ميليشيا الحشد الشعبي من هي؟ ومدى تبعيتها لإيران؟
27 مايو، 2016
يشهد العراق في الآونة الأخيرة نقاشات حادة حول قيام “الحشد الشعبي”، وهو ميليشيات شيعية موالية للحكومة ومشاركة في العمليات العسكرية الرامية لاستعادة مدينة الفلوجة، بمحافظة الأنبار، غربي العراق، من يد تنظيم “الدولة الإسلامية”، بتنفيذ هجمات عشوائية تستهدف المدنيين، وتودي بحياتهم.
وتأسس “الحشد الشعبي” بناءً على “نداء للجهاد”، أطلقه زعيم أكبر المرجعيات الشيعية في العراق، “آية الله علي السيستاني”، عقب سيطرة “تنظيم الدولة” على مدينة الموصل عام 2014، وامتداده بعد ذلك إلى محافظة الأنبار ومدينة تكريت، وذلك خشيةً من متابعة التنظيم زحفه نحو العاصمة بغداد.
واستجابة لنداء “السيستاني” تجمّع الآلاف من عناصر الميليشيات الشيعية، وشكّلوا “الحشد الشعبي” المعروف بولائه لإيران، وعدائه المذهبي للسنة.
ورغم أنّ “الحشد الشعبي” تأسس بهدف دعم القوات العراقية، التي لم تستطع مقاومة امتداد “تنظيم الدولة” نحو الموصل وتكريت والأنبار، إلّا أنّ عناصره بدؤوا يتصرفون من منطلق مذهبي مع السنة، وقاموا بمهاجمة بيوت ومحال أهل السنة في تكريت وديالا ومناطق أخرى، وأضرموا فيها النار، ونهبوا ممتلكاتها، وقتلوا واعتقلوا العديد منهم حسب اتهامات من أطراف عراقية عدة.
مجموعات “الحشد الشعبي”
لا توجد معطيات رسمية حول عدد عناصر “الحشد الشعبي”، لكن هناك جهات تقول إنّ عدد عناصره يبلغ قرابة 300 ألف، ومن أبرز هذه المجموعات: “قوات بدر”، و”كتائب حزب الله”، و”عصائب أهل الحق”، و”كتائب الإمام علي”، و”كتائب سيد الشهداء”، و”سرايا الخرساني”، و”كتائب أنصار المرجعية”، و”كتائب علي أكبر”، و”فرقة العباس القتالية”، و”سرايا عاشوراء”، و”سرايا أنصار العقيدة”، و”سرايا الجهاد”، و”فيلق الكرار”، و”كتائب المنتظر”.
وذكر تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الحقوقية الدولية، في شهر يناير/كانون الثاني الماضي، أنّ ممارسات بعض مجموعات “الحشد الشعبي” في مناطق السنة، ترقى لمستوى جرائم حرب.
وأضاف التقرير أنّ الميليشيات الشيعية أحرقت العشرات من المساجد والمحال التجارية العائدة للسنة، مشيراً في هذا الخصوص، إلى وقوف “قوات بدر” و”عصائب أهل الحق”، وراء هذه الجرائم.
الدعم الإيراني
وحسب منتقدين، فقط بسطت إيران نفوذها على “الحشد الشعبي” من خلال تقديم الدعم المادي والعسكري والاستخباراتي له، فالقنوات المقربة من “الحشد الشعبي”، لا تتوانى في نشر صور الإيراني، “قاسم سليماني”، قائد “فيلق القدس”، التابع لقوات الحرس الثوري الإيراني، مع قادة الكتائب الشيعية العراقية المنضوية تحت سقف “الحشد الشعبي”.
ونشرت هذه القنوات مؤخراً صوراً لـ”سليماني”، مع عدد من قادة الكتائب الشيعية، وهم يخططون لعمليات الفلوجة، الأمر الذي أثار القلق في نفوس السنة، وبدأت الشكوك تحوم حول احتمال أن تنقلب عملية الفلوجة، إلى عملية مذهبية بحتة، للانتقام من السنة.
وبشكل عام، ينظر أهل السنة لتصاعد قوة “الحشد الشعبي”، على أنه احتلال إيراني للعراق، وبالتوازي مع هذه النظرة، فإنّ بعض الميليشيات الشيعية العربية، تنتقد هذا التصاعد، وتصفه بأنه يهدف لتغييب الهوية العراقية العربية، وتشير هذه الميليشيات إلى أنّ تصاعد قوة “الحشد الشعبي”، من شأنه الإخلال بالاستقرار السياسي في البلاد.
وفي هذا السياق، قال “شاهفان عبد الله”، عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب (البرلمان) العراقي، إنّ “الحاجة للحشد الشعبي ناجمة عن ضعف الجيش العراقي، وإنّ مشاركة الحشد في العمليات العسكرية في العديد من المناطق السنية، تبعث القلق في نفوس أهل السنة والمجتمع الدولي”.
وتابع عبد الله قائلاً: “للأسف فإنّ الجيش العراقي عاجز عن استعادة المناطق التي خسرها لصالح تنظيم الدولة، ولهذا السبب فإنّ الجيش يضطر لطلب المساعدة من الحشد الشعبي الشيعي، وعلى الرغم من أنّه تمّ اتخاذ قرار (في السابق) بعدم إشراك الحشد في العديد من العمليات العسكرية، إلّا أنّ ذلك لم يُطبّق بسبب عدم قدرة الجيش على القيام بعمليات التحرير بمفرده”.
وعن دور الحشد الشعبي في عمليات استعادة الفلوجة، التي بدأت الإثنين الماضي، قال عبد الله: “بالنظر إلى الانتهاكات التي ارتكبها الحشد الشعبي فيما سبق، فقد طُلب منه كسر الخط الأمامي لتنظيم الدولة في الفلوجة، ومن ثمّ الانسحاب والتنحي جانباً، لكن على ما يبدو أنّ الحشد لن ينفذ ما طُلب منه، وسيتابع المشاركة في العمليات العسكرية حتّى النهاية، لذا فإنّ هناك احتمال أن تنقلب هذه المشاركة إلى عمليات انتقامية، وربما تودي بحياة العديد من السنّة الموجودين في الفلوجة”.
مُقاضاة قيادات الحشد
تناول قورمانج عثمان، مستشار لجنة حقوق الإنسان التابعة لمجلس وزراء الإقليم الكردي في العراق، شرعية “الحشد الشعبي” والعواقب القانونية المحتملة لممارساتهم ضدّ المدنيين، حيث قال في هذا الصدد: “الحشد الشعبي لم يتشكل استناداً إلى قانون معين، بل تشكّل بفتوى دينية، ولذلك لم تُرفع إلى الآن أي دعوى قضائية بحق ممارساتهم، لا في المحاكم المحلية، ولا في المحاكم الدولية، لكن بعد أن تضع الحرب أوزارها، فإنّه من الممكن عرض بعض قادة الحشد على المحاكم الدولية، استناداً إلى ما أحصته جمعيات حقوق الإنسان عن ممارساتهم ضدّ المدنيين”.
وأردف عثمان قائلاً “: “رصدت بعض جمعيات حقوق الإنسان والمنظمات المدنية الوافدة إلى المنطقة، كيفية إحراق الحشد الشعبي لمنازل المدنيين، وقتلهم أثناء الاشتباكات، وهناك ادعاءات حول اغتصاب عناصر الحشد للنساء، ولكن هذه الادعاءات لم توثّق بعد، وفي حال لم ينخرط الحشد ضمن صفوف الجيش عقب إنهاء وجود تنظيم داعش في العراق، فإنّ مشاكل كبيرة ستنتظر البلاد مستقبلاً”.
جدير بالذكر أنّ الجيش العراقي، والشرطة، والحشد الشعبي، وقوات العشائر السنية، يشاركون في معركة السيطرة على الفلوجة من يد التنظيم.