بعد اقتحام الخضراء.. ما الجدوى من وجود دولة عراقية؟
3 مايو، 2016
المنطقة الخضراء التي بقيت بالنسبة إلى أغلب العراقيين حلماً، بعد أن سورتها القوات الأمريكية عقب الغزو عام 2003 واتخذتها مقراً لمؤسساتها ومؤسسات الدولة العراقية، سريعاً ما تداعت أمام المتظاهرين الذين اقتحموا المنطقة، ودخلوا إليها بعد أن تخلت القوات الأمنية المخصصة لحماية المنطقة الخضراء عن مهامها وسمحت للآلاف من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر من دخولها، والسيطرة على البرلمان العراقي ونهبه بدافع المطالبة بالإصلاحات وإقرار تشكيلة وزارية جديدة.
البرلمان العراقي كان قد فشل ولثلاث مرات في إقرار حزمة الإصلاحات التي تقدم بها رئيس الحكومة حيدر العبادي، وكان على رأسها تشكيل حكومة جديدة تحل محل الحكومة الحالية، كما أن هذه التظاهرات تأتي في وقت يواجه فيه العراق العديد من الأزمات والتحديات، من بينها هبوط عائدات النفط، وهو ما قد يؤدي إلى عجز الحكومة عن تسديد رواتب القطاع العام خلال العام المقبل، وهو السيناريو الذي يعد الأسوأ بعد موجة الفساد التي طالت كل مؤسسات الحكومة العراقية منذ سنوات.
التحدي الثاني الذي يواجه العراق هو الانقسامات الطائفية، التي أضعفت البلاد كثيراً في قدرتها على مواجهة تنظيم الدولة، الذي أعلن أمس (5/1) مسؤوليته عن هجوم بسيارتين مفخختين بمدينة السماوة الجنوبية، أدى إلى مقتل 31 شخصاً.
خلال السنوات الخمس الماضية كانت الحكومة العراقية غير قادرة على الدفاع عن نفسها وهي تنتقل من أزمة إلى أخرى، وهذه المرة فإن الأزمة الاقتصادية والمالية تطل برأسها على العراق لتجعل ساسته بمواجهة مباشرة مع الشعب.
وفي ظل الأوضاع التي يعيشها العراق برز مرة أخرى تساؤل حول إمكانية بقاء العراق موحداً، وهو السيناريو الذي طرح قبل غزو العراق بنحو عام من قبل المحافظين الجدد في واشنطن، والذين كانوا يعتقدون أنه لا فائدة من بقاء دولة تجمع مكونات مختلفة تحت راية قومية.
وللمرة الأولى منذ أن أعطى الجيش الأمريكي السلطة للشيعة على حساب السنة، يعود الحديث مجدداً، وهذه المرة من قبل السياسيين، حول جدوى وجود عراق واحد، وهو الأمر الذي كان سابقاً من المحرمات لدى هذه الطبقة، حتى في أسوأ السنوات التي عاشها العراق إبان فترة الحرب الطائفية ما بين 2006-2007.
العام الماضي أعلن المرجع الشيعي علي السيستاني أنه إذا لم تقم الحكومة بواجبها في الإصلاحات فإن العراق يمكن أن يذهب إلى التقسيم، الأمر الذي أعطى زخماً كبيراً للعبادي للمضي بإصلاحاته.
مقربون من السيستاني قالوا إنه يرى أن الأزمة الأخيرة يمكن أن تعتبر فرصة أخيرة لبناء دولة حديثة، كما أن هناك تخوفاً لدى القوميين الذين يريدون الإبقاء على العراق موحداً، حيث إن أطرافاً داخل الأزمة السياسية العراقية تسعى لإبقاء الأوضاع على حالها وتحكيم قبضة المليشيات بشكل أكبر.
الخوف الأكبر الآن بالنسبة إلى دول المنطقة من أن تؤدي هذه التظاهرات إلى تفتيت العراق، ومع ذلك فيمكن أن تكون هذه التظاهرات فعلاً فرصة للانتقال نحو الأفضل.