بعد تحذير الرياض.. ماذا لو لم تكف إيران يدها عن العراق؟
3 يونيو، 2016
“احتلال إيراني بغطاء أمريكي” يحكم قبضة حديدية على العراق ومؤسساته الأمنية وهياكله العسكرية، بل نجحت طهران في تأسيس شبكة من الميلشيات الشيعية تحت إدارة مباشرة للجنرال الإيراني قاسم سليماني.
لديها نفوذ يفوق نفوذ الجيش العراقي نفسه، وبحسب حزمة من المؤشرات الميدانية فإن إيران لن تكف يدها عن العراق كما طالب وزير الخارجية السعودي، بل تخطط بحسب مراقبين للمزيد من التغلغل على أرض وسماء وحدود العراق وحكومته، وتخطط للمزيد من الحشد العسكري على الحدود مع السعودية، وتعلن بلا خوف حشد خمس ألوية برية إيرانية، وتدعو لتأسيس حرس ثوري عراقي.
فماذا سيكون رد الفعل السعودي لتأمين عمقها الاستراتيجي على حدودها الشمالية مع العراق، وما أوراق الضغط التي بإمكانها تغيير المعادلة بتوقيت حرج لم يعد يحتمل أي تأخير أو فرص ضائعة في ظل سيناريوهات سوداء تخيم على مستقبل بلاد الرافدين والشام معا؟
من يكف يد إيران؟
طالب وزير الخارجية السعودي عادل الجبير -في مؤتمر صحافي مع نظيره البريطاني فيليب هاموند في جدة الأحد- إيران بأن تكف يدها عن العراق حيث تدعم فصائل شيعية مسلحة في القتال ضد تنظيم الدولة، معتبرا أن سياساتها الطائفية هي جزء من المشاكل فيه.
وقال الجبير “إذا إيران (كانت) تريد السكينة والاستقرار للعراق، فعليها أن تكف يدها من العراق وتنسحب“.ورأى أن “تواجد إيران في العراق بأي شكل كان غير مقبول، إرسال ميليشيات شيعية إلى العراق أو تدريبها لتلعب دورا طائفيا في العراق أمر غير مقبول”، معتبرا أن “المشكلة في العراق التي أدت إلى الانقسام والتفرقة (…) هي السياسات الطائفية التي أتت بسبب سياسات إيران“.
وتنفرد إيران بدور واسع في العراق، أكان بتأثيرها على العديد من القوى السياسية الشيعية التي تشكل ركيزة الحكم في البلاد، أو بتوفيرها دعما للعديد من الفصائل الشيعية التي تقاتل إلى جانب القوات الأمنية ضد تنظيم الدولة الذي سيطر على العديد من المناطق ذات الغالبية السنية في شمال العراق وغربه في حزيران/ يونيو 2014.
وخلال المعارك التي شهدتها مناطق عراقية خلال الأشهر الماضية، تداولت وسائل إعلام ومواقع التواصل صورا لقائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني اللواء قاسم سليماني، أثناء تواجده في الميدان.وإضافة إلى المستشارين العسكريين في العراق، توفر إيران دعما واسعا لنظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي تدعم السعودية معارضيه.
ويقف الخصمان اللدودان السعودية وإيران على طرفي نقيض في نزاعات المنطقة، خصوصا في اليمن وسوريا والعراق. وقطعت الرياض علاقاتها الدبلوماسية بطهران مطلع السنة الجارية، وهي تتهمها بالتدخل في شؤون الدول العربية، واتباع سياسات قائمة على أساس مذهبي.
في الفلوجة سينتصر سليماني
في رصد لتطورات المشهد الميداني الكارثي في العراق قال الكاتب “حازم الأمين” في مقال له بصحيفة “الحياة اللندنية” بعنوان ” في الفلوجة سينتصر سليماني وسيتمدد «داعش» … وسننكفئ” في 29 مايو، “عبثاً حاول رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي إبعاد الكأس المرة التي أذاقه إياها قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني عبر زيارة الأخير محاور القتال مع «داعش» في الفلوجة والتقاطه صوراً لنفسه هناك مع مقاتلي الحشد الشعبي (الشيعي). العبادي اصطحب في اليوم الثاني رئيس البرلمان (السني) سليم الجبوري وعدداً من وزرائه السنة أيضاً في محاولة لامتصاص تداعيات زيارة سليماني، لكن السيف كان قد سبق العذل، وسقط العبادي وكذلك الجبوري في شