‘الجارديان: مكة تستعد لافتتاح “مدينة في السماء” على طراز “فيجاس” و”ديزني لاند”’

24 مايو، 2016

محمد الشبراوي –

قالت صحيفة “الجارديان” البريطانية إن مكة المكرمة تستعد لافتتاح أكبر فندق في العالم يوصف بأنه “مدينة في السماء”، مشيرة إلى أن مجموعة الأبراج التي يضمها الفندق تشبه أبراج مدينة “لاس فيجاس” أكبر مدن ولاية نيفادا الأمريكية، ما سيحول المنطقة الي ما يشبه “ديزني لاند”.

ولفتت الصحيفة إلى أن الأبراج التي يطلق عليها “مدينة في السماء” مقامة على الشكل التقليدي للقلاع الصحراوية، رغم أنها تبدو من الخارج كأحد قلاع “ديزني لاند” الخيالية، ويتوسطها أضخم قبة في العالم على الطراز الأندلسي.

ونقلت الصحيفة عن “عرفان العلاوي” المدير التنفيذي لما يسمي “مؤسسة أبحاث التراث الإسلامي”، انتقاده لهذا الفندق الذي يزعم أنه يشوه المنطقة وتراثها التاريخي، ويقول “إن مناسك الحج سوف تختلف عن سابقتها بعد بناء هذا الفندق، حيث أصبح الأمر مماثلا لرحلة إلى لاس فيجاس الأمريكية، بعد أن كانت تتسم شعائره بالبساطة”.

وقوله إن “المدينة تتحول بذلك إلى “مكة المكرمة -هتان”، و”هذه هي الأيام الأخيرة لمكة”، وأنه “تم جرف كل شيء لإفساح الطريق لمسيرة لا تتوقف من الفنادق الفاخرة، التي تدمر قدسية المكان وترفع تسعير الحجاج الطبيعية بها”.

2.3 مليار دولار و10 آلاف حجرة

ولفتت الصحيفة البريطانية إلى أن هذا الفندق العملاق المفترض افتتاحه العام المقبل 2017، يتكلف 2.3 مليار دولار، ويحتوي على 10 آلاف حجرة نوم وبه 5 طوابق خاصة بالعائلة الملكية إضافة إلى 4 مهابط طائرات، و70 مطعم.

ويضم الفندق 12 برج يطلق عليها “أبراج كدي” ويرتفع 45 طابق في صحراء مكة وسيتم افتتاحه في 2017، وستستقبل أجنحته الفاخرة ذات الخمس نجوم الحجاج من منطقة الخليج ومن على شاكلتهم من الأثرياء الذين يأتون إلى حج بيت الله الحرام.

ويقع المشروع في منطقة “منافع” التي تبعد 1.6 كم جنوب الحرم المكي، ويتم تمويل المشروع من قبل وزارة المالية السعودية، وصممه مكتب “دار الهندسة”، وهي المجموعة التي تتولى بناء المطارات في دبي.

والأبراج مبنية بالقرب من بعضها، لذا يمكنك الاستمتاع بالمنظر كاملا من غرفتك المطلة على أعمدة مزخرفة على الطريقة الأندلسية، والعمارة العثمانية، والنوافذ التي تعكس النور من خلال الزجاج الملون، بحسب الصحيفة

تليجراف: يتفوق على “لاس فيجاس”

وسبق لصحيفة “تليجراف” البريطانية أن وصفت، في تقرير نشرته مايو 2015 الماضي، الفندق بأنه يتفوق علي أكبر الفنادق في العالم الموجودة في مدينة لاس فيجاس الأمريكية للملاهي.

وقالت الصحيفة، إن الفندق الذي يقع على مسافة 2.2 كم من الكعبة، ويضم 12 برجا، بالإضافة إلى أكبر قبة في العالم مصممة على الطراز الأندلسي، منها عشرة أبراج ستكون من فئة “4 نجوم”، بينما البرجان الآخران من فئة “5 نجوم”، ستخدم الملايين من المعتمرين والحجاج والزوار سنويا.

وأشارت “تليجراف” إلى أن الفندق الذي يجري بناؤه على مساحة 60 ألف متر مربع، ومساحته الاجمالية 1.4 مليار متر مكعب، سوف يتضمن بناء مول تجاري ضخم وجراجات ضخمة لاستقبال ألاف السيارات التي ستزور المنطقة.

وقالت إن أكبر الفنادق في العالم حتى الآن هي تلك الموجودة في لاس فيجاس والبندقية وبلازكو، وتعمل كفندق واحد، وبها 7117 غرفة، وأن فندق أم جي أم جراند في لاس فيجاس عدد مفاتيح غرفه 6852، بينما فندق مكة 10 الاف حجرة.

فورين بوليسي: يشوه معالم مكة

أيضا وصف تقرير نشرته مجلة “فورين بوليسي” سبتمبر الماضي بعنوان: “كيف تهدد “هوجة” البناء أقدس مدينة في الإسلام” بناء هذا الفندق العملاق بانه “تدمير لمعالم مكة المدينة المقدسة في ظل هوجة البناء الحالية”.

