رسالة أحمد معاذ الخطيب إلى قائدي جيش الإسلام وفيلق الرحمن بخصوص الاقتتال بينهما
28 أبريل، 2016
أحمد معاذ الخطيب: فيسبوك
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأفاضل : عصام البويضاني قائد جيش الإسلام – النقيب عبد الناصر شمير قائد فيلق الرحمن.
القادة والمسؤولون العسكريون والأمنيون والشرعيون في فيلق الرحمن وجيش الإسلام ، حفكم الله جميعاً برعايته وتوفيقه.
سلام الله عليكم ورحمته وبركاته وبعد:
ففي لحظات صعبة احتبست فيها الأنفاس ، وبلغت القلوب الحناجر وارتفعت فيها الأيدي وضجت الألسن بالدعاء واستدعاء الفرج لشعب قد طاله الموت من كل جانب ، تصلنا أخبار متواترة حول ما يجري في الغوطة مما يدمي القلب ، بل يقتل الههم والعزائم ، وقد اتصل بي أخ صمد في السجون وذهب ماله ولم تستطع المحن أن تنال منه قائلاً : يا ليتني مت قبل أن أسمع أن مجاهدَين يقتتلان في الغوطة ثم اتصلت بعدة إخوة في الداخل وإذا بصوت الرصاص خلف أحدهم فسألته : أهو هجوم للنظام عليكم؟ فقال والدمع في صوته : بل مجاهدون يقتحمون معاقل بعضهم!
أيها الإخوة : إن ما يجري صار تحت سمع الناس وأبصارهم جميعاً ، لا في الغوطة وحدها بل في كل العالم ، وإذا بقينا هكذا فسننكسر جميعاً ، وأنتم ترون صمت الدول كلها عن ذبح أهلنا وقصف المدنيين من الجزيرة إلى حوران ومن الغوطة إلى الساحل ، وهاهي حلب الشهيدة تُدَمَّر ويُستشهد آخر طبيب أطفال فيها ، والعديد من الفصائل قدم روحه فداء لأهله وآخرون يجرون الانكسار والعزيمة بكثرة خلافاتهم وتمزقهم.
إن الثورات لا تنكسر أبداً إلا عندما يتخلى اصحابها عنها ، ويسمحون للنزاعات أن تمشي بينهم ، وإن أكبر نصر يكمن في الإيمان والاتحاد ، وأكبر مقبرة للثورات هي التنازع والأنانية الجماعية وحب الذات.
هل نستجيب لنداء الهيمنة والسلطة والدم فينا إذ ينادي : تخاصموا واقتتلوا ، واطلقوا رصاصكم على بعضكم ، والنظام يحيط بكم إحاطة السوار بالمعصم ، ثم بعد ذلك فليتعبر كل فصيل نفسه خلاصة الجهاد ، ولينظر إلى إخوانه بسوء الظن ، ولنفسه بعين العصمة ، وليعتقد أن منهجه أصوب المناهج ، وليكن خاتماً في يد هذا الطرف أو ذاك ، وليجعل الناس تحن إلى النظام مع توحشه ، ثم ليقتحم على إخوانه ، ويطلق الرصاص عليهم ، ويسفك الدم الحرام من فلذات أكبادنا وشبابنا ، وقبلها فلُيقم الحواجز في وجوههم ، وليطردهم من مقراتهم ، وليقابل الإساءة بالإساءة ، والعدوان بعدوان أشد وأقسى ، وليلم في سجونه ما استطاع من إخوانه ، ويستولي على أسلحتهم ومعداتهم بل ليسطوَ حتى على لباسهم وأحذيتهم.
هناك سنة ربانية لا تتخلف : ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) ، فإما أن نفقهها أو نضيع جميعاً.
ماهذا الظن بكم يا أبا هُمام ويا أبا النصر ، سدد الله رأييكما وحفكما بالتوفيق ، وإنا لنثق بحكمتكم ودينكم ، وما يجري ظروف حرب وتراكمات طويلة وجهل عوام وتعصب أنفار وعلينا جميعاً السعي لتدراك ذلك قبل أن يدمر كل شيء ويتسع الخرق علينا جميعاً ، وأزيدكم أن الخلافات لن يسر بها النظام وحده بل أطراف ماكرة ، بعضها يتظاهر بحبكم ، ثم يحرش بينكم وقد وضع أسماءكم جميعاً للتصفية والاغتيال لوأد الثورة وإنهاء درب الحرية الذي دفع شعبنا من أجله ما يقارب مليون شهيد ، وما اغتيال أبي عبد الله إلا فصل من مأساة لن يصد غاراتها إلا تفاهمكم وتوحدكم وعودتكم إلى معاقد الإيمان ومواثيق أهل الحق.
أختم كلامي بحديث النبي صلى الله عليه وسلم : يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ : مَا قَالَةٌ بَلَغَتْنِي عَنْكُمْ وَجِدَةٌ وَجَدْتُمُوهَا عَلَيّ فِي أَنْفُسِكُمْ ؟ أَلَمْ آتِكُمْ ضُلّالًا فَهَدَاكُمْ اللّهُ وَعَالَةً فَأَغْنَاكُمْ اللّهُ وَأَعْدَاءً فَأَلّفَ اللّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ
قَالُوا : بَلَى ، اللّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنّ وَأَفْضَلُ . ثُمّ قَالَ أَلَا تُجِيبُونَنِي يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ ؟
قَالُوا : بِمَاذَا نُجِيبُك يَا رَسُولَ اللّهِ ؟ لِلّهِ وَلِرَسُولِهِ الْمَنّ وَالْفَضْلُ
قَالَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ : أَمَا وَاَللّهِ لَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ فَلَصَدَقْتُمْ وَلَصُدّقْتُمْ أَتَيْتَنَا مُكَذّبًا فَصَدّقْنَاك ، وَمَخْذُولًا فَنَصَرْنَاك ، وَطَرِيدًا فَآوَيْنَاك ، وَعَائِلًا فَآسَيْنَاك.
أَوَجَدْتُمْ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ فِي أَنْفُسِكُمْ فِي لُعَاعَةٍ مِنْ الدّنْيَا تَأَلّفْت بِهَا قَوْمًا لِيُسْلِمُوا . وَوَكَلْتُكُمْ إلَى إسْلَامِكُمْ أَلَا تَرْضَوْنَ يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ أَنْ يَذْهَبَ النّاسُ بِالشّاةِ وَالْبَعِيرِ وَتَرْجِعُوا بِرَسُولِ اللّهِ إلَى رِحَالِكُمْ ؟
فَوَاَلّذِي نَفْسُ مُحَمّدٍ بِيَدِهِ لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ ، وَلَوْ سَلَكَ النّاسُ شِعْبًا وَسَلَكَتْ الْأَنْصَارُ شِعْبًا ، لَسَلَكْتُ شِعْبَ الْأَنْصَارِ . اللّهُمّ ارْحَمْ الْأَنْصَارَ ، وَأَبْنَاءَ الْأَنْصَارِ . وَأَبْنَاءَ أَبْنَاءِ الْأَنْصَارِ
. قالَ فَبَكَى الْقَوْمُ حَتّى أَخْضَلُوا لِحَاهُمْ ، وَقَالُوا : رَضِينَا بِرَسُولِ اللّهِ قَسْمًا ، وَحَظّا .
يا أباهمام ويا أبا النصر سلمكما الله : والله إن الظن بكما أنكما ما خرجتما تبحثان عن لُعاعات الدنيا ولو شئتما لحصلتما عليها ، ولكان بين يديكما المال الوافر والشهرة وفتحت لكما ولأمثالكما الأبواب كما فتحت لغيركما من تجار الدم ولصوص الثورة وعملاء الدول وأحذيتها في أرضنا ، ولكنكما ( ولا نزكي على الله أحداً) آثرتما مع إخواننا الله والدار الآخرة ، ولا يعلم إلا الله متى يلتحق أحدكما بموكب أهل الجِنان ، وقمتما لهذا الشعب تنتصران له ، فكونا له ومعكما كل إخواننا ، القائدين الأبوين ، الحازمين الرحيمَين الحكيمين الذين إن ضاقت الأمور بالناس فزعوا إليهما ، وإن احمرت الحدق اتقوا بهما.
أطلب منكما أيها القائدان الفاضلان باسم أهل الغوطة جميعاً ، وشبابنا المجاهد الصامد الصابر ، وباسم الحرائر في السجون والمعتقلين في الزنازين والأمهات والأرامل والأيتام ، بل أطلب إليكم بما هو أعظم : حق الله عليكما ، ومحبتمكا لديننا وأهلنا وبلدنا ما يلي :
1- إصدار أمر بعد إطلاق النار لأي سبب بين المجاهدين ، وإطلاق سراح من اعتقل.
2- تجميد صلاحيات الإخوة الذين تسببوا في الإشكالات ريثما يتم البت فيها.
3- اجتماع قيادي خاص بين الأخ أبي هُمام والأخ أبي النصر ، ووضع مسودة تفاهم بينهما.
4- اجتماع للقيادات المسؤولية للتشاور ووضع صيغ تنفيذية لمسودة القائدين.
5- تشكيل مجموعة عمل ملزمة لرد المظالم ، والحرص على عدم تكرار ماحدث.
6- إصدار بيان مشترك للم القلوب وطمأنة الناس ، وتوحيد هم المجاهدين.
سدد الله رأيكم جميعاً ، وجعل النصر على أيديكم ، وكنتم لشعبنا الخير العميم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أخوكم : أحمد معاذ الخطيب
28 نيسان 2016