء جسر الملك سلمان، الذي زعم أنه سيكون “رهينة” في يد إسرائيل، حال حاولت المملكة إثارة غضبها في تيران وصنافير، في إشارة لتهديده أمنيا.

وقال إن “مصر استفادت مقابل أراض لا تملكها بالحصول على حبل نجاة اقتصادي ممتاز، لكن حبل النجاة هذا هو أيضا حبل تقييد، جعل منها تابعة للسعودية”، بحسب قوله.

وزعم أن إعادة  جزر تيران وصنافير للسعودية “تعتبر مقدمة للتوافق بشأن سوريا واليمن” دون توضيح ما يقصد.

ولكنه يقول: “تتوقع السعودية من مصر تأييد موقفها المتعلق بالحرب في سوريا والحرب في اليمن، الذي من غير الواضح كم من الوقت ستصمد الهدنة فيها”.

وكشف أن “مصر أخطرت إسرائيل من البداية بنقل الجزر، الذي تحدد وضعها بمعاهدة كامب ديفيد، ويلزم أي تغيير فيها موافقة الأطراف”، ويقول إن “اسرائيل سمحت لمصر بإدخال مدفعية وطائرات إلى غرب سيناء، وصولا لحدود قطاع غزة، كجزء من الحرب على الإرهاب وحماس”.

 ولا تحوي المعاهدة رسميا على بند يحظر على مصر نقل أراض من سيادتها إلى سيادة دولة أخرى، خصوصا إن كانت الجزر معروفة بأنها جزء من الأراضي السعودية، لكن المحلل السياسي الاسرائيلي يري أن “السيطرة السعودية تثير بعض القلق حول مستقبل الملاحة الحرة التي وبعكس مصر فإن السعودية ليست ملتزمة بها”، بحسب قوله.

اعتراف سعودي بكامب ديفيد

ويضيف: “لتهدئة إسرائيل أعلن وزير الخارجية السعودية أن بلاده سوف تنفذ كل الالتزامات التي وقعت عليها مصر بشأن الملاحة الحرة”، معتبرا أن “تصريح عام كهذا، حتى إذا لم يوجه مباشرة لإسرائيل، يمكن أن يكفي، خصوصا أن السعودية تعتبر حليفا للغرب بشكل عام والولايات المتحدة تحديداـ ويمكن أن ينظر إلى تصريح الجبير كاعتراف غير رسمي باتفاقات كامب ديفيد، الذي تسبب توقيعها في مقاطعة عربية لمصر”.

ويتابع: “السؤال الآن هو ما إن كانت السعودية ستنفذ ليس فقط الالتزام بحرية الملاحة بل أيضا البنود التي تحظر نشر قوة عسكرية بالجزر، لاسيما عندما يمنحها الاستحواذ عليها سيطرة على الجانب الشرقي للبحر الأحمر، الذي يقود أيضا لميناء العقبة”.

 وهنا يقول إن الضمانة والحل السعودي لهذا القلق الإسرائيلي (والأردني) هي الجسر الذي سيربط بين مصر والسعودية، وأيضا بين أسيا وإفريقيا الدولتين، “فسوف يشكل دائما “رهينة” ضد أية محاولة للإضرار بحرية الملاحة”.

يعالون: تعديل معاهدة السلام

وكشف وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون عن موافقة إسرائيل على تسليم مصر جزيرتي تيران وصنافير بالبحر الأحمر للسعودية، وتغيير الملحق العسكري بمعاهدة السلام بين تل أبيب والقاهرة.

 وقال “يعالون” في تصريحات نشرتها القناة العاشرة بالتلفزيون الإسرائيلي مساء الثلاثاء: “وافقت إسرائيل على نقل جزر تيران وصنافير من مصر للسعودية”. مضيفا “من أجل الموافقة جرى تعديل الملحق العسكري لمعاهدة السلام مع مصر. وتعهدت السعودية بمنع حركة السلاح والإرهابيين إلى سيناء عبر الجزيرتين”.

 وعلقت صحيفة “يديعوت أحرونوت” على هذه التصريحات معتبرة أن تصريحات “يعالون” التي أكد فيها توقيع إسرائيل رسميا على الموافقة بشأن الجزر، “تكشف بشكل غير مسبوق العلاقات السرية بين إسرائيل والسعودية”.

