‘هيومان رايتس ووتش: على تركيا فتح حدودها للسوريين الهاربين من داعش’
16 أبريل، 2016
وهيب اللوزي: المصدر
شددت منظمة (هيومان رايتس ووتش) في بيان لها لزوم توقف تركيا عن إطلاق النار على المدنيين السوريين الذين يفرون من القتال، وأن تسمح لهم فورا بعبور الحدود لالتماس الحماية.
وأشارت المنظمة في بيانها الصادر أمس الخميس إلى أن تجدد القتال بين داعش وجماعات المعارضة المسلحة شمالي حلب أدى إلى نزوح ما لا يقل عن 30 ألف شخص خلال 48 ساعة، مع إطلاق حرس الحدود الأتراك النار على بعضهم عند اقترابهم من الجدار الحدودي التركي الجديد.
وما زالت الحدود التركية مغلقة تماما بعد عام من بدء رفض السلطات التركية دخول جميع السوريين، باستثناء المصابين إصابات خطيرة.
وسبق وأشارت تركيا لأنها تريد تهيئة “منطقة آمنة” في سوريا يمكن للسوريين الفرار إليها، ويمكن لتركيا أن تعيد إليها لاجئين سوريين. في حين قال الاتحاد الأوروبي في اتفاقه المبرم في 8 مارس/آذار 2016 مع تركيا إنه سيعمل معها على “السماح للسكان المحليين واللاجئين بالعيش في مناطق أكثر أمنا”.
وقال جيري سيمبسون، باحث أول في شؤون اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: “مع فرار المدنيين من مقاتلي داعش، ترد تركيا بالذخيرة الحية بدلا من التعاطف. العالم بأسره يتحدث عن قتال داعش، لكن الأكثر عرضة لخطر داعش ومن وقعوا ضحايا لانتهاكاتهم المروعة عالقين على الجانب الخطأ من جدار خرساني”.
وبحسب عاملين بالمساعدات الإنسانية في تركيا ورؤساء 6 من 10 مخيمات للاجئين شرقي أعزاز قرب الحدود التركية، فإن زحف داعش في 13 و14 أبريل/نيسان أجبر ما لا يقل عن نصف سكان المخيمات البالغ عددهم 60 ألف نسمة على الفرار. فروا إلى مخيمات أخرى، إلى مخيم باب السلامة على الحدود التركية وبلدة أعزاز القريبة. أصبحت 3 مخيمات – هي أكدة وحرمين والشام – خالية تماما من 24 ألف شخص كانوا يحتمون بها.
وتحدثت هيومن رايتس ووتش أمس إلى ممثلين عن 6 من 10 مخيمات وإلى 7 سوريين نازحين كانوا يعيشون في المخيمات التي سيطرت داعش عليها وكانت قريبة من جبهة قتال داعش التي تتغير سريعا. وقال جميع السكان إنهم يريدون الفرار لتركيا لكن الحدود المغلقة تعني أن لا مكان أمامهم يفرون إليه، وقال البعض إنهم مكثوا بالمخيمات الخاضعة لتهديد داعش لأنهم خافوا من عدم العثور على مأوى بمكان آخر، وهم يعرفون أن المخيمات الأخرى على الحدود التركية ممتلئة تماما، وقال آخرون إنهم عادوا إلى قراهم القريبة رغم أنها مازالت غير آمنة.
وقال مدير مخيم إيكدة الواقع قرب الحدود التركية إن داعش سيطرت على المخيم الذي يأوي أقل من 10 آلاف نسمة بقليل، في ساعة مبكرة من 14 أبريل/نيسان، وأطلقوا الرصاص الحي في الهواء وقالوا للسكان أن يغادروا.
وبدوره قال مدير مخيم الشام القريب من بلدة كفر بريشة الواقعة على مسافة كيلومترين جنوبي الحدود التركية أثناء مقابلة إن صوت رشاش آلي كان مسموعا من حيث تقترب شاحنات داعش، التي جاءت من عند الجبهة الجديدة، من بلدة كفر شوش، على مسافة كيلومتر. وقال إن الرصاص أصاب رجلا عمره 30 عاما بالمخيم في وقت مبكر من يوم أمس وأن الناس في المخيم غير القادرين على الفرار سريعا راحوا يحفرون في الأرض ليحموا أنفسهم.
