‘ملعب القوى الكبرى: لماذا يتنافس الجميع على جيبوتي؟’

15 أبريل، 2016

رصد تقرير نشرته صحيفة «الإيكونوميست» البريطانية التواجد الدولي الذي تشهده جيبوتي، تلك الدولة الأفريقية الصغيرة التي لا يتعدى التعداد السكاني بها 875 ألف شخص، وبشكل خاص التواجد العسكري الذي تمثله القواعد العسكرية لبعض الدول وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية.

وأشار التقرير إلى أن قاعدة ليمونير، وهي القاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة الدائمة في أفريقيا، تستضيف 4500 جنديًّا والوكلاء الذين يقومون بمهمات ضد تنظيم القاعدة في اليمن وتنظيم الشباب في الصومال.

وأضاف بأن القاعدة العسكرية الأمريكية، والتي تكلف الولايات المتحدة 60 مليون دولار سنويًا فقط كقيمة إيجارية، تتشارك مهبط للطائرات مع المطار الدولي، وذلك على الرغم من أن الطائرات بدون طيار تطير الآن من مطار في الصحراء على بعد ثمانية أميال بعيدًا بعدما كانت قد تحطمت إحدى الطائرات في منطقة سكنية في عام 2011.

تواجد فرنسي أوروبي

وبحسب التقرير أيضًا، تستضيف جيبوتي أكبر تواجد عسكري فرنسي في الخارج (لا يزال لدي فرنسا اتفاقية للدفاع عن مستعمرتها السابقة)، فضلًا عن استضافة الدولة الأفريقية الصغيرة للقاعدة الأجنبية الوحيدة لليابان في العالم.

هذا بالإضافة إلى تواجد عسكري أسباني وألماني يشكل قوة مكافحة القرصنة التابعة للاتحاد الأوروبي، حيث تقيم تلك القوات التابعة للاتحاد الأوروبي في فنادق كمبينسكي وشيراتون. ولم يغفل التقرير الإشارة إلى التقارير التي تتحدث عن رغبة السعودية وروسيا والهند أيضًا في إقامة وحدات تابعة لهم بجيبوتي.

ويشير التقرير إلى التواجد الصيني أيضا. حيث تبني الصين أول قاعدة لها في الخارج في جيبوتي، تلك القاعدة التي ستكلف الصين 20 مليون دولار سنويًا. ومن المفترض ألا تكون تلك القاعدة أكثر من مركز للخدمات اللوجستية لعمليات مكافحة القرصنة وإخلاء المواطنين من المناطق الساخنة مثل اليمن، فقط على بعد 20 ميلًا عبر مضيق باب المندب. ومع ذلك، يخشى بعض المسؤولين الغربيين أن الصين قد يكون لديها خطط أكبر.

وتابع التقرير بقوله إنه ورغم ذلك، تريد الدولة الصحراوية الصغيرة أن تكون أكثر من ملعب للقوى العظمى؛ فلديها طموحات لتصبح دبي أو سنغافورة عند مدخل البحر الأحمر والمحيط الهندي.

الموقع الجغرافي

ونقل تقرير الصحيفة البريطانية عن روبليح ديجاما علي، رئيس تطوير الأعمال في موانئ جيبوتي وسلطة المنطقة الحرة، قوله: «لا تحظى جيبوتي بأي ميزة سوى الموقع الجغرافي».

فافتقار البلاد للموارد الطبيعية قد يكون من قبيل الصدفة، ولكن موقعها الجغرافيا بين إريتريا وإثيوبيا والصومال، ليس من قبيل الصدفة، حيث تريد فرنسا تريد أن يكون لديها ميناء منافس لميناء عدن، المستعمرة البريطانية على الجانب الآخر من البحر الأحمر.

التقرير أشار أيضًا إلى أن جيبوتي كانت محط نظر القوى الدولية في الآونة الأخيرة أيضًا. فالهجمات «الإرهابية» في 11 سبتمبر (أيلول) 2001، خلفت تواجد الجيش الأمريكي بالبلاد. كما ساهم القراصنة الصوماليون في إقامة تواجد عسكري تابع للاتحاد الأوروبي.

ومنعت الحرب بين إثيوبيا وإريتريا، والتي امتدت بين عامي 1998 و2000، إثيوبيا من الوصول إلى موانئ جارتها الصغرى. والآن تأتي 90 في المائة من واردات إثيوبيا من خلال جيبوتي.

ورصد التقرير بعض الاحصائيات التي تشير إلى أن النمو المزدوج لدى إثيوبيا على مدى العقد الماضي، قد انعكس في المقابل على جيبوتي. وبلغت قيمة مشاريع الطاقة والبنية التحتية الجارية، بما في ذلك أربعة منافذ إضافية، واثنين من المطارات الدولية الجديدة واثنين من خطوط الأنابيب، والسكك الحديدية إلى إثيوبيا، بلغت 9.5 مليار دولار. وهناك مشروعات أخرى بقيمة 9.7 مليار دولار ولكنها لم تحظ بالتمويل حتى الآن. ويشير التقرير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لجيبوتي كان 1.6 مليار دولار فقط في عام 2014.

ولاية رابعة للرئيس

وفي هذا الصدد، قال التقرير إن الصين هي أكبر مستثمر بالبلاد، وتأتي الكثير من هذه الاستثمارات عن طريق قروض ميسرة.

ورغم ذلك، ذكر التقرير أن الأمم المتحدة تقدر نسبة البطالة بجيبوتي بمعدل يصل إلى 60%، فيما تبلغ نسبة الأمية 45%.

وأخيرًا، ذكر التقرير أن هناك معارضة مستمرة للنظام الحاكم بجيبوتي، وتزعم شخصيات معارضة أن الشرطة قتلت 19 شخصًا في احتفال ديني في ديسمبر (كانون الأول) 2015 (بينما تقول الحكومة أن عدد القتلى سبعة فقط).

كما تم توجيه اتهامات بالفساد إلى عبد الرحمن بره، وهو رجل أعمال ثري كان الساعد الأيمن للرئيس إسماعيل عمر جيلة. ومن المقرر أن تشهد البلاد انتخابات رئاسية في الثامن من أبريل (نيسان) الجاري، ولكن إعادة انتخاب جيلة لفترة رئاسية رابعة هي أمر مفروغ منه، بحسب تقرير الإيكونوميست الذي وصفت ائتلاف المعارضة المؤلف من سبعة أحزاب بغير العملي.

 

15 أبريل، 2016