النكبة الفلسطينية بعيون جيلها الثاني.. أفق مسدود وأمل مفقود
16 مايو، 2016
في كل سنة يحيي الفلسطينيون في جميع أنحاء العالم ذكرى النكبة الفلسطينية بمهرجانات وكتابات لتذكّر بالقضية الفلسطينية؛ وما تعرض له هذا الشعب المظلوم من ويلات ومصائب لا تزال متواصلة، تكاد هذه الفعاليات تتشابه في طقوسها عاماً بعد عام، ما يمنحها بعداً عاطفياً بحتاً، لا أثر له على الأرض، غير ذلك الأثر الوجداني الذي يتركه في وجدان أحرار العالم.
الأجيال الفلسطينية الصاعدة، التي لم تعاصر النكبة، باتت تنظر للنكبة وذكراها من منظور مختلف، بعد أن أحاط الإحباط واليأس قضية بلادهم التي أجمع العالم على تجاهلها، وتغطيتها بأغطية الإهمال والنكران، “الخليج أونلاين” رصد جانباً من آثار النكبة في نفوس جيلها الثاني وعقولهم من خلال هذا التقرير.
يعلق الفلسطيني محمد نشبت، الذي يعيش في غزة تحت الحصار منذ 11 عاماً، ويذوق الويلات كل يوم أن “كل ما يحصل من مهرجانات في ذكرى النكبة وكل ما يكتب على وسائل التواصل الاجتماعي لا معنى له”.
ويصف المشهد الذي يذكره العالم من عام لآخر بأن النكبة حاضرة كل يوم، فيقول متحدثاً بلهجته الفلسطينية: “بنحكي عنها ذكرى، واحنا لسه بنعيش فصولها، النكبة ما بدها مؤتمرات وأكل وشرب، ولا بدها دحيّة وهزّ كتاف، ولا بدها تحكوا عن المفتاح لإنه المفتاح كذبة اخترعناها، حتى ما إلها رمزيّة بالمطلق”.
وعن التعبيرات من صور وكتابات عن النكبة يقول نشبت لـ”الخليج أونلاين”: “بنفكر النكبة خبز صاج بتخبزه بدويه والكل بيصورها، قبل ما نحكي عن تذكّر النكبة، لازم نعرف شو يعني نكبة؟”.
ويعرّف نشبت النكبة بطريقة تحكي المعاناة والواقع الذي يعيشه الفلسطيني كل يوم، فيقول: “نكبة يعني حق سلمته أنا للإسرائيلي لإني كنت خايف، وحالياً بعمل احتفالات راقصة لأقول إلي أرض!”.
ويعزو أسباب النكبة للفلسطينيين، ولا يرى أن الجيوش العربية والإنجليز والسلاح سبب في ذلك؛ فيقول: “يوم مذبحة دير ياسين شردنا وتركنا بيوتنا، ولما إذاعة صوت فلسطين أذاعت البيان الأول عند دخول الجيوش العربية وقال تخافوش اطلعوا وراح ترجعوا بعد يومين. لازم ما طلعوا”.
ويتابع معرفاً لها بقوله: “النكبة بتعني يوم ما أدخل لقاعة مؤتمرات وأقول في صندوق بآخر القاعة بدنا نجمع مساعدات لفلسطين وما تلاقي 200 دولار بالصندوق. لما مؤسسة بتقول عن حالها وطنية تعمل يوم تاريخي تجيب فيه ناس عايشت النكبة وتشردت، والحضور مشغولين بحكي جانبي يا بياكلوا!”.
وأضاف قائلاً: “حين يُذكّر المهجّر بأرضه التي ذهبت منه، ولا يجد لقمة تسد رمقه، ولا حياة كريمة يعيشها لتدفعه ليتمسك بأرضه أكثر، حينها تكون النكبة الحقيقية”.