وأشار بيان المنظمة إلى أنه حتى مطلع أبريل/نيسان كانت تركيا قد أتمت بناء ثلث الجدار الخرساني المقاوم للصواريخ الممتد لمسافة 911 كيلومترا على حدودها مع سوريا. اطلعت هيومن رايتس ووتش على صور أقمار صناعية بتاريخ 8 أبريل/نيسان تُظهر إغلاق الجدار بإحكام لأجزاء كبيرة من الحدود شمالي حلب.
ومنذ أواخر مارس/آذار بدأت جماعات المعارضة المسلحة السورية عملية هجومية من معقلها في أعزاز لاستعادة مناطق مهمة من داعش على امتداد الحدود مع تركيا. بعد استيلاء الجماعات المسلحة على بلدة الراعي، بدأت داعش في هجوم مضاد في 9 أبريل/نيسان فاستعادت بعض المناطق. تستمر المصادمات في البلدات قرب الحدود التركية مع محاولة الجماعات المتمردة وداعش السيطرة على تلك البلدات.
وحسب تقدير ما وصفتها المنظمة بمصادر موثوقة بالأمم المتحدة في تركيا، بحلول 14 أبريل/نيسان كانت داعش قد بدأت هجوما على قرى شرق أعزاز، القريبة من الحدود مع تركيا، وسيطرت على عدد منها، مثل حوار كلس، وكفر شوش، والزيزفون-إيكدة، وبراغيدة.
وبحسب تقدير عدة منظمات، فإنه حتى 12 أبريل/نيسان، كان 75 ألفا من السوريين يقيمون في نحو 10 مخيمات غير رسمية وعدة مواقع في أعزاز، شرقي البلدة على امتداد الحدود، وفي باب السلامة. كما قدروا أن 25 ألفا على الأقل من النازحين يتواجدون في مواقع عدة شرق أعزاز. فر الكثيرون منهم من عدة جولات قتال وعمليات هجومية شمالي سوريا.
ومنذ بدايات 2015 أغلقت تركيا حدودها بشكل شبه كامل في وجه السوريين الهاربين من النزاع. في 12 و13 أبريل/نيسان 2016 قابلت هيومن رايتس ووتش 8 أشخاص وصفوا كيف أعادهم حرس الحدود الأتراك باستخدام العنف على الحدود مع سوريا، ومعهم عشرات آخرين، إلى سوريا، في فبراير/شباط ومارس/آذار 2016. وصف اثنان كيف ضرب حرس حدود أتراك طالبي لجوء آخرين بقسوة لدرجة أنه لم يعد ممكنا التعرف إليهما من النظر إلى وجهيهما.
هذه الشهادات الحديثة عن انتهاكات حرس الحدود الأتراك تتسق مع ما توصلت إليه هيومن رايتس ووتش من نتائج أواخر 2015، بأن حرس الحدود ضربوا وأعادوا عشرات السوريين دون اتباع إجراءات اللجوء، وكانوا قد عبروا إلى تركيا بالاستعانة بمهربين.
وفي المقابل، سمحت السلطات التركية لمنظمات الإغاثة الإنسانية في تركيا بالعبور إلى سوريا والانضمام لجماعات الإغاثة السورية، من أجل توزيع الخيام والمساعدات الأخرى على السوريين العالقين على المعبر الحدودي وبالمناطق الحدودية القريبة، بحسب البيان.
وقالت هيومن رايتس ووتش في بيانها إن السماح بالمساعدات الإنسانية المُلحة والضرورية العابرة للحدود لا يعفي تركيا من التزامها باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية. هذا المبدأ، بحسب القانون الدولي العرفي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، يحظر رفض طالبي اللجوء على الحدود وقت تعرضهم لتهديد الاضطهاد والتعذيب.