كيف تتربح واشنطن من “مساعدة قوات المعارضة” في الخارج؟
3 مايو، 2016
نيو إيسترن أوت لوك –
مؤخرًا، نشر موقع “Breitbart” تقريرًا مثيرًا للاهتمام. يوضح التقرير أن عددًا متزايدًا من عناصر قوات الأمن الوطني الأفغاني تدربوا على يد مدربين أمريكيين فرّوا إلى حركة طالبان. ويشير التقرير إلى أنه على مدى السنوات العشر الماضية أنفقت واشنطن ما يصل إلى 70 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب الأمريكيين “لتدريب قوات الأمن الأفغانية. وذكر أحد الفارين أنَّ المهارات التي تلقاها في التدريب مع المدربين الأمريكيين كانت مفيدة له؛ لأنّه الآن أصبح قادرًا على تبادل معارفه المكتسبة حديثًا مع مقاتلي طالبان لكسب رزقه.
ينبغي القول بأنَّ حالات الانشقاق شائعة للغاية بين هؤلاء المقاتلين الذين تمّ تدريبهم من قِبل المدربين الأمريكيين لدعم سياسات واشنطن. غالبًا ما يأخذ المنشقون الأسلحة التي تقدّمها الولايات المتحدة جنبًا إلى جنب مع المعرفة التي حصلوا عليها إلى “الجانب الآخر”. وبعد ذلك، يتم استخدام هؤلاء المقاتلين المسلّحين والمدربين ضد الولايات المتحدة وحلفائها من خلال مختلف المنظمات المسلّحة.
هناك حالة غريبة وقعت في سبتمبر عام 2015، عندما سلّم الثوار السوريين الذين دربتهم الولايات المتحدة بعض المعدات لجبهة النصرة في مقابل الحصول على ممر آمن. ونشرت وكالة رويترز أن الكولونيل الأمريكي باتريك رايدر صرّح بأنَّ جبهة النصرة حصلت على ست شاحنات ورُبع الذخيرة المرسلة للثوار من قِبل الولايات المتحدة في مقابل ممر آمن. في ذلك الوقت، أدركت واشنطن أنَّ هذا التطور كان ضربة قاصمة لجهودها الرامية إلى تقديم المساعدة إلى “شركائها في سوريا” الذين كان من المتوقع أن يقاتلوا داعش. ونتيجة لذلك كان على الولايات المتحدة أن تعترف بأن بعض “الثوار السوريين” قد تعاونوا مع إرهابييّ القاعدة. وقد قوّض هذا الوضع ثقة واشنطن في نجاح برامجها التدريبية.
في أغسطس الماضي، اضطر ممثلو وزارة الدفاع مرة أخرى إلى الاعتراف بأن برنامج تدريب “مقاتلي المعارضة المعتدلين” في سوريا فشل فشلًا ذريعًا. وذكر موقع سي بي إس أن نصف المقاتلين المدربين من قِبل الولايات المتحدة تمّ اعتقالهم من قِبل جبهة النصرة. وقد أنفق وزارة الدفاع أكثر من 42 مليون دولار لمدة شهرين فقط لتدريبهم. وقد اتفق هؤلاء المنشقين عن جبهة النصر في فترة قصيرة نسبيًا على محاربة الولايات المتحدة وحلفائها. ويعتقد بعض الخبراء أن اعتقال هؤلاء المقاتلين “المعارضة المعتدلة” كان حدثًا مخططًا له؛ لأنَّ هؤلاء المعتقلين كانوا قادرين على نقل معرفتهم لأعضاء هذا التنظيم الإرهابي في وقت كانت فيه واشنطن غير قادرة على تدريبهم بشكل علني.
طوال العام الماضي، كشفت قناة الميادين اللبنانية عن عمليات تدريب الضباط الأمريكيين للمقاتلين التركمان في محافظة اللاذقية السورية، وأشارت إلى أن تلك البرامج التدريبية كانت تجري في تركيا ولكن بعد ذلك تمّ نقلها إلى سوريا. وفي الوقت نفسه، أشارت مصادر قناة الميادين في الجيش السوري أنّه لم يكن هناك أي تواجد لمقاتلي داعش في محافظة اللاذقية، وذكرت أنّه لم يكن هناك سوى قوات جبهة النصرة تحارب الجيش السوري.
وذهبت صحيفة نيويورك تايمز إلى أبعد من ذلك في قبول هذه الحقيقة، وأوضحت:
“عشرة أيام من المقابلات والزيارات على خط المواجهة في شمال سوريا مع العديد من القوى في تحالف “قوات سوريا الديمقراطية” أوضحت أن هذا التحالف موجود حتى الآن بشكل صوري فقط، وأنَّ التحديات السياسية واللوجستية التي يواجهها معقدة للغاية.”
“أعلن الرئيس أوباما عن خطط لنشر العشرات من قوات العمليات الخاصة لدعم التحالف الجديد. وقبل ذلك، قال مسؤولون أمريكيون إنَّ 50 طنًا من الذخيرة تمّ إرسالها للمقاتلين العرب التابعين للتحالف الجديد. ولكن لم تسر الأمور كما هو مخطط لها. منذ إنزال الذخيرة، اعترف المسؤولون الأمريكيون أنَّ الوحدات العربية المقصودة لم يكن لديها القدرة اللوجستية لنقل الذخيرة. ولذلك، طلب الأكراد المساعدة مرة أخرى.”
ومع ذلك، نشر موقع “ USA Today” معلومات مثيرة عن إنفاق وزارة الدفاع الأمريكية 384 مليون دولار (أو الجزء الأكبر من الميزانية المخصصة لبرنامج التدريب) على إعداد 180 مقاتل، بدلًا من 3000 مقاتل كان من المقرر تدريبهم. عند هذه النقطة، أعلن مسؤولون أمريكيون أنَّ هذا البرنامج فشل فشلًا ذريعًا وأوقفوه على الفور، بدون ذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية أنفقت 2 مليون دولار على تدريب كل مقاتل.
الخلاصة بسيطة للغاية: في السنوات الأخيرة بدأت واشنطن عددًا كبيرًا من البرامج التدريبية في سوريا وأفغانستان وغيرها من المناطق الساخنة. وقد أنفق عملاء البنتاغون ووكالة الاستخبارات المركزية كميات كبيرة من أموال دافعي الضرائب من دون تحقيق أي من أهدافهم المعلنة. ولذلك، فإنه لن يكون من قبيل المبالغة القول بأنَّ هذه البرامج أصبحت منجم ذهب لبعض الضباط الفاسدين من القوات المسلّحة والمخابرات الأمريكية.
وفي حال الكشف عن تلك الحقائق، فإنها ستنتج ضجة أكبر بكثير من وثائق بنما. وكانت التحقيقات الصحفية العديدة، بما في ذلك تلك التي أجرتها صحيفة الجارديان وبلومبرغ، بمثابة شهادة على حقيقة أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر الدول فسادًا في العالم، حيث تتمّ سرقة أموال دافعي الضرائب يوميًا.
في ظلّ هذه الظروف يجب إجراء تحقيق علني مفتوح حول عمليات وزارة الدفاع ووكالة الاستخبارات المركزية، يسلّط الضوء على الطريقة التي سيرق من خلالها ضباط الجيش الأمريكي الأموال من مواطنيهم تحت ذريعة حماية أرض الاحرار.