وأضافت الصحيفة: “وفقا للوزير يعالون جرى إعادة فتح الملحق العسكري بين مصر وإسرائيل في أعقاب نقل السيادة على الجزر، التي تبعد نحو 200 كم جنوب إيلات”.

 كذلك كشفت الصحيفة عن “توقيع الجانب الأمريكي على التعديل الجديد بالملحق العسكري، بصفة الولايات المتحدة كانت الوسيط في معاهدة السلام، ونابت بذلك عن القوة متعددة الجنسيات التي تم نشرها بسيناء كجزء من تنفيذ المعاهدة، علاوة على ذلك وافقت إسرائيل على طلب السعوديين والمصريين ببناء جسر بين أسيا وإفريقيا في منطقة الجزر”.

وسبق لصحيفة “هآرتس” أن كشفت أن الجانب المصري والسعودي توجها بشكل مسبق لإسرائيل ووقعت الرياض على وثيقة تلتزم بموجبها بما التزمت به مصر في معاهدة السلام بالإبقاء على تيران وصنافير منزوعتي السلاح، والسماح بحرية الملاحة بمضيق تيران، الذي يعد بوابة إسرائيل لإفريقيا والشرق الأقصى.

ونقلت الصحيفة عن وزير الدفاع الإسرائيلي قوله: “وافقت الدول المعنية في المسألة على استمرار حرية الملحة في المكان، وهو ما عبر عن نفسه في وثيقة حصلت عليها إسرائيل، وترسخ الوثيقة التزام السعودية، تلك الدولة التي لا تربطها بإسرائيل اتفاقات رسمية، بمواصلة الاتفاقات التي وصلت إليها إسرائيل ومصر بمعاهدة السلام الموقعة بينهما في 1979”.

وتقضي المعاهدة، باستخدام مضيق تيران وخليج العقبة كممرات ملاحة دولية، مفتوحة أمام حرية الملاحة والطيران.

قلق إسرائيل من تغير نوايا السعودية

وتقول صحف ومواقع صهيونية أخرى أن نقل السيطرة على الجزيرتين المصريتين، تيران وصنافير، إلى السعودية “يثير قلق المحللين الاسرائيليين”، الذي يزعمون أن “التيار الأكثر تطرفا في الإسلام يسيطر على مدخل الميناء الجنوبي لإسرائيل”.

وأن الموضوع أصبح حديث الساعة في أوساط المحللين والخبراء في شؤون الشرق الأوسط.

ففي البداية، تمت مناقشة الخوف من أنّ تسيطر السعودية – بعد نقل الجزيرتين، اللتين تقعان عند مدخل مضائق تيران – في الواقع على الحركة البحرية في “البوابة الجنوبية” لإسرائيل في ميناء إيلات.

ويضيف: “أعلمت مصر إسرائيل مسبقا بنقل الجزيرتين وحصلت على موافقتها، كما تستلزم اتفاقات كامب ديفيد، ومع ذلك، فقد كانت مصر في الواقع ملزمة بموجب الاتفاقات بالملاحة الحرة في مضائق تيران، بخلاف السعودية، غير الملزمة بأي اتفاق تجاه إسرائيل”.

وقد دعت عضو الكنيست الإسرائيلية، كسانيا سفاتلوفا، والتي كانت سابقا محللة الشؤون المصرية، إلى عقد جلسة طارئة في لجنة الخارجية والأمن حول “الحدود السعودية الجديدة لإسرائيل”.

وقالت: “نحن معتادون على التفكير أن عدوّ عدوّنا هو صديقنا، ولكن هل هذا هو الواقع حقا”؟ كما كتبت “سفاتلوفا” في صفحتها الرسمية على الفيس بوك تقول: “السعودية دولة دينية تؤيد التيار الوهابي، الأكثر تزمّتا وتطرّفا من بين التيارات الإسلامية، وهو يشكّل إلهاما للتيارات الجهادية”.

وأضافت: “إذا كان هناك شيء يمكننا الاعتماد عليه في منطقتنا فهو التغيير المستمر، فالسعودية تدعم اليوم مصر وتقاتلان داعش سويا، وفي الستينيات تحاربت كلتا الدولتين ضدّ بعضهما البعض، فعلينا أن نفكر في خطواتنا في الوقت المناسب حتى لا نتفاجأ سلبا بما يبدو الآن موضوعا عاديا تماما”.