السعودية أصبحت أكثر اعتمادا على الجيش الأمريكي في مواجهة الطوارئ؟
19 أبريل، 2016
على مدى العقود السبعة الماضية، ارتبطت السعودية وأمريكا بتحالف إستراتيجي. لكن خلال فترة أوباما، كما كتب “مايكل شير” في صحيفة “نيويورك تايمز”، سادت حالة من انعدام الثقة بين الطرفين وعدم الاتفاق حول كيفية احتواء إيران، محاربة “داعش”، ومستقبل سوريا والحرب في اليمن. وأسهمت تعليقات أوباما حادة حول السعوديين في مقابلة أجريت معه مؤخرا في ترسيخ سوء النية.
“العلاقة مضطربة وقلقة”، كما قال فريدريك هري، باحث بارز في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، لكنه أضاف: “إنها ليست متجهة إلى الانهيار الوشيك”. وذلك لأن البلدين لا يزالان بحاجة إلى بعضهما البعض.
فالولايات المتحدة تقدم الدعم العسكري والاستخباراتي للمملكة حماية لأمنها الإقليمي، ومن المتوقع أن تعلن دعما إضافيا هذا الأسبوع. والمملكة العربية السعودية تساعد في محاربة الجماعات “الإرهابية”، وتبقى ثاني أكبر مزود للنفط لأمريكا، وتبيعها نحو مليون برميل يوميا.
ومع قرب نهاية الولاية الثانية لرئاسة أوباما، فإن القادة السعوديين يتطلعون إلى الفائز الجديد في الانتخابات الرئاسية في نوفمبر القادم. “بالنسبة لهم، فإن سفينة أوباما أبحرت منذ فترة طويلة”، كما نقل الكاتب عن “دانييل بليتكا”، نائب الرئيس الأول للدراسات السياسة الخارجية والدفاعية في معهد أميركان إنتربرايز، وهو مؤسسة فكرية محافظة، مضيفا: “ليس لديهم أدنى فكرة عمن سيأتي بعده”.
خلال 70 عاما الماضية، منذ أن بدأ الرئيس فرانكلين روزفلت التحالف في نهاية الحرب العالمية الثانية، اعتمد السعوديون على الولايات المتحدة للمساعدة، في المقام الأول، على ضمان أمنها في منطقة مضطربة. كانوا يريدون من الولايات المتحدة أن تحمي ظهورهم، خصوصا في الصراع المحتمل مع المنافس الإقليمي، إيران.
وهذا يعني، في الجزء الأكبر منه، المعدات العسكرية: فقد ساعدت الولايات المتحدة المملكة العربية السعودية في الحصول على أسلحة لردع إيران. وفي الآونة الأخيرة، تطلع السعوديون إلى المساعدة الأمريكية في الاستخبارات والتدريب، ومنحت أمريكا السعوديين الدعم اللوجستي وتحديد قائم الاستهداف في الحرب اليمنية.
ومن المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة هذا الأسبوع أنها ستعزز الدفاعات الصاروخية في المنطقة وتقديم دعم جديد للجهود السعودية لمواجهة الهجمات الإلكترونية من إيران وغيرها. وبهذا صارت “أكثر اعتمادا على الجيش الأمريكي في أي طوارئ خطرة جدية”، كما قال انتوني كوردسمان، الباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية.
* ماذا تريد الولايات المتحدة؟
نظرت الولايات المتحدة إلى المملكة العربية السعودية باعتبارها مصدرا للاستقرار في المنطقة، وهو حليف بدأت أهمية احتياطياته النفطية تقلَ في الآونة الأخيرة بالنسبة للمصالح الأمريكية.
“الرؤساء الأميركيون يريدون علاقة لائقة مع البلد الذي يصدر نفطا أكثر من أي دولة أخرى في بقية العالم”، كما قال غريغوري غوز الثالث، وهو أستاذ في كلية بوش للحكومة والخدمة العامة في جامعة تكساس.
عملت المملكة العربية السعودية مع الولايات المتحدة في حملة ضد القاعدة، ومؤخرا ضد “تنظيم الدولة”، وهي مجموعة يُنظر إليه على أنها خطر إقليمي وتهديد مباشرا للأمن الأميركي. وتطلعت الولايات المتحدة إلى مساعدة المملكة في جهودها لإنهاء الحرب السورية.
