‘اللجنة الدولية: مواجهة مصر لـ “الصحفيين” تستهدف السيطرة على الاعلام’
7 مايو، 2016
سعد عبدالمجيد –
قال مسؤول بـ “اللجنة الدولية لحماية الصحفيين” إن المواجهة بين الصحفيين والسلطة في مصر “يمكن أن تكون نقطة تحول في المعركة لأجل السيطرة على الإعلام التي اندلعت منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المنصب”.
واعتبر “شريف منصور”، منسق برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للجنة في تدوينه (بلوج) نشرها على موقع اللجنة على الإنترنت إن اقتحام نقابة الصحفيين الأحد الماضي “هو مجرد أحدث حلقة في سلسلة طويلة من التحركات لفرض الرقابة وترهيب واعتقال الصحفيين المصريين”.
Egypt's fight for media control is at a crossroads, writes CPJ's @sherifmansour https://t.co/fUBWc2G9ww
— CPJ (@pressfreedom) May 6, 2016
وشدد منصور إنه مع استمرار الصحفيين في اظهار التضامن ومع إصرار الرئيس على عدم التراجع، يبدو ان المواجهة ستتعمق، متسائلا: “ما الثمن الذي سيدفعه الصحفيون في مقابل موقفهم؟”.
وأشار إلى أن أحدث التقارير السنوية للجنة أظهر أن مصر هي ثاني أسوأ دولة في العالم، بعد الصين، فيما يتعلق بسجن الصحفيين.
وسبق أن قالت لجنة حماية الصحفيين الدولية (مقرها نيويورك)، في تقرير خاص أصدرته الاسبوع الماضي، “إن مصر تحبس أعدادًا قياسية من الصحفيين، حيث تحل في المرتبة الثانية بعد الصين بوصفها البلد الذي يحبس أكبر عدد من الصحفيين في العالم عام 2015″، مشيره لحبس 23 صحفي هذا العام. ولا تتضمن القائمة التي تعدها لجنة حماية الصحفيين العديد من الصحفيين الذين احتجزوا وأفرج عنهم على مدار العام.
وقالت اللجنة أنه يوجد 18 صحفيا على الأقل في السجون المصرية، يواجه معظمهم اتهامات بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها الرئيس محمد مرسي، وإن “السلطات المصرية تحتجز 18 صحفياً على الأقل لأسباب مرتبطة بتغطيتهم الصحفية”، بخلاف من أفرج عنهم والمختطفين والمختفين.
رواية “كابوس” من تأليف “أورويل”
ونقل “منصور” عن الإعلامي المصري الساخر باسم يوسف الذي يعيش في الولايات المتحدة قوله “نحن نعيش داخل صفحات رواية أشبه بكابوس من تأليف جورج أورويل، لكنها حتى ليست مكتوبة بإتقان”.
كما نقل منصور عن الصحفي ومقدم البرامج إبراهيم عيسى، الذي وصفه بأنه “كان داعما قويا للسيسي حتى وقت قريب”، قوله “إنها نقطة تحول.. إنها قد تأخذنا إلى عصور مظلمة .. إلى الديكتاتورية”.
وقالت “حنان فكري”، عضو مجلس نقابة الصحفيين، في تصريح للجنة حماية الصحفيين، أن احتشاد الصحفيين يوم الأربعاء كان “مشهدا رائعا”، منوه لأنه “لم يكن هناك أي تحيز سياسي أو انتماءات، والكل حضروا بروح التوحد، والإصرار على رفع سقف مطالبنا من أجل ضمان لصيانة كرامتنا.”
واستجاب الاف الصحفيين لدعوة مجلس النقابة لاجتماع طارئ للجمعية العمومية في مقر النقابة في وسط القاهرة، في مظهر نادر للوحدة رغم المخاطرة الشخصية في مواجهة المضايقة القانوني والاعتداء البدني الذي وقع على بعضهم من جانب مؤيدي السيسي الذين تركتهم قوات الشرطة تعتدي على الصحفيين.
وطالب الصحفيون بإقالة وزير الداخلية مجدي عبد الغفار، وبتقديم الرئاسة اعتذار رسمي عن اقتحام مقر النقابة، وبالإفراج عن جميع الصحفيين المحتجزين.
وقالت لجنة حماية الصحفيين أنه “استنادا إلى تقارير صحفية ولقطات فيديو على موقع يوتيوب حاصرت الشرطة مبنى النقابة، وتركت مؤيدون للحكومة يلقون الحجارة على صحفيين ويشتمونهم ويهددونهم بهتافات منها “اذبح يا سيسي”.
ونفت وزارة الداخلية اقتحام نقابة الصحفيين، وقالت إن إلقاء القبض على الصحفيين داخل مبنى النقابة يوم الأحد الماضي “جاء تنفيذ القرار من النيابة العامة بضبطهما بتهم منها التحريض على التظاهر وترويج الشائعات، وهو ما اكدته النيابة في بيان تضامن مع الوزارة ومهدد بمحاكمة نقيب الصحفيين.
