المسألة الكردية بعد قرن.. “إسرائيل” هي الحليف والداعم
18 مايو، 2016
في ذكرى مرور قرن على التفاهم السرّي الشهير بـ(اتفاقية سايكس بيكو) الذي أفضى لتوقيع اتفاقية تقسيم الشرق الأوسط عام 1916، حين اتفق سايكس البريطاني، وبيكو الفرنسي، على ترسيم حدود جديدة للمنطقة لتفرز دولاً قومية عدة تُعطى زمام أمورها للانتداب، ومن مجمل ما أفرز هذا الاتفاق من مشكلات، كانت المشكلة الكردية، التي تشكلت بعد تراجع الدول العظمى عن معاهدة سيفر التي اعترفت فيها بحق الأكراد في إقامة دولة قومية.
وبدلاً من ذلك جاءت معاهدة لوزان عام 1923 لتضع الحلم الكردي بدولة قومية قيد الانتظار الطويل، وتمنح القوّة للحكومة التركية الوليدة بقيادة مصطفى كمال أتاتورك، الذي أدى تعزيز قوته إلى زيادة المشكلة الكردية تعقيداً، ووزعتهم المعاهدة على أربع دول قانونياً وجغرافياً، يحاولون في كل دولة إنشاء علاقة جديدة مع النظام الحاكم فيها؛ الأمر الذي لم يمرّ بسلاسة وسلام وكان بحد ذاته منبعاً لصراعات الهوية والانتماء.
لكن التحولات السياسية والاستراتيجية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط في السنوات الأخيرة، أعادت المسألة الكردية إلى الخط الأمامي، فأصبحت الجماعات الكردية جزءاً من اللعبة الكبرى؛ ففي حين يحاول الأكراد تحقيق الحلم القديم هذه المرة وعدم تفويت الفرصة، تستخدم المسألة الكردية ورقة ضغط سياسي من قبل الدول العظمى على القوى الإقليمية المنخرطة في الحرب بسوريا، وعلى الدول التي يتوزع فيها الأكراد؛ وهي العراق وتركيا وسوريا.
– حليف جديد
وفي حين كان الأكراد في الماضي يعوّلون على مجموعة دول الحلفاء؛ بينها فرنسا وبريطانيا، لتحقيق حلم الدولة الكردية، انضم إلى المعادلة هذه المرة لاعب جديد لم يكن قد خلق بعد في الماضي، وهو دولة الاحتلال الإسرائيلي، فالتصريحات الرسمية للقادة والسياسيين الإسرائيليين وطريقة تغطية الإعلام الإسرائيلي للمسألة الكردية تبيّن طبيعة العلاقة الاستراتيجية التي تربط ما بين الطرفين.
ففي وقت سابق، بحسب ما اطّلع عليه “الخليج أونلاين”، صرّح رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، خلال شهر أبريل/نيسان 2014، بدعمه لقيام دولة كردية مستقلة، وتبعه في ذلك وزير الخارجية السابق، أفيغدور ليبرمان، ورئيس الدولة الأسبق، شمعون بيريتس، هذا إلى جانب تقارير حول الصفقات المبرمة في قطاع الطاقة والغاز، وتركيز الإعلام الإسرائيلي على أنسنة المشاركة الكردية في الحرب بسوريا وقتال البيشمركة تنظيمَ الدولة في العراق.
وبالحديث عن المشكلة الكردية يتطرق المحلل الاستراتيجي لصحيفة “هآرتس”، تسبي بارئيل، لدعوة مسرور برزاني، رئيس مجلس الأمن القومي للإقليم الكردي، عبر مقال نشره في صحيفة “نيويورك تايمز” لإجراء استفتاء شعبي حول انفصال إقليم كردستان العراق.
وتعليقاً على هذه الدعوة يقول بارئيل إن الانفصال سيكون له تداعيات عميقة لكون إيران والولايات المتحدة وتركيا أعلنت عن دعمها دولة عراقية موحدة، بل ترى تركيا في انفصال كردستان تهديداً للأمن القومي التركي، وعليه، فإن الدولة الكردية المستقلة، إن قامت، فستقوم دون موافقة دولية ممّا سيحمل تداعيات عميقة؛ منها أنها ستكون “دولة منعزلة”.
وبحسب بارئيل ستتضرر الخطوط الجوية التي تربطها بالعالم وتغلق، كما ستتضرر شبكة الكهرباء التي تربطها بتركيا، إلى جانب الحراك التجاري مع العراق وتركيا وإيران، إضافة إلى أن سوق بيع النفط الذي يشكل 90% من مدخول الإقليم سيتوقف عند الحدود مع تركيا، على الرغم من إدراك هذه التداعيات لا تزال حكومة برزاني تحاول إقناع الولايات المتحدة بتغيير موقفها.
وهنا يأتي دور اللوبي اليهودي والإسرائيلي في الولايات المتحدة، فوفقاً لبارئيل قام وفد كردي أثناء زيارته للولايات المتحدة مؤخراً بعقد لقاءات مع ممثلين عن اللوبي اليهودي في واشنطن، وطلبوا دعماً إسرائيلياً لدفع الملفات العالقة التي تخدم مصالحهم، فالإقليم الكردي لا يزال يؤمن بقدرة اللوبي اليهودي ودولة الاحتلال الإسرائيلي على التأثير على الولايات المتحدة.
ويضيف أن هناك محاولات مستمرة ومعلنة لتأكيد أهمية تطوير العلاقة بين اليهود والأكراد، ومؤشراً لذلك يذكر أن أربيل ضمت للمرة الأولى هذا العام أمسية لإحياء ذكرى المحرقة، شارك فيها ممثلون من القنصلية الروسية والأمريكية والفرنسية والأرمن.
كما تسعى حكومة برزاني لإنشاء قسم خاص باليهود في وزارة الأديان، هذا على الرغم من عدم وجود أرقام مؤكدة حول عدد اليهود في كردستان، وحتى أن باحثين إسرائيليين أكدوا أن لا وجود ليهود فيها، وأن الآلاف الذين كانوا هناك أعلنوا إسلامهم منذ سنوات.
لكن هذا الخلاف لا يمنع السلطات الكردية من إعلان نيّتها إنشاء كنيس يهودي وترميم الحيّ اليهودي في أربيل.
وعلى الرغم من أن هذا لا يزال في إطار التصريحات إلا أنه، بالنسبة لبارئيل، يحمل رسالة هامة حول العلاقة بين الأكراد واليهود، وفي هذا السياق ينقل بارئيل عن صحفي كردي من سكان أربيل قوله إن من مصلحة كردستان أن يعود اليهود الأكراد إليها؛ لأن ذلك ينعش الاقتصاد والاستثمار في البلاد.
وأضاف: إن “العلاقة التاريخية مع إسرائيل لا تزال مذكورة جيداً، وهي مهمة لتقوية علاقة كردستان مع دول الغرب”.