وتريد أيضا إدارة أوباما تغييرات داخل المملكة العربية السعودية، وقال مسؤولون إن أوباما سيثير قضية حقوق الإنسان، ولكن لا يُتوقع أن يطغى هذا الموضوع على المخاوف الأمنية.
ويقول مسؤولون في البيت الأبيض إن التحالف لا يزال قويا. ورغم ذلك، اعترف روب مالي، مستشار الرئيس لشؤون الشرق الأوسط، الأسبوع الماضي، أن “وجهات نظرنا لم تكن دائما متوافقة تماما مع آراء بعض شركائنا في المنطقة، وخصوصا المملكة العربية السعودية”.
* كيف سارت الأمور على نحو مغاير؟
من وجهة نظر السعوديين، فإن تقويض الثقة في دعم الولايات المتحدة كان في عام 2011 بسبب ما اعتبروه فشل أوباما في دعم حسني مبارك، الرئيس المصري المخلوع، خلال الربيع العربي. وقد اهتزَت كذلك عندما اعتبر أوباما استخدام الحكومة السورية للأسلحة الكيماوية خطا أحمر، ثم لم يتحرك عسكريا لفرض ذلك. وقال أوباما إنه فخور بضبط النفس في اللحظة الأخيرة، إلا أن هذا أثار تساؤلات السعوديين حول التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها في المنطقة.
وفي السنوات التي تلت، تحولت تلك الأسئلة إلى قلق عميق، لا سيَما عندما انخرط أوباما مع إيران في مسعى للتوصل إلى اتفاق لإنهاء برنامجها للأسلحة النووية. وقد أشاد مسؤولون أميركيون بالاتفاق الذي أنجز في العام الماضي.
داخل المملكة العربية السعودية، رأوا في ذوبان الجليد بين الأمريكيين والإيرانيين تحولا خطرا في ميزان القوة في المنطقة. ذلك أن السعوديين يخشون هجمات تقليدية وإرهابية من إيران، ويتخوفون من تراجع الولايات المتحدة عن الالتزام بالدفاع عنها، وهو ما حافظت عليه منذ عقود.
“بالنسبة للمملكة العربية السعودية، فإنها قضية وجودية”، كما قال الباحث كوردسمان، مضيفا: “وبالنسبة لنا، فإنها مشكلة إقليمية أخرى”.
ثمة مشكل آخر، وفقا للكاتب، هو الشك الذي طال أمده بين البعض في أمريكا والحكومة السعودية أو بعض مسؤوليها في تدبير هجمات 11 سبتمبر 2001. في الأيام الأخيرة، حذر مسؤولون سعوديون المشرعين الأمريكيين أنهم قد يبيعون مئات المليارات من الدولارات من الأصول الأمريكية إذا أقر الكونغرس مشروع قانون يُعرض الحكومة السعودية للمساءلة القضائية في محاكم الولايات المتحدة في أي دور لها في الهجمات.
ومع ذلك، قال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية إن العلاقة الآن، وقبل يوم من زيارة أوباما، أفضل مما كانت عليه قبل عامين، بعد حادثه “الخط الأحمر” في سوريا. وقد بذل وزير الخارجية جون كيري ومدير وكالة المخابرات المركزية، جون برينان، جهودا لإصلاح العلاقات، أدت إلى مساعدة السعودية في التوسط لوقف إطلاق النار في سوريا والتعاون مع الولايات المتحدة في محاولات إنهاء حرب اليمن.
وإذا كان السعوديون مستعدين لفتح صفحة جديدة فيما تبقى من رئاسة أوباما، فهم قلقون أيضا من القادم، خصوصا إذا أصبح دونالد ترامب أو السناتور تيد كروز الرئيس المقبل. من وجهة نظر السعوديين، كما رأى الكاتب، قد تمثل هيلاري كلينتون العودة إلى هذا النوع من السياسة الخارجية التي يحنَون إليها عندما كان زوجها رئيسا للبلاد. ولكن لا شيء مؤكد في هذا الموسم السياسي.