الهدنة لم تؤثر على حصيلة المعتقلين… 741 اعتقال تعسفي في نيسان
7 مايو، 2016
رصد: المصدر
أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان تقريرها الشهري الخاص بتوثيق حالات الاعتقال التعسفي من قبل أطراف النزاع في سوريا.
وأكد التقرير اتباع الشبكة السورية لحقوق الإنسان أعلى معايير التوثيق، ويذكر التحديات التي تواجه فريق تسجيل المعتقلين، لعل أهمها عدم رغبة كثير من الأهالي في التعاون ونشر خبر اعتقال أبنائهم، أو حتى التعاون بشكل سري، وبشكل خاص في حال كون المعتقلة أنثى، وذلك لاعتقاد سائد في المجتمع السوري أن ذلك سوف يعرضها لمزيد من الخطر والتعذيب.
كما أشار إلى رسوخ قناعة تامة لدى المجتمع السوري من عدم جدوى التعاون في عمليات التوثيق، ذلك أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة بكافة مؤسساتها لم تتمكن من الضغط على السلطات السورية للإفراج عن حالة واحدة فقط، حتى لو كان معتقل رأي، بل إن معظم حالات الإفراج تمت ضمن صفقات تبادل مع فصائل في المعارضة المسلحة.
وذكر التقرير أن الشبكة السورية لحقوق الإنسان تمتلك قوائم تتجاوز الـ 117 ألف شخص، بينهم نساء وأطفال، إلا أن تقديراتها تشير إلى أن أعداد المعتقلين تفوق حاجز الـ 215 ألف معتقل، 99% منهم لدى القوات الحكومية بشكل رئيس، لا تشمل الحصيلة المعتقلين على خلفيات جنائية، وتشمل حالات الاعتقال على خلفية النزاع المسلح الداخلي، وبشكل رئيسي بسبب النشاط المعارض لسلطة الحكم، كما تُنكر القوات الحكومية قيامها بعمليات الخطف أو الاعتقال عند سؤال ذوي المعتقلين عنهم.
وعزا التقرير ارتفاع أعداد المعتقلين لدى القوات الحكومية إلى عدة أسباب من أهمها أن كثيراً من المعتقلين لم يتم اعتقالهم لجريمة قاموا بارتكابها، بل بسبب نشاط أقربائهم في فصائل المعارضة المسلحة، أو بسبب تقديم مساعدة إنسانية، وإن أغلب حالات الاعتقال تتم بشكل عشوائي وبحق أناس ليس لديهم علاقة بالحراك الشعبي أو الإغاثي أو حتى العسكري إضافة إلى تعدد الجهات المخولة بعمليات الاعتقال والتابعة للقوات الحكومية وقيامها بعمليات الاعتقال التعسفي واحتفاظ هذه الجهات بمعتقلات خاصة بها لا تخضع لأي رقابة قضائية من الجهات الحكومية ولايعامل المعتقلون في مراكز الاحتجاز هذه وفق القوانين السورية المنصوص عليها.
تميزت الاعتقالات التعسفية في نيسان بقيام القوات الحكومية بعمليات اعتقال موسعة شملت المدنيين من سكان محافظة ريف دمشق عموماً وبشكل خاص سكان مدن الزبداني ومضايا، حيث وثقنا قيام القوات الحكومية بعمليات اعتقال جماعي بحق عوائل من سكان هذه المناطق كانت في طريقها للعبور إلى لبنان أو لدى مرورهم من نقاط التفتيش التابعة للقوات الحكومية في مدينة دمشق، القوات الحكومية استمرت أيضاً في سياسة التجنيد الإجباري بحق الطلاب الجامعيين والموظفين الحكوميين في مناطق سيطرتها وبشكل خاص في مدن حماة وحلب ودمشق، كما قامت القوات الحكومية أيضاً بعمليات اعتقال تعسفي شملت الموظفين الحكوميين من سكان المناطق الخارجة عن سيطرتها، لدى مرورهم من نقاط التفتيش التابعة لها على المنافذ الرئيسة للمدن التي تسيطر عليها وبشكل خاص مدينتي حماة وحلب.
تنظيم داعش استمر أيضاً في سياسة الاعتقال التعسفي بحق المدنيين في المناطق الخاصعة لسيطرته، حيث شملت عمليات الاعتقال المخالفين للتعاليم المفروضة قسراً من قبل التنظيم، وأيضاً أصحاب محلات الاتصالات ومقاهي الإنترنت، والمدنيين الذين يحاولون النزوح من مناطق سيطرة التنظيم إلى مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة.
قوات الإدارة الذاتية الكردية من جهتها، استمرت في سياسة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري بحق المدنيين والنشطاء السياسيين المعارضين لتوجهاتها في المناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث تركزت عمليات الاعتقال هذه في مدينة الحسكة، ومدينة عفرين بريف محافظة حلب.
في نيسان أيضاً، سجلنا ارتفاعاً في معدل حالات الاعتقال التعسفي التي قام بها تنظيم جبهة النصرة، بحق الإعلاميين والنشطاء في محافظة إدلب عموماً، وبحق المدنيين ممن تربطهم صلات قربى بمنتسبي عدة فصائل من المعارضة المسلحة.
قدم التقرير إحصائية تتحدث عن ما لايقل عن 741 معتقلاً في نيسان، منهم 598 معتقلاً من قبل القوات الحكومية، يتوزعون إلى 569 رجلاً، و11 طفلاً، و18 سيدة.
بينما سجل التقرير 56 حالة اعتقال من قبل قوات الإدارة الذاتية الكردية، يتوزعون إلى 46 رجلاً، و أطفال، و5 سيدات.
وبحسب التقرير فقد اعتقلت فصائل المعارضة المسلحة 8 أشخاص جميعهم من الرجال، بينما اعتقل تنظيم داعش 54 شخصاً، يتوزعون إلى 44 رجلاً، و6 أطفال، و4 سيدات. أما تنظيم جبهة النصرة فقد اعتقل 25 شخصاً، يتوزعون إلى23 رجلاً وطفلين.
كما سجل التقرير 342 حالة إطلاق سراح يتوزعون إلى 288 حالة من مراكز احتجاز القوات الحكومية، و11 حالة من مراكز احتجاز قوات الإدارة الذاتية الكردية، و21 حالة من مراكز احتجاز تتبع تنظيم داعش.
ووفق التقرير فإن تنظيم جبهة النصرة أطلق سراح14 شخصاً، أما فصائل المعارضة المسلحة فقد أطلقت سراح 8 أشخاص.
وصنف التقرير حالات إطلاق السراح الموثقة من مراكز احتجاز القوات الحكومية إلى، 269 حالة من السجون المدنية والعسكرية، و19 حالة من الأفرع الأمنية.
وأشار التقرير إلى أنه تم توثيق ما لا يقل عن 129 نقطة تفتيش نتج عنها حالات حجز للحرية متوزعة على المحافظات، حيث كان أكثرها في محافظة الحسكة، بينما تصدرت القوات الحكومية كأكثر جهة مسؤولة عن المداهمات يليها تنظيم داعش.
وأورد التقرير إحصائية تتحدث عن214 حالة خطف لم تتمكن الشبكة السورية لحقوق الإنسان من تحديد الجهة التي نفذتها إلا أن 163 حالة منها حدثت في مناطق خاضعة لسيطرة القوات الحكومية.
وتكاد تكون قضية المعتقلين المعضلة الوحيدة التي لم يحدث فيها أي تقدم يذكر على الرغم من تضمينها في بيان وقف الأعمال العدائية، وفي هذه القضية تحديداً فإننا نوصي بالتالي:
أولاً: يجب أن تتوقف فوراً عمليات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري التي مازالت مستمرة حتى الآن بحسب هذا التقرير الشهري للشبكة السورية لحقوق الإنسان، ويجب الكشف عن مصيرهم جميعاً، والسماح لأهلهم بزيارتهم فوراً.
ثانياً: الإفراج دون أي شرط عن جميع المعتقلين الذي تم احتجازهم لمجرد ممارسة حقوقهم السياسية والمدنية، وإطلاق سراح كافة النساء والأطفال، والتوقف عن اتخاذهم رهائن حرب.
ثالثاً: منح المراقبين الدوليين المستقلين من قبيل أعضاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي شكلتها الأمم المتحدة بشأن الجمهورية العربية السورية، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، زيارة كافة مراكز الاحتجاز النظامية وغير النظامية، دون ترتيب مسبق، ودون أي قيد أو شرط.
رابعاً: تشكيل لجنة أممية لمراقبة إطلاق سراح المعتقلين بشكل دوري وفق جدول زمني يطلب من كافة الجهات التي تحتجزهم، وبشكل رئيس من الحكومة السورية التي تحتجز 99% من مجموع المعتقلين.
كما أوصى التقرير مجلس الأمن بمتابعة تنفيذ القرارات 2042 الصادر بتاريخ 14/ نيسان/ 2012، والقرار 2043 الصادر بتاريخ 21/ نيسان/ 2012، والقرار 2139 الصادر بتاريخ 22/ شباط/ 2014، والقاضي بوضع حد للاختفاء القسري.
وأكد على ضرورة تحمل الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولياته تجاه مئات آلاف المحتجزين والمختفين في سوريا.