صورة مازن درويش بعد خروجه من اعتقال ثلاثة سنوات تثير تساؤلات بانتظار تبريرا من مازن
22 أبريل، 2016
هزتني وفطرت قلبي صورة المناضل مازن درويش الحاصل على ثلاث جوائز عالمية خلال فترة سجنه التي اقتربت أو تجاوزت الثلاث سنوات في زنازين ومهاجع ومعتقلات وسجون النظام السوري القمعي، والذي لم تبق منظمة حرية صحافة ودفاع عن معتقلين في الشرق والغرب إلاّ وأصدرت بيانات تندد باعتقاله، وتتخوف على حياته في معتقلات النظام السوري الرهيبة، سيئة الصيت والمعروف عنها ممارسة أبشع وأشد أنواع التعذيب بحق المعتقلين، وحكايات وصور التعذيب فيها لا تحتاج لأدلة أو براهين.
الصورة التي نشرتها مؤخراً المناضلة ميس كريدية للمناضل مازن درويش في بيتها في دمشق بعد خروجه من السجن ومن ثم تبرئته من التهم التي وجهت إليه، تقدّم دليلاً لا يقبل الدحض، ولا يدع مجالاً للشك عن عنف وشراسة وإجرام النظام السوري، وعدم احترامه لحقوق الإنسان ولممارسته أبشع وأشد أنواع التعذيب ضد معتقليه.
قد تبدو صورة مازن درويش خادعة للبصر للوهلة الأولى، فيعتبرها غير المدقق والذي لا يعرف شكل مازن درويش قبل اقتياده إلى المعتقلات السورية عادية: رجل بكامل صحته و”مربرب” حسب التعبير العامي، بوجه دائري تبدو عليه علامات الراحة والحبور، يتناول ثلاث وجبات غذائية في اليوم مليئة بالنشويات والسكريات والبروتينات والكربوهيدرات، وينام جيداً بعمق لمدة لا تقل عن ثمانية ساعات يومياً، وليست لديه هموم تعكّر صفو تفكيره وهدوء وجهه، وهي صورة تتنافى مع كل صور المعتقلين التي سربها لهم من أُطلق عليه اسم قيصر الذي كان مكلفاً بتصوريهم في السجون السورية عقب انشقاقه وانتشرت على نطاق واسع، ومع الفيديوهات والصور التي نشرت لمعتقلين بأجساد أقرب شبهاً بالأشباح والهياكل العظمية المغطاة بطبقة خفيفة من الجلد.
القراءة السطحية لصورة المناضل مازن درويش تؤدي إلى هذا الاستنتاج التبسيطي الساذج، لكن الحقيقة والواقع ومن يهتم بالولوج إلى العمق ولا يقف عند السطح، ويقرأ مابين السطور ولا يكتفي بالسطور، ومن يدخل إلى المعنى ولا يتوقف أمام المبنى، ومن يهمه الباطن ولا يقنع بالظاهر، يستطيع أن يفهم ويعي ويدرك لآلية التعذيب الجهنمية التي تعرض لها الرجل، فجزء من تعذيبه كان إجباره على تناول ثلاث وجبات دسمة غنية بالسعرات الحرارية في اليوم، إن لم يكن أكثر، وإمعاناً في تعذيبه وإذلاله لم يسمح له النظام القمعي بالذهاب يومياً إلى نادٍ رياضي، لأداء بعض التمارين، التي يمكن أن تساعده على التخلص من وزنه الزائد، والاحتفاظ بقوام رشيق، وإذا أضفنا لعاملي الطعام الدسم وقلّة الحركة والنشاط، احتجاز الرجل هذه المدة الطويلة بما تعنيه من وقت فارغ، يتسلى الناس فيه عادة بالطعام والشراب إذا لم يكن لديهم أمر يشغلهم ويقلق بالهم، سنكون أمام حالة اكتئاب قاسية تعرّض لها السجين، وساهمت في زيادة وزنه بهذه الطريقة الملفتة للنظر والمثيرة للقلق!
بغير هذا التحليل لآلية التعذيب الشيطاني الممنهج الجديدة التي تعرض لها المناضل مازن درويش، التي أضافتها المخابرات السورية لمدرستها في التعذيب، وهي وحدها تملك براءة اختراعها، ستكون الجوائز الدولية الثلاث وآلاف الصفحات من البيانات والاستنكارات والتنديدات، عن القلق لاعتقال المناضل مازن درويش، والقلق على حياته، والقلق من اختفائه داخل السجن وانقطاع أخباره، والقلق من نقله من سجن إلى آخر، والقلق من جلسات محاكمته وحضوره أو تغيبه عنها، والقلق من الحكم عليه بالإعدام، أمراً مثيراً للسخرية بالمقارنة مع صورته بصحته الكاملة بعد خروجه من السجن في بيت المناضلة ميس كريدية، وحكم البراءة الذي صدر بحقه من أكثر محاكم الدنيا عدلاً وإنصافاً وحيادية، وأقصد محكمة الإرهاب في سورية.
بقي لدي أمر واحد أحب أن أضيفه بشأن مدارس التعذيب المسجلة حصرياً باسم المخابرات السورية، وهي تملك وحدها براءة اختراعها، منها التعذيب باستخدام الفيسبوك والتويتر داخل السجن التي مورست لتعذيب المناضل لؤي حسين فأجبر على استخدامهما لكتابة تغريدات وستاتوسات يُضمنها رأيه السياسي الكامل الحرية في الأحداث على الساحة السورية من معتقله، ومنها أسلوب التعذيب بإضافة كوكتيل الحليب والفريز إلى لائحة الطعام التي تُقدم للمعتقل في سجون الأمن السياسي بدمشق، واستدعاء الطبيب الخاص بالمعتقل إلى زنزانته، وترك له حرية الاتصال بمن يريد من داخل السجن، وهو التعذيب الذي تعرض له المناضل السابق نبيل فياض
ا
https://play.google.com/store/apps/details?id=com.syria.jmyz_ufqecwxydcjftw