وأوضح التقرير الأمريكي، إن “المواقع التاريخية ذات الصلة بحياة النبي محمد صلي الله عليه وسلم تم هدمها، والبناء عليها في العقود الأخيرة، وأن مرافق مثل فندق هيلتون وبرغر كينغ تقف الآن على أنقاض منزل ابو بكر الصديق أقرب رفيق للرسول والخليفة الأول للمسلمين، ومنزل السيدة خديجة زوجة النبي، وأصبح جزء منها موقع لقرابة 1400 من المراحيض العامة”، بحسب زعمها.

وتحدث التقرير عن إنفاق التكلفة المليارات من الدولارات، في حملة البناء بمكة المكرمة، ولكنه نقل عن مراقبين إشارتهم إلى أن ما يجري “اعتداء على الطابع الجمالي والثقافي للمدينة المقدسة وتدمير العشرات من المواقع التاريخية والمزارات في جميع أنحاء المدينة المقدسة، يثير سخط نقاد في العالم الإسلامي”.

وضرب التقرير مثلا بقلعة (أجياد) المترامية الاطراف التي بنيت في العهد العثماني، والتي كانت حصنا لأكثر من 200 سنة ضد تهديدات الغزو وتعود للعهد العثماني والتي تم إزالتها لإنشاء الفندق الضخم الذي يضم 11 برجا سكنيا وفندق فئة خمس نجوم وسوق تجاري ومواقف للسيارات تسع 1600 سيارة، وقالت إن هذا أثار أزمة بين تركيا والسعودية عام 2002 ووصفها وزير الثقافة التركي بـ “المذبحة الثقافية”.

وقالت إنه “تم داخل مجمع المسجد الحرام هدم أعمدة يعود تاريخها إلى العصر العباسي، والكثير من علامات المواقع الهامة التقليدية لأنها تقع في مسار البناء”.

ونقل التقرير عن “سامي عنقاوي” مؤسس مركز أبحاث الحج، قوله لصحيفة الجارديان: “ان هذه المباني الحديثة تحول الحرم المقدس إلى آلة، وتجعل المدينة بلا هوية، لا تراث، ولا ثقافة، وبدون البيئة الطبيعية لها.”

وقال المجلة إن فندق وبرج مكة الذي يقع على ارتفاع 1972 قدمًا ويعتبر من بين أطول المباني في العالم، هو جزء من تطور ناطحات السحاب العملاقة التي تضم مراكز التسوق الفاخرة والفنادق والمطاعم التي تخدم فاحشي الثراء، بعدما تم دك الجبال القديمة حول المدينة، وأصبحت تحيط بها اليوم بشراسة الهياكل الصلبة والخرسانات المستطيلة، وهو ما يشبه مزيجًا معماريًا من ديزني لاند ولاس فيغاس.

“لوبوان”: مباني شبيهة بلاس فيجاس في مكة

وفي السياق ذاته نشرت صحيفة “لوبوان” الفرنسية؛ تقريرا يوم 12 سبتمبر الماضي حول سقوط رافعة في الحرم المكي، نقلت فيه تساؤلات علماء وجمعيات إسلامية حول الجدوى من كثرة المشاريع الفاخرة والعملاقة في مدينة مكة، زاعمه أنها “تهدد بطمس الهوية الدينية لهذه المدينة المقدسة”، وقالت أن مكة أصبحت شبيهة بلاس فيجاس الامريكية.

ونقلت الصحيفة عن الباحث البريطاني، ضياء الدين ساردر، الذي قام بأبحاث حول الحج في جامعة جدة لمدة 40 سنة، حيث يقول إنه تم خلال الـ 50 سنة الماضية، تحويل المدينة (مكة) التي ولد فيها النبي محمد إلى ما يشبه مدينة ديزني لاند”، بحسب قوله.

وكرر (ساردر) ما قالته صحف غربية عن اختفاء منزل السيدة خديجة، أول زوجات الرسول، بعد أن تم اكتشاف آثار هذا المنزل في سنة 1989، أثناء القيام بأشغال تهيئة المنطقة، وطمسها لفسح المجال لبناء دورات مياه عمومية، واختفاء منزل الخليفة الأول أبو بكر، الصحابي المقرب من الرسول، بعد أن تمت تسويته بالأرض.

ونقلت “لوبوان” عن “معهد الخليج العربي للدراسات”، ومقره في واشنطن، إلى أن أكثر من 95 في المئة من المباني التي يتجاوز عمرها الألف سنة، قد تم تدميرها.

وقالت الصحيفة إن أصوات عديدة ارتفعت منذ عشرات السنين، لتحذير الرأي العام العالمي من خطورة الأشغال التي تشهدها مدينة مكة، وأن بعضها يهدد بتدمير الخصائص المعمارية لهذا المكان المقدس.

24 مايو، 2016