‘مؤتمر حزب حركة النهضة في تونس: هل هو إعلان نهاية الإسلام السياسي؟’

23 مايو، 2016

جيوبوليس –  

يعقد حزب حركة النهضة الإسلامي يوم 20 و21 و22 آيار/ مايو 2016، مؤتمره العاشر برادس، بالقرب من تونس، وهو حدث كبير بالنسبة للحياة السياسية في تونس، ولكن أيضا للحركة التي قادت الحكومة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2011 ويناير 2014. ليتمكن من مراجعة مبادئه، وليتوقف عن تعريف نفسه بالحركة الدينية.

فوفق ما ورد في موقع “إسباس ماندجر” فإن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي سيحضر هذا المؤتمر –وقد حضر فعلا-، وهذا يدل على أهمية هذا الاجتماع الذي حضره 10 ألاف شخص، من بينهم 200 ضيف قادم من أربع مناطق مختلفة من العالم.

نظرة في التاريخ: ولدت النهضة رسميا سنة 1989 وأخذت شكل حركة الاتجاه الإسلامي، لمؤسسيها راشد الغنوشي وعبد الفتاح مورو. بعد أن درس راشد الغنوشي في القاهرة، المكان الذي تبنى فيه منهج الإخوان المسلمين. عاد إلى تونس سنة 1969 لتدريس الفلسفة في أحد المعاهد. بالإضافة لاستغلال المساجد، وهو الأمر الذي أعجب عديد الشباب وقتها.

في نفس الوقت بدأت الحركة في ممارسة العمل السياسي وطورت من نشاطها الاجتماعي، عبر القيام بالأعمال الخيرية. جعل هذا الوضع رئيس تونس، في ذلك الوقت، الحبيب بورقيبة يرتاب من نشاطات الحركة، فوضع قياداتها في السجن. ولكن رئيس الوزراء بن علي تمرد عن القائد الأعلى في تشرين الثاني/ نوفمبر 1987 ومن ثم عفا عن راشد الغنوشي.

روت صحيفة لكسبراس أنه أثناء الانتخابات التشريعية سنة 1989 تحصل الإسلام السياسي على 13 بالمائة من الأصوات. ولكن في الحقيقة بلغت حصيلة الأصوات المكتسبة 30 بالمائة. ما جعل الرئيس بن علي يشعر بالقلق أيضا. في سنة 1990 تظاهر الإسلاميون بسبب غزو العراق للكويت ومن ثم بسبب التدخل الغربي في الحرب. في ربيع 1991 تحركت السلطات نحو قمع هذا التحرك. اعتقل المئات من أنصار الإسلام السياسي وغادرت العديد من قيادات النهضة للمنفى.

حُكم على راشد الغنوشي بالسجن المؤبد بتهمة التآمر ضد أمن الدولة، واستقر في لندن وبقي هناك حتى الثورة التونسية في 14 كانون الثاني/ يناير 2011. رجع لتونس بعد أسبوعين من هذا الموعد واستقبله الآلاف في المطار. لتمارس النهضة من بعد نشاطاتها بكل حرية وتفوز في الانتخابات التشريعية في 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011 وتترأس الحكومة.

حصيلة الوصول للسلطة

مر الحزب الإسلامي بامتحان خطير بعد وصوله للسلطة وبخسارته الانتخابات التشريعية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2014. ولكن اليوم وبعد تفكك حركة نداء تونس؛ عادت النهضة للريادة من جديد. ورغم أن المتنافسان يحكمان، بشكل ما، مع بعض، إلا أن البعض من داخل النهضة ينتقد هذا التحالف مع اللائكية. كما أن على الحركة مسئولية التعلم من ماضيها في السلطة وأن تضع خطة إستراتيجية للمستقبل.

لاحظت صحيفة لكسبراس أن “كل الحركات الإسلامية بالمغرب العربي والإسلام السياسي التونسي هي أكثر من أثار جدلا نظريا وسياسيا كبيرا” ويبدو ذلك جليا من خلال التحضيرات الهامة التي تجريها الصحافة التونسية لهذا المؤتمر. وكان أكثر التركيز حول حصيلة ممارسة الحزب للسلطة، وعدم تردده في القيام بالانتقاد الذاتي.

كشف موقع بزنس نيوز عن وثيقة داخلية من النهضة يمكن الاعتماد عليها، تشرح تمكن الحزب من السلطة، فورد فيها “لم يكن للحركة رؤية واضحة أو منهج محدد لصناعة واختيار الرجال الأنسب للسلطة. لم يكن للحركة رؤية ثابتة حول الأولويات الاجتماعية والاقتصادية. كما أبطأ الحزب في تحقيق تأملات الشعب خاصة على المستوى التنموي. وكان هناك قلة في المبادرات السياسية ونقصان في توطيد العلاقة مع الشعب”. كما رأينا أن الكثير من الامتيازات كانت بين أعضاء الحزب ولم تشمل كامل الشعب. كما صحب وصول الإسلاميين للسلطة أزمات اقتصادية وسياسية لا سابق لها، بالإضافة إلى استقواء السلفيين وظهور أعمال إرهابية.

هل نشهد مرور الحزب نحو العَلمانية؟

ماذا عن مستقبل الحزب؟ في الجانب الاقتصادي يهدف برنامج الحزب لتحسين القدرة الشرائية وإصلاح بعض النقاط ذات السيادة في تونس، ومحاربة الفساد والبطالة وتثبيت بيئة مناسبة للتنافس الحر في مجال عالم الأعمال. وهو برنامج لا يمكن لأي خبير اقتصادي إلا أن يعتبره شبه كامل.

ولكن الجانب السياسي هو ما ينتظره المتابعون لحزب النهضة. بالنسبة لموقع بزنس نيوز، فيمكن لهذا المؤتمر أن يثبت أن الحزب “يُطور من هويته” وحتى من إيديولوجيته. من الواضح أن الحركة الإسلامية يمكنها التفريق بين الإسلام والسياسة. وهذه هي الثورة الحقيقية أن تصبح النهضة “حزب سياسي مدني تونسي كلاسيكي”.

وهذا ما أكّده راشد الغنوشي، في حواره المطول مع صحيفة لوموند بقوله: “لا يوجد مبرر للإسلام السياسي في تونس” كما قال: “نحن نؤكد أن النهضة حزب سياسي ديمقراطي مدني ذو مرجعية حداثية مستمدة من القيم الحضارية للمسلمين”.

أصبح الإسلاميون أكثر وعيا بأهمية العَلمانية في عيون التونسيين، وفق ما أبداه آخر استطلاع آراء أجري في تونس؛ فإن 72.8 بالمائة من الذين أجري معهم الاستقصاء قالوا أنهم مع الفصل بين الإسلام والسياسة.

ولكن، هل يكفي هذا لإقناع المعارضين لحزب حركة النهضة، الذين يعتبرونها تمارس “ازدواجية الخطاب” والنفاق؟ بالنسبة للبعض مجرد ممارسة هذا التوجه يدل على وجود “إعادة إحياء تكتيكي” للحزب. ولكن هل هذه خدعة من خدع “حركة الإسلام السياسي” لاستعادة العذرية وتشكيل صورة جديدة تقرب أكثر من واقع المجتمع التونسي؟ بالنسبة لموقع بزنس نيوز فالشكوك واردة: هل هو التكتيك الانتهازي أو الثورة الإيديولوجية؟