ويتابع نشبت: “نكبة يعني لما أركب مع سواق نقل عام، بطلّع من شغله باليوم 50 شيقل، بيروح منهم 20 بنزين، و15 ترخيص ويقولك: ياااه الله يرحم أيام إسرائيل! ولما أنزل على الشارع وأسأل الناس بأي سنة صارت النكبة وما يعرفوا؛ لإنه عنا منظومة تعليمية وطنية جبناها من قمامة الدول”.
ويرى أيضاً أن النكبة “عندما يكثر الدين وتجد الناس الانتحار الوسيلة الوحيدة لحل المشاكل”.
ويتابع تعريفه للنكبة بسرد المشاكل التي يواجهها الشعب الفلسطيني في غزة، قائلاً: “النكبة لما أدخل حرب وما عندي مقومات للصمود، لما تجيني فاتورة الكهرباء كل شهر بنفس القيمة رغم إني ما بشوفها بنهاري إلا 4 ساعات، لما أتفرج على عيون ابني مشتهي شيقل (عملة الاحتلال التي يتداولها الفلسطينيون) وأنا موظف حكومة ولما أروح البيت بلاقي الديّانة واقفين على الباب”..
ويذكر نشبت علم فلسطين الحاضر الغائب قائلاً: “النكبة لما ألاقي علم فلسطين إلي عملته اتفاقية سايكس بيكو مش موجود بأي احتفالية، وبتلاقي أعلام الفصائل بتلولح”.
ويرى أن هناك كثيراً من التقصير بحق القضية قائلاً: “النكبة لما نسأل أولاد المدارس بالأونروا مين إلي كتب كلمات النشيد الوطني “موطني”، ويقولك أليسا أو عمار حسن، لما أقول فلسطين من راس الناقوره شمالاً إلى أم الرشراش جنوباً، وأنا مش عارف المدن ولا القرى إلي تهجرنا منها، ولا بعرف كل منطقة بشو بتشتهر، لما توقف مع إسرائيلي بيعرف عن بلدك أكثر منك لإنه مؤمن أكثر منك إنه أحق فيها”.
وعن أمنياته في وطنه يقول نشبت: إن “النكبة الحقيقية لما يكون نفسي أشوف الضفة، لما يكون نفسي أصلي بالقدس ومش قادر”.
وتشهد وسائل التواصل الاجتماعي كثيراً من التفاعل الذي يصب في هذا المنحى الذي يعكس رؤية الجيل الثاني، حيث تقول الناشطة الفلسطينية دعاء أبو شندي على وسم النكبة على فيسبوك: “استذكر دمعات الرجال الحرة، وأنات الأيامى الموجعة، وأولئك الأطفال الذين شردوا وهم يتخيلون أنهم سيلعبون في “الحاكورة” كما العادة في الصباح! ما يجمعهم ويجمعنا، حلم العودة”.
من جهتها تقول الناشطة الفلسطينية ميسون عماد: “الأرض ما بنساوم عليها وغير هيك بتزبطش، والله يحرق كل الي ساوم وباع”.
أما الكاتب الأردني أيمن العتوم فيغرد على وسم النكبة بأبيات شعر قائلاً: وإني وإن نامت على الذلّ أمتي، لأرجو لها نصرًا مُبينا مُؤزّرا، فلا يأس يغزونا إذا اسْودَّ ليلُنا، سنجعل ليل اليأس صُبحًا مُنوَّرا.
https://twitter.com/AymanOtoom/status/731778867258621952
ويقول المحلل السياسي ياسر الزعاترة في تغريدة على تويتر: “في يوم النكبة يبشّرنا عباس بأن 20 دولة تؤيد دعوة فرنسا لاجتماع تحضيري قبل إطلاق مبادرة السلام. هو للتذكير يعترف للغزاة بما احتلوه عام 48!!”.
في يوم النكبة يبشّرنا عباس بأن “20 دولة تؤيد دعوة فرنسا لاجتماع تحضيري قبل إطلاق مبادرة السلام”. هو للتذكير يعترف للغزاة بما احتلوه عام 48!!
— ياسر الزعاترة (@YZaatreh) May 15, 2016