جبهة النصرة تفقد زخمها الشعبي خلال الحرب السورية

19 أبريل، 2016

واشنطن بوست- إيوان 24    بيروت- تمثل القوات التابعة للقاعدة في سوريا قوة مهددة، فقد أطاحت بالمتمردين المعتدلين في الوقت التي تقاتل فيه القوات الحكومية. لكن جبهة النصرة قد أطلقت في الأسابيع الماضية ردت فعل عنيفة.   قام متساكني محافظة ادلب،في الشمال الغربي لسوريا التي تسيطر عليها المعارضة، بالاحتجاج ضد الطرق الخرقاء التي تستعملها هذه المجموعة. وقد أضطر مقاتلي جبهة الناصرة إلى الانسحاب من مدينة في المنطقة بسبب تصاعد موجات الغضب في صفوف متساكينيها جراء الهجوم الذي قاموا بتنفيذه ضد مجموعة من المتمردين تدعمهم الولايات المتحدة ومحاولتهم تعطيل المسيرة المناهضة للحكومة.   مكنت حالة الفوضى التي طغت على الحرب الأهلية في سوريا في تعزيز نفوذ جبهة النصرة والعديد من المتطرفين، لكن تصريحات المحللين تؤكد أنه لا لم يتم إسكات فورة الإحباط الغير عادية التي اكتسحت البلاد ضد اشارت المجموعة الإسلامية معتدلة الأصوات.
بالإضافة إلى ذلك، يشير المحللون أن سلسلة الانهزاميات المتكررة لتنظيم الدولة على يد جبهة النصرة تضاف إلى التأكيدات السابقة أنة من الصعب هزم هذه الجماعة.   وقد صرح السيد فواز جرجس، أستاذ سياسات الشرق الأوسط في معهد لندن للاقتصاد والخبير في التحركات الإسلامية، “أننا نشهد بداية موجات شعبية جديدة من الاحتجاج والغضب والمقاومة لجبهة النصرة، وهذه من شأنها أن تتصاعد بسهولة لخلق ثورة شعبية. وقد نجحت جبهة النصرة في التغلب على الكثير من الانتكاسات الخطيرة في الماضي أثناء سعيها لحكم سوريا وإخضاعها لنظام إسلامي.  وقد قرر البعض من مناصري الجبهة الانضمام إلى تنظيم الدولة الذي طغى بعد ذلك على سلف تنظيم القاعدة من خلال إعلانها عن الخلافة الإسلامية في 2014 في الأراضي التي تحتلها في العراق وسوريا.    وقد واجه مقاتلو الجبهة الغارات الجوية المكثفة من جهة قوات التحالف العسكري الذي تقوده الولايات المتحدة وروسيا الذي تدخلت في النزاع نيابة عن الرئيس السوري بشار الأسد. ولا تزال جبهة النصرة تمتلك القوة والسلطة و الاحترام النافر من قبل الشعب كونها المجموعة الناجحة في القتال ضد قوات الأسد. وحرصاً منها على عدم إغضاب الشعب، سعى جنود الجبهة السوريون وغير السوريون إلى تجنب الوحشية التي تمارس عليهم من قبل تنظيم الدولة. وهي تعرف بالنزاهة. وقاموا بالإطاحة بمنافسيهم بالمعارضة مع كل ماتوفر لديهم من أسلحة وإرادات مالية حيث أنهم يرونهم مفسدون وضعفاء، بما فيهم المتمردين الذين حصلوا على أسلحة مضادة للدبابات من الولايات المتحدة.    ويفيد محللون أن المتمردين يخشون الاشتباكات مع مقاتلي الجبهة. ويضيف الأستاذ أيمن التميمي، عضو في منتدى الشرق الأوسط ودرس الجماعات المتطرفة في سوريا، أن” غالباً أما يجد الجماعات المعارضة لحكومة الأسد أنفسهم يقاتلون جنباً إلى جانب مع الجبهة، وهم دائماً يحاولون تجنبهم إقراراً منهم أن الاحتكاك بهم سيولد ثورة.”   مع ذلك، جبهة الناصرة تفقد الدعم اليوم من أهالي ادلب، المحافظة التي يتمركز فيها مقاتلوها والجنود الإسلامية الموالية لها ويمارسون فيها نفوذهم. يتهم السكان هذه الجماعة أنهم يطبقون الشريعة الإسلامية بشكل متشدد كمنع الاختلاط في الأماكن العامة وتطبيق الإعدام على الزناة ومصادرة أملاك الغير مسلمين.   