ما تسمعوش كلام حد غيري
وقال “منصور” إن استياء الصحفيين من السيسي يمثل استياء شعبيا أوسع من السيسي وخيبة أمل لدى النخبة السياسية في مصر، في أعقاب التصريحات الأخيرة للسيسي التي حث فيها المصريين على عدم الاستماع إلى أحد غيره فيما يتعلق بأوضاع البلاد.
وفي فبراير الماضي، قال السيسي، في كلمة مرتجلة وجهها للمصريين أثناء تدشين رؤية “التنمية الاستراتيجية بمصر 2030”: “ما تسمعوش كلام حد غيري.. أنا راجل لا باكدب ولا بألف وأدور.. وماليش مصلحة غير بلدي وبسط.
وقال منصور إن صحيفة الأهرام الحكومية انتقدت الحكومة – في خطوة نادرة الحدوث- في افتتاحيتها يوم الاثنين الماضي قائلة “لقد علمتنا التجارب التي لم تدركها أجهزة الأمن للأسف، أن الشعب هو الذى يختار مصيره بإرادته وليس القيادات، وإذا هب هذا الشعب لنيل حريته لا يوقفه أحد ولا أعتى متاريس الأمن وسلاحه.”
وأشار إلى أن موقف الصحيفة يتناقض مع الوضع في نهاية عام 2014 حين تعهد رؤساء تحرير 17 صحيفة حكومية وخاصة بما في ذلك الأهرام بدعم مؤسسات الدولة مما زاد من استقطاب وسائل الإعلام المتحزبة بالفعل.
وكانت أغلب إصدارات “الاهرام” مثل بوابة الاهرام والاهرام العربي قد التزمت بقرارات نقابة الصحفيين وهاجمت وزير الداخلية، وانفردت الصحيفة الورقية اليومية فقط للأهرام بالوقوف مع النظام ومهاجمة الجمعية العمومية والزعم أنها فشلت برغم حضور قرابة 3 الاف صحفي (من أصل 8 الاف مشتغلين).
ونوه منصور إلي أنه على الرغم من مطالبة نقابة الصحفيين يوم الأربعاء بإقالة وزير الداخلية وباعتذار الرئاسة، إلا أن السيسي تجاهل تلك المطالب في الخطاب الذي وجه للأمة يوم الخميس بمناسبة إعطاء إشارة البدء في حصاد القمح من مشروع 1.5 مليون فدان، وركز السيسي على الحديث عن الإنجازات.
وحرص السيسي في كلمته، على تكرار كلمة “منخافش” عدة مرات قدرت ما بين 9 و13 مرة، ما اعتبره مراقبون رسالة للصحفيين وقلق في الوقت نفسه، وتابع: “أخدت ألفين قرار خلال الفترة اللي فاتت واللي ياخد القرار ما يخافش”.
كما جدد السيسي تحذيره ممن سماهم “أهل الشر”، وقال “لازم نخلي بالنا إن فيه ناس دايما متحفزة وبتشتغل على أنها تخلينا دايما مختلفين”، وهي عبارة يقصد بها معارضيه، وخاصة جماعة الاخوان المسلمين.
السيطرة على الإعلام مسألة حياة أو موت
وقال الكاتب والروائي علاء الأسواني “إن السيطرة على الإعلام بالنسبة للديكتاتور تعد مسألة حياة أو موت”، موضحا أنه “يستطيع من خلالها أن يضلل الرأي العام ويخلق رأي عام مزيف، مثلما يحدث من إلصاق تهم الخيانة والتمويل الخارجي بشباب الثورة”.
وأضاف الأسواني خلال الصالون الشهري الذي يعقده حزب الدستور في الإسكندرية مساء أمس الخميس، أن أحد رجال الأعمال بالإسكندرية وصف السوشيال ميديا بأنها “أخطر على مصر من القنبلة النووية”.
وأوضح الاسواني أن “هناك قبضة قوية جدا على الإعلام”، وأن ذلك يفسر الحرب الرهيبة ضد نقابة الصحفيين وضد السوشيال ميديا حاليا لأنها تتيح للناس الفهم، بحسب وصفه.
ولفت الاسواني إلى أن الشعب لم يكن يعلم بمرور السفن الإسرائيلية في خليج العقبة لمدة 10 سنوات وذلك بسبب قبضة النظام على الإعلام في فترة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ثم علم فجأة بعد إعلان عبد الناصر قبل 67 أنه لن يسمح للسفن الإسرائيلية بأن تمر في خليج العقبة مرة أخرى.
وقال إن نفس الامر يجري تطبيقه حاليا، فالشعب ليس لديه معلومات عن كثير من الأشياء، وتابع معلقا: “أتحدى أي حد يقولي إحنا فين بالظبط من سد النهضة؟”