هل ستعرقل أمريكا بيع السعودية لأصولها؟
20 مايو، 2016
محمد الشبراوي –
كثيرون تصوروا أن تهديد المملكة العربية السعودية، الإدارة الأمريكية، ببيع أصولها التي تقدر بـ 750 مليار دولار، لو نجح نواب كونجرس متطرفون في تمرير قانون يسمح للأميركيين برفع دعاوى ضد المملكة، بشبهة وهمية عن علاقة سعوديين بهجمات 11 سبتمبر، سوف يكبل قدرة الكونجرس على هذا.
وجاءت طمأنة ادارة اوباما للسعودية بعدم سماحها بتمرير هذا التشريع، حتى ولو مرره الكونجرس، برفض الرئيس التوقيع عليه، لتبرد أسوأ أزمة اندلعت في تاريخ علاقات البلدين الممتدة على مدار 8 قرون.
إلا أن موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي المفاجئة، الثلاثاء 17 مايو/ أيار 2016، على تشريع يسمح للناجين من هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001 وذوي الضحايا، بإقامة دعاوى قضائية ضد المملكة العربية السعودية للمطالبة بتعويضات، أعاد القضية للنقاش الحاد.
فالتهديدات السعودية بسحب الاستثمارات وبيع اصولها في أمريكا، تواجهها عقبات، واحلام “محامو التعويضات” الامريكان بمقاضاة السعودية، والحصول منها على تعويضات، تواجهها أيضا عقبات كثيرة، ربما أبرزها انه لا توجد إدانة للسعودية أصلا.
صعوبات سعودية وأمريكية
من جهة السعودية، باتت التهديدات ببيع الاصول أكثر صعوبة، لأنه وإن كان يمكنها بيع هذه الاصول الضخمة، أخذا في الاعتبار للمخاطر التي سترتد على الاقتصاد السعودي أولا، وصعوبة وجود مشترين لهذه الاصول الضخمة، أصبح التصرف فيها بعد مقاضاتها في أحداث سبتمبر أمرا أكثر صعوبة، وقد تصدر محاكم امريكية قرارات بتجميد أي بيع.
ويرى مراقبون اقتصاديون ان فرص بيع هذه الاصول الضخمة محدودة وبالغة الصعوبة لان ذلك سيلحق اضرارا كبيرة بالاقتصاد السعودي.
وسبق أن نقلت نيويورك تايمز عن “ادوين ترومان”، زميل في معهد بيترسون للاقتصاديات الدولية، قوله “ان التهديد السعودي هو اجوف الى حد كبير، فبييع ارصدة بمئات المليارات ليس صعبا من الناحية الفنية فقط، بل سيحدث زلزالا في الاسواق العالمية سيتحمل السعوديون مسؤوليته”.
وقال إن هذه العملية، قد تزعزع أيضا استقرار الدولار الأمريكي، وهي العملة التي يرتبط بها الريال السعودي، مخلص لأن “الطريقة الوحيدة التي يمكن للسعودية معاقبتنا بها تمر من خلال معاقبتهم لأنفسهم”.
ومن جهة أمريكا، أصبح الامر ايضا أكثر صعوبة، لأنه سيكون على الامريكان اولا الافراج عما يسمي الـ 28 صفحة من صفحات تحقيق الكونجرس حول هجمات 11 سبتمبر التي جمدها الرئيس الاسبق بوش بدعاوي الامن القومي.
وسيعقب هذا التنقيب في هذه الوثائق عما يدين المملكة أو سعوديين عاديين، لإيجاد من يمكن أن يرفعوا به دعاوي قضائية، وهو ما لم يحدث حتى الان وقد يستغرق سنوات رغم وعود ادارة اوباما برفع السرية عنها اواخر العام الجاري.
وتفرض السلطات الأمريكية السرية على 28 صفحة من تقرير التحقيق حول 11 سبتمبر، يقال إنها تتناول دور الحكومات الأجنبية في الهجمات.