وقد قام المقاتلون في سيف 2015 بإطلاق النار على ما يربو عن عشرة أعضاء من مجموعة دروز  الإسلامية السورية. وقد حظي هذا الحادث بكثير من الانتقادات حتى من المقاتلين المتمردين الإسلاميين الآخرين المتحالفين مع المجموعة.   وقد صرح الناشط البارز في ادلب “إننا نشعر إننا نختنق بسبب النصرة، أنهم يتصرفون مثل تنظيم الدولة”. وقد تجذر الحافز للمسيرات الاخيرة ضد الجماعة من إتفاق إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا والولايات المتحدة لتعزيز محادثات السلام في جنيف. انطلقت الدورة الثانية لهذه المحادثات الأربعاء المنصرم. وقد نص اتفاق إطلاق النار على إقصاء جبهة النصرة وتنظيم الدولة، جاء كمحاولة للإيقاع بالمتشددين والسوريين.    ويقول اندرو تابلر،الخبير في الشؤون السورية في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن “المعارضة والجبهة يمتلكان أهدافاً مشتركة في أنهم يريدون محاربة حكومة الأسد، ولكن الاختلاف بينهم ظاهر في وقف الهجمات العدائية”.   وقد انخفضت حدة الهجمات التي تشنها الطائرات الحربية الحكومة بعد اتفاق وقف إطلاق النار، على الرغم من أن الهدنة تبدو على وشك الانتهاء. وقد استفاد العديد من متساكني المناطق التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا من وقف المظاهرات المناهضة للحكومة.    وقد أقدمت مجموعة من المواطنين، في 11 مارس/شباط المنصرم، على عقد مسيرة وطنية في معرة المعمى، وقد رفع فيها المواطنون أعلم المعارضة السورية ورددوا شعارات ثورة 2011. وقد تدخل إسلاميو جبهة النصرة بإقحام المظاهرات بالدراجات النارية، محاولةً منهم لتفريق المتظاهرين، زعيمين أنها لا تتوافق مع المعتقدات الإسلامية التي تطبقها الخلافة.   وقد استهدف المسلحون في اليوم التالي فصيلة الجيش السوري الحر الثورية عرفت ب”Division 13” شاركت في المظاهرات واعتقلت أعضاءها ومصادرة الأسلحة. وتصاعد على إثرها التوتر بشكل كبير.   وقد حاربت هذه الفرقة ولكنها انهزمت وقد قتل البعض منها وأعتقل البعض الأخر على يد الجبهة.  ثم انضم مئات السكان من القرية، بما في ذلك الأطفال، إلى دفاع “الفرقة 13”  ونظموا مسيرات كبيرة،  اقتحموا المباني التي تستخدمها جبهة النصرة وشوهوا رموزها. وقد أجبر المتظاهرون، الذين ظهرت صورهم على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يضمرون النيران في مرافق المحاربين، المجموعة على ترك المدينة، و قد شارك في ذلك المتمردون الإسلاميون.  وقد وافقت الجبهة على أخذ تحكيم من محكمة إسلامية في حل النزاع مع “فرقة 13”.     وقد قال السيد زكريا قطز، الناطق الرسمي بسم الفرق 13 أن ” الناس أصبحت غاضبة جراء الضغط المسلط من الجبهة والذي امتد إلى تدخلهم في حياتهم اليومية وفرض أجندتهم الخاصة عليهم.لذلك عندما وقعت مشاكل مع الفرقة 13، انفجرت كل الناس غضبا ضد النصرة ودعما لنا.”   وقد أكدت قوات المتمردين أن جبهة النصرة قد أطلقت  على إثرها مقاتلي الفرقة 13 ،  ولكن المزيد من الانفجارات العامة ضد جناح القاعدة تبدو ممكنة، إن لم تكن محتملة.   “النصرة تتظاهر أن ليست كتنظيم الدولة، و لكنها مثله. وهذا ما يجعلهم منافقين” هذا ما صرح به  محام في معرة النعمان الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة, “على الأقل تنظيم الدولة صادق بشأن ما يفعله.”  

19 أبريل، 2016