انتخابات حماة… شبيحة ساقطون وبعثيون صاعدون

1 مايو، 2016

حذيفة العبد: المصدر

تميزت الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب في حكومة النظام والتي جرت في الثالث عشر من أبريل/نيسان الجاري بنوعية المرشحين لهذه الانتخابات، وكانت الصفة العامة للمرشحين في سوريا عموماً وفي حماة خصوصاً هي (التشبيح) والحملات الانتخابية كانت بحسب نفوذ المرشح وتعداد المجموعات التي يتزعمها من ميليشيات (الشبيحة).

وبحسب ناشطين من مدينة حماة فإن المرشحين وداعِميهم في الانتخابات كانوا من الذين تلطخت صفحاتُ تاريخهم بدماء شعب مسحوق مقهور، واقتاتوا – ويقتاتون – من معاناة شعوبهم، ويتاجرون بآلامه.

وسلطت صحيفة (حماة اليوم) التي يديرها ناشطو مركز حماة الإعلامي، الضوء على أبرز مرشحي مجلس الشعب من محافظة حماة مستعرضين شيئاً من فضائح تلك الانتخابات – إنْ جازتِ التسمية  – هذه الانتخابات التي صُبغَت بألوان – التشبيح  – سيّما إذا علمنا أنّ المرشحين و داعِميهم من التجار و المشاركين في الاحتفالات و الخِيَم الانتخابية كلْهم من فئة ( شبيح ).

المرشحون وتوصيفاتهم

من أبرز المرشحين في حماة كان أحمد النبهان المكنى أبو رضا، وحسن النعيمي الحلاق، وعمّار الجمل، وغزوان السمّاك، وغيرهم، وفيما يتعلق ببيان تفصيل تاريخ كل اسم من الأسماء المذكورة نقل ناشطو المركز عن هاشم الناجي، رئيس مركز التوثيق والأرشفة الثوري في قطاع حماة قوله “إنّ أغلب مَنْ تمّ ترشيحهم لعضوية مجلس الشعب عن محافظة حماة إنّما هم من الشبيحة الذين عُرفوا بالفساد والإجرام والإساءات لأهالي حماة، و تاريخ كلّ اسم غنيّ عن التعريف”.

أحمد النبهان هو مختار بلدة قمحانة التي يمكن وصفها بأنها من أكثر البلدات ولاءً للنظام في حماة، حيث سلكت طريقها في دهاليز التشبيح و الظلم و القتل، و أحمد النبهان، بحسب الناجي، هذا شبيح معروف في صفوف الشبيحة وأهالي مدينة حماة  بكنية (أبو رضا)، و هو قائد مليشيات تابعة للمخابرات الجوية، علماً أنّ بلدة قمحانة كانت السباقة لتشكيل مجموعات الدفاع الوطني – اللجان الشعبية – التابعة للمخابرات الجوية، بل إنّ العقيد سهيل الحسن كان يعتمدُ على شبيحة قرية قمحانة تمام الاعتماد حتى إنّ مرافقته و حراسته الشخصية من شبيحة قمحانة.

أمّا حسن النعيميّ، فقد تابع (الناجي) موضحاً أنّه معروف بين الحمويين باسم (حسن الحلاق) وهو شبيح قرية الجاجية الأول وقائد مجموعات التشبيح فيها، وتعرّضَ لإصابة في رجله في محاولة اغتيال أكثر من مرة، و قد بدأ عمله التشبيحي برتبة “مُخْبِر” ثم تطور حاله حتى غدا قائد مجموعات التشبيح في قرية الجاجية.

وقدم “الناجي” سيرة موجزة لـ (عمار الجمل) مظهراً تواصلَه و تنسيقه مع المخابرات الجوية والشبيح المعروف (طلال الدقاق) الذي يعتبر صديقه المقرّب؛ حيث بينهما أعمال تشبيح في مجالات تجارة المخدرات و تبييض الأموال وتهريبها خارج البلاد، وعمار الجمل هذا معروف بلقب (الدكتور).

أمّا غزوان السماك، فهو معروف بين الحمويين بفساده الأخلاقيّ وصيته السيئ وعلاقاته الواسعة مع قيادات المدينة الأمنية؛ والذي رشّحَ نفسه عدة مرات قبل الثورة، وله عبارة طالما رددها مفتخراً بفساده وترويجه للدعارة معلقاً على مَنْ ناقشه في آلية تحصيله لأصوات الناخبين قائلاً: “يكفيني أنْ تنتخبني مومسات أبو قبيس وشطحة ونهر البارد”، وهذه أسماء مناطق في السفح الشرقي لجبال اللاذقية، ومعروفة بأنها بؤرة الانحلال الأخلاقي والملاهي الليلية في ريف حماة الغربي.

حملاتُ المرشحين الانتخابيّة وداعموهم

 لابد لكلّ مٌرشح من حملة انتخابية ترافقه وتعرّفُ به وبمشروعه الانتخابيّ، وبالتالي لابد لهذه الحملات الانتخابية من مال يدعم ويساند، وقد يكون هذا المال من المرشح نفسِه أو من جهات أخرى تدعمه وتنسق معه لمشاريع لاحقة من طبقة التجّار وأصحاب النفوذ السياسيّ والمالي.

وللوقوف على خفايا الدعم المالي لمرشحي النظام في محافظة حماة نقلت الصحيفة عن أحدَ مسؤولي الانتخابات في محافظة حماة حيث قال: “أغلب المرشحين قد نصبوا بيوتاً ومجالس انتخابية من الخيم – شوادر – غير أنّ أبرز أولئك الذين نصبوا خيمهم الانتخابية في أحياء مدينة حماة هم – أحمد النبهان وحسن النعيمي الحلاق وعمار الجمل – هذه الخيم التي كان يرتادها قيادات المحافظة الأمنيين المناصرين للمرشحين، إضافة للمغنين و المقربين من أصدقاء المرشحين و العاملين معهم في مجموعاتهم الأمنية و مليشياتهم.

و لو نظرنا مثلاً إلى مرشح مجلس الشعب عن قرية قمحانة (أبو رضا أحمد النبهان) فإنّنا سنجدُ أنْ دعمه المالي لحملته الانتخابية كان من مُسدّداً من قبل عائلة (آل قيطاز) الذين تكفَّلوا نفقات حملته الانتخابية الكبيرة جداً إذا ما قيست ببقية المرشحين؛ وإنْ كان المدعو (عمر قيطاز) قد تحمّلَ القسم الأكبر من هذه النفقات و التي شملت مصاريف الإعلانات و الصور و الأطعمة و الأشربة على اختلافها فضلاً عن مصاريف مندوبي المراكز الانتخابية.

وتفسير الأمر بسيط جداً إذا علمنا أنّ الأخير – عمر قيطاز – لديه مستودعات تجارية داخل قرية قمحانة وهو على شراكات مالية مع أبو رضا و غيره من قيادة القرية الأمنيين.

كما قامَ آل الأصفر المعروفين بتجارة الحديد و المعادن برفع لافتة كبيرة في حي المحطة تحملُ صورة أحمد النبهان في محاولة لإظهار تأييدهم للمرشح أبو رضا، و كتبوا عليها ( تقدمة آل الأصفر ).

وفيما يتعلق بالمرشح عمار الجمل فقد كانت تكلفة حملته الانتخابية كبيرة جداً حتى أنّه قام يوم الانتخابات بإرسال كميات من الحَلْوَيَات و الأطعمة إلى المراكز الانتخابية مخالفاً بذلك قوانين و أدبيات الانتخابات، و قد بلغَ عددُ مندوبيه في المراكز الانتخابية 500 مندوب، وسانده و أدار حملته الانتخابية المدعو ( طارق الدقاق – أخ الشبيح طلال الدقاق ) و الذي ذهب إلى مديرية السجل المدني في محافظة حماة و قام بملء أسماء ناخبين ووضعها في الصناديق الانتخابية.

والمفارقة هنا أم أياً من الأسماء الذين امتلأت حماة بصورهم لم ينجحوا في الانتخابات، رغم عشرات آلاف الأصوات التي اشتروها، إذْ لم ينجح سوى قائمة (حزب البعث) المعدّة سلفاً و المدعومة من قبل الجهات الحزبية و الأمنية في المحافظة، بحسب المصدر.

وفي السياق ذاته، نقلت (حماة اليوم) عما أسمته مصدر أمنيّ رفيع المستوى في المحافظة والذي أكد وجود حالةً من التوتر بين بعض قيادات المحافظة الحزبية والأمنية على خلفية الانتخابات حيث قال: “لقد قام أمين فرع الحزب في المحافظة بالسفر للعاصمة دمشق و أقام فيها عدة أيام التقى خلالها عدداً من قيادات العاصمة ناقلاً لهم تصوره عن الشخصيات المرشّحة للانتخابات عن دوائر حماة مؤكداً أنّ المرشحين هم من أصحاب السوابق و الفساد و تهريب النفط و المحروقات و غيرها، و لذلك حالياً و على خلفية ما سبق بيانه هناك توترٌ كبيرٌ بين أمين فرع الحزب في محافظة حماة و قيادات قرية قمحانة الأمنيين”.

وتابع مخصصاً القول حول المرشح عمار الجمل الذي لم ينجح في الانتخابات مع أنّه دفع الكثير من المال قائلاً: بعد فشل عمار الجمل في الانتخابات جاءه عددٌ من الضباط الروس يزورونه وبرفقتهم مترجم وجلسوا عنده مدة من الزمن ثم خرجوا، وبمجيئهم قام الجمل برفع صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مكان إقامته.

واستكمالاً للصورة العامة حول الانتخابات تحدث المواطن (س، ن) من أهالي مدينة حماة: “لقد كانت خيام المرشحين مكتظة بالشبيحة من أصحاب البدلات العسكرية بسلاحهم و جعبهم يرقصون و يغنون و يطلقون الرصاص حتى ساعات متأخرة من الليل … “
و أضاف (ي، ق) مستطرداً في الفكرة ذاتها “إذا كان المرشحون لمجلس الشعب هم من الشبيحة و المجرمين و المهربين و الفاسدين فأمرٌ طبيعيٌّ جداً أنْ يكون داعموهم و المشاركون في احتفالاتهم الانتخابية من الشبيحة و الساقطين و المنتفعين”.

وقال أبو اليمان، وهو أحد قادة الجيش الحر في حماة حول الانتخابات الأخيرة لمجلس الشعب، “أبسط وصفٍ يمكن وصفُ هذه الانتخابات بها هو المهزلة، وهي أقلّ من أن تأخذَ منّا أدنى اهتمام؛ غيرَ أنّ حديثنا عنها إنّما هو من باب مراقبة و معرفة الواقع و تقلباته لتوثيقه و استدعائه في حينه لنميز بذلك الذين ساندوا أهلهم و ثوار البلد ممن نكّلوا و قتلوا و أساؤوا و نهبوا و سرقوا، فالقلم يسجّل و التاريخ يحفظ و يوثق”.

أخبار سوريا ميكرو سيريا

1 مايو، 2016