ولم يسبق توجيه أي اتهام أمريكي للحكومة السعودية، في هجمات سبتمبر، كما نفى المسؤولون السعوديون أي علاقة لهم بالهجمات، ولكن حمل 15 شخصا من الـ 19 الذين نفذوا الهجمات الجنسية السعودية، اثار تكهنات حول تورط سعوديين عاديين اخرين، منهم ما حاولت وثائق لمكتب التحقيقات الفيدرالي وصفه بعائلة “ساراتوتا” بولاية فلوريدا، الذين سافروا على عجل، واعتبر هذا دليل علي تورطهم ثم جري تبرئتهم.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز في تحقيق نشرته في الخامس عشر من الشهر الجاري ان اللجنة التابعة للكونجرس الامريكي والتي حققت عام 2002 في هجمات سبتمبر قد خلصت الى استبعاد “تورط كبار المسؤولين السعوديين او جهات حكومية سعودية في تمويل تنظيم القاعدة”.
ماذا بعد موافقة الكونجرس؟
إذا وقع الرئيس باراك أوباما، على التشريع الذي وافق مجلس النواب على تمريره، فسوف يتيح ذلك المضي قدماً في دعاوى بالمحكمة الاتحادية في نيويورك، تسعى لإثبات أن السعوديين كانوا ضالعين في تلك الهجمات على مركز التجارة العالمي، ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) في 2001.
وفي أول رد فعل له، ألمح البيت الأبيض، أمس الثلاثاء، لعدم توقيع أوباما عليه، حيث قال جوش إيرنست المتحدث باسم البيت الأبيض للصحفيين: “في ضوء المخاوف التي عبّرنا عنها (…) من الصعب تصور أن يوقع الرئيس على هذا التشريع”.
ونقلت نيويورك تايمز عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية، ومساعدين في الكونجرس، القول إن إدارة الرئيس أوباما حشدت نواباً بالكونجرس، للتصدي لمشروع القانون الذي أقرته اللجنة القضائية بمجلس الشيوخ.
ويعترف مسئولون أمريكيون، بحسب صحف امريكية، أن مشروع القانون المذكور يعد حالة شاذة في الكونجرس خصوصا أنه يرعاه السيناتور جون كورنين، الجمهوري من تكساس، والسيناتور تشاك شومر، الديمقراطي من نيويورك، ويحظى بدعم تحالف غريب من أعضاء مجلس الشيوخ الليبراليين والمحافظين، بما في ذلك آل فرانكن، الديمقراطي من ولاية مينيسوتا، وتيد كروز، الجمهوري من تكساس، علمًا أنه تم تمرير مشروع القانون أمام اللجنة القضائية في يناير المنصرم دون أي معارضة.
وسبق أن قالت صحيفة نيويورك تايمز 15 أبريل الماضي أن “مشروع القانون يهدف لتوضيح أن الحصانة الممنوحة للدول الأجنبية في ظل هذا القانون لا ينبغي أن تنطبق على الحالات التي يتبين فيها بأن هذه الدول مسؤولة عن هجمات إرهابية يذهب ضحيتها الأميركيون على الأراضي الأمريكية”، أي يجرد الحكومات الأجنبية من الحصانة في القضايا الناجمة عن هجوم إرهابي يقتل فيه أمريكيون على أراض أمريكية”.
ولكن في حال تمرير مشروع القانون في مجلسي النواب والشيوخ وتوقيع الرئيس عليه، فإن ذلك قد يمهد الطريق لفحص دور الحكومة السعودية في حوادث 11 سبتمبر ضمن دعاوى قضائية أمريكية، ويؤدي لتدهور جديد في العلاقات.
ولكن طالما أن الرئيس اوباما لن يوقعه، فلا حاجة للتهديدات السعودية حاليا، ببيع أصولها والخسارة الاقتصادية فيها، وسيظل التشريع مجرد أثبات انه من حق الامريكان قانونا رفع قضايا على دول في حالات الاتهام بالإرهاب، دون أن يكون الامر متعلق بالسعودية تحديدا.
وفي 2 مايو 2016 هددت السعودية أمريكا، ببيع سندات خزانة وأصول أخرى بالولايات المتحدة تصل قيمتها لـ 750 مليار دولار، في حال إقرار الكونجرس لمشروع قانون يحمّل المملكة مسؤولية معينة في اعتداءات 11 سبتمبر 2001.
وقال وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، إن “قانوناً كهذا سيسبب تآكلا لثقة المستثمرين، لكن الإدلاء بتصريحات كالقول – يا إلهي السعوديون يهددوننا – هي تصريحات سخيفة”، في إشارة لعدم صحة التهديدات السعودية.