الأسلحة السرية التي مكنت أمريكا من قيادة العالم

20 أبريل، 2016

أبوزريفاتل- إيوان 24

لاحظ العديد من الخبراء أنّ الانتخابات الرئاسية التمهيدية في الولايات المتحدة الأمريكية كانت أكثر تركيزا على الشخصيات منها على السياسات. حيث ركّزت جميع الأطراف على اختيار المرشّح الذي سيمثلهم، في انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني.

 وكان كلّ مرشّح يُظهر في حملته، قدرته على الاستثمار في مجال الابتكار، خلق الأعمال وفرص العمل، جعل الأميركيين أكثر صحة وأكثر أمنا، ومحاربة الفقر في أمريكا والبلدان الفقيرة  في العالم. وهذه أبز الشروط التي  يبحث عنها الأمريكيون في رئيسهم القادم للولايات المتحدة.

وأمّا في ما يخصّ الابتكار في أمريكا، نلاحظ أنّ البلاد على حافة المقاطعة مع هذا المجال منذ أكثر من قرنين من الزمان، أي منذ  “بنيامين فرانكلين”، “مارغريت نايت” و”توماس اديسون”.

وقد بدأت الولايات المتحدة بعد نهاية الحرب العالمية الثانية تشقّ طريقها في العديد من المجالات مثل صناعة السيارات، الفضاء، الإلكترونيات، الطب وغيرها…. و كانت معادلة النجاح بالنسبة لها بسيط، وتتمثل فقط في تمويل مؤسسات البحث العالمي والتكنولوجي لتنتج تكنولوجيات جديدة ثمّ يقوم رجال الأعمال الأميركيين بإخراجها إلى السوق.

وأما اليوم فإننا نجد أنّ الوضع تغير لأنّ أغلبية الدول أصبحت تتنافس على الزعامة العالمية، ولم يعودوا يولون أهمّية لقيمة الابتكار.

 فمنذ عام 2000 تضاعفت قيمة الإنفاق على البحث العلمي والتطور التكنولوجي في كلّ من كوريا الجنوبية والصين، لتصل إلى قرابة 90 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي في حين أنها بقيت على حالها في الولايات المتحدة.

 إنّه لشيء رائع أن يكون العالم كله يسعى إلى الاستثمار في التطور التكنولوجي، ولكن الولايات المتحدة إذا ما تزال تنوي الحفاظ على دورها الريادي، فعليها أن ترفع من مستواها في هذا المجال.

كان الطالب في الولايات المتحدة عام 1960 لا يستطيع امتلاك جهاز الكمبيوتر بسهولة، لأنه في بدايته كان مكلفًا جدا، ولكن بعد ذلك كانت هناك ثورة علمية تمكّن من خلالها الباحثون بفضل تمويل الحكومة الأمريكية، من إحداث تغيرات جذرية.

 ومن بين الأمور الأخرى، نذكر ظهور شركة مايكروسوفت، التي تسمح بكتابة البرامج على الكمبيوتر ليصبح أداة لا تقدّر بثمن في زيادة الإنتاجية. وفي وقت لاحق، ظهور شبكة الإنترنت التي ساهمت في تمويل البحوث وتغيير الوضع مرة أخرى.

 ولذلك فإنه ليس من قبيل الصدفة اليوم، أن تكون الأغلبية العظمى من الشركات الرائدة في مجال التكنولوجيا أمريكية وإنجازاتها لا يزال لها تأثير كبير على جميع مجالات النشاط البشري.

وأمّا في ما يتعلق بمجال الصحّة، فالاستثمارات الأميركية في هذا المجال خلقت العديد من الوظائف ذات الرواتب العالية في الجامعات، شركات التكنولوجيا الحيوية والمختبرات الحكومية.

 وساعد ذلك إلى التوصل إلى طرق جديدة لعلاج بعض الامراض مثل السرطان، واحتواء الأوبئة الفتاكة مثل الايبولا وزيكا.

ومنذ عام 1990، انخفضت نسبة الأطفال الذين يموتون قبل 5 سنوات بأكثر من مرتين، وهذه تعتبر من أفضل الإحصائيات في تاريخ البشرية، وميزة كبيرة للولايات المتحدة.

وخلال السنوات القليلة القادمة قد تجلب البحوث في هذا المجال المزيد من النتائج مثل التي توصل إليها الباحثون بخصوص القضاء على شلل الأطفال، الذي كان المرض الثاني الذي يدمّر الجنس البشري، بعد مرض الجدري.

وهناك أيضا تقدم كبير في مكافحة الملاريا، التي انخفض عدد الوافيات   بسببها بين سنتي 2000 و 2012 بنسبة تفوق 40 بالمائة، ويعود ذلك إلى دعم الولايات المتحدة لتطوير الأدوية. ولكن لتحقيق أقصى استفادة من هذه الفرص، يجب زيادة الاستثمار في الأبحاث الطبية الأساسية.

والمجال الثالث الذي راهنت عليه الولايات المتحدة هو مجال الطاقة، حيث ركّزت على تمويل الدراسات التي تهتمّ بإنتاج الطاقة، وخاصّة منها المتجدّدة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

 وقد أسفرت هذه الدراسات على عوائد ضخمة بين عامي 1978 و 2000، حيث أنفقت وزارة الطاقة في الولايات المتحدة 17.5 مليار دولار على الأبحاث في مجال الكفاءة واستخدام أنواع الوقود الأحفوري الذي أثمر على منافع اقتصادية بقيمة 41 مليار دولار. ومع ذلك، فإننا نجد أنّ ميزانية البحوث لم تزدها وزارة الطاقة منذ عهد ريغان.

وإذا قامت الولايات المتحدة بالاستثمار في هذا القطاع اليوم، فإنّه يمكنها خلق فرص عمل جديدة وتطوير التقنيات لتضمن الاستقلال في مجال الطاقة وتوفّرها بأسعار معقولة، فاليوم هناك ما يقارب عن 1.3 مليار نسمة يعيشون تحت خط الفقر.

وختاما، الاستثمارات في مجال البحوث والتنمية بالولايات المتحدة ليست متصلة بما تختاره الحكومة الفائزة أو الخاسرة، بل هي تمهّد الطريق أمام أصحاب المشاريع، لأنّها أساس القيادة في الولايات المتحدة منذ عقود، ويجب أن تزيد أهميتها في السنوات القادمة.

فبحلول نهاية هذا الصيف، ستبدأ الأحزاب السياسية باختيار قادتهم و التحضير للانتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني. وكلّ المرشحين قدّموا رؤيتهم وخططهم في هذا المجال، ولكن رغم أوجه التشابه، إلاّ أنّهم جميعا يدركون جيّدا أنّ مستقبل أمريكا في قيادة العالم، سيكون دائما مرتبطا بالدور الهام الذي يلعبه الابتكار.