الألغام.. حرب الحوثيين المؤجلة ضد اليمنيين

19 أبريل، 2016

باتت الألغام حرباً مؤجلة وطويلة الأمد تواجه اليمنيين؛ فمليشيا الحوثي وصالح الانقلابية زرعت عدداً كبيراً من الألغام، تخلّف عدداً من الضحايا المدنيين، وتستدعي وقتاً طويلاً لنزعها بعد اكتمال تحرير البلاد من قبل المقاومة الشعبية المسنودة بالتحالف العربي المؤيد للشرعية.

فمنظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية دعت، في بيان لها، مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى إنشاء لجنة دولية مستقلة؛ للتحقيق في قيام الحوثيين باستخدام الألغام المضادة للأفراد في اليمن، الذي يعد انتهاكاً خطيراً لقوانين الحرب.

وأكدت المنظمة أن استخدام الحوثيين للألغام تسبب في خسائر فادحة في صفوف المدنيين، ودعتها للتوقف “فوراً” عن استخدامها، حيث قال مدير قسم الأسلحة في المنظمة، ستيف غوس: إن “الحوثيين يقتلون المدنيين، ويتسببون بتشويههم بالألغام الأرضية المضادة للأفراد، وهي أسلحة عشوائية يجب عدم استخدامها تحت أي ظرف”.

كما أن منظمة رعاية الأطفال أوضحت أن ما لا يقل عن ثلاثة أطفال يلقون مصرعهم كل يوم في اليمن، نتيجةً لاستخدام أشكال مختلفة من مخلَّفات الحرب في القرى والبلدات والمدن، حيث أكدت المنظمة السويدية أن اليمن يعاني حالياً أعلى نسبة من الخسائر البشرية في العالم بعد سوريا؛ نتيجة الأسلحة المتفجرة.

– اتفاقية أوتاوا

وتعد اليمن أول دولة في الشرق الأوسط والعالم العربي وقعت في أكتوبر/تشرين الأول من العام 1996 على اتفاقية “أوتاوا”، التي تحظر زراعة الألغام الفردية، أو استخدامها، أو بيعها، أو شراءها، أو إنتاجها.

ومع ذلك فتاريخ الألغام في البلاد ليس جديداً في ذاكرة اليمنيين؛ فصراعات القرن العشرين قتلت الآلاف من المدنيين، معظمهم من الأطفال، تركزت أغلبها في صراع الشمال والجنوب قبل الوحدة في عام 1990، حيث تشير بعض المصادر الإعلامية إلى أن نحو 592 منطقة تأثرت بالألغام في 19 محافظة؛ بفعل نحو مليون لغم قدّمه نظام القذافي لتغذية الصراع آنذاك.

– حرب العام 2015

المناطق المحررة من قبضة مليشيا الحوثي وصالح، وأبرزها محافظات عدن ولحج وأبين ومأرب، شهدت حوادث عدة لإصابات المدنيين بانفجارات الألغام، ولا توجد حتى الآن إحصائية رسمية بعدد الضحايا، في حين تشير بعض التقارير إلى مقتل 98 شخصاً، وإصابة 332 آخرين، في عدن، وأبين، ولحج، منذ سيطرة الحكومة الشرعية عليها.

مدير المركز التنفيذي للبرنامج الوطني للتعامل مع الألغام فرع عدن، قال في تصريحات صحفية سابقة: إنه استطاع جمع نحو 1173 لغماً وقطعة ذخيرة غير متفجرة، بين 13 يوليو/تموز، و10 أغسطس/حزيران في محافظات عدن، ولحج، وأبين، في حين قدّرت فرق متخصصة بنزع الألغام في مأرب ما زرعه الحوثيون في المحافظة بنحو 17000 لغم.

– خطط تنتظر التنفيذ

الجهات المعنية بنزع الألغام والتعامل معها شبهُ متوقفة، إذ لا تجد التمويل اللازم لتنفيذ خططها، كما أن عملها يستدعي توقف الحرب أولاً، وفق ما يقول أحمد علوي، مدير الأنظمة بالمركز التنفيذي للتعامل مع الألغام.

لكن المركز، بما يملكه من إمكانات سابقة قدمت كدعم من الولايات المتحدة واليابان قبل سنوات، نفذ عمليات لإزالة الألغام، والقذائف، ومخلفات الحرب في محافظات: صنعاء وعمران، وعدن، وحجة، حيث تم رفع نحو 400 قطعة من مخلفات الحرب في صنعاء وعمران.

علوي أكد أن الأرقام الحقيقية لا تتوفر حالياً؛ بسبب استمرار الصراع، وعدم تنفيذ المسح الشامل، وأن البلاغات المقدمة إلى المركز قليلة جداً، ولا تعكس حجم الكارثة؛ إذ إن تحديد الرقم يحتاج للمسح الشامل، لكنه توقع أن تكون بالآلاف؛ نظراً للمساحات الواسعة التي دارت وتدور فيها المعارك.

– تدمير المخزون السابق

وأوضح علوي في حديثه لـ”الخليج أونلاين”، أن المركز يحتاج إلى نحو 15 مليون دولار سنوياً لكي ينفذ عملياته في المناطق التي شهدت الاقتتال؛ منها 6 ملايين دولار قيمة معدات لنزع الألغام والتعامل مع مخلفات الحرب، حيث إن كاسحات الألغام يقتصر استخدامها على الجانب العسكري، وليست مناسبة فنياً لعمليات النزاع الشاملة.

الأرقام الرسمية التي يسجلها المركز لضحايا الألغام في اليمن بين عامي 1962-2000 تبلغ نحو 5200 قتيل؛ من جراء وجود نحو 324151 قطعة من مخلفات الحروب القابلة للانفجار.

وفي الحرب الأهلية التي شهدها اليمن في العام 1994 تم اكتشاف نحو 800 لغم مضاد للدبابات، و11400 لغم مضاد للأفراد.

وأضاف علوي أنه تم تدمير مخزون الألغام في اليمن بين عامي 2002-2007، حيث بلغ عدد ما تم تدميره نحو 108 آلاف لغم.

وجرّت مليشيا الحوثي المدعومة من إيران، وبالتحالف مع الرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، اليمن إلى اقتتال وحروب عبثية منذ بدء تمردها على الدولة في العام 2004 حتى العام 2009، قبل أن تتجدد معاركها في منتصف العام 2014، حين هجّرت أبناء منطقة دماج بصعدة بحُجة فكرهم السلفي، مروراً بالسيطرة على محافظة عمران، ثم دخول صنعاء والانقلاب على السلطة، أتبعتها باجتياح محافظات الوسط والجنوب، قبل أن تنكسر بعد طردها على يد المقاومة الشعبية من محافظات: عدن، ولحج، وأبين، وأجزاء كبيرة من مأرب، وشبوة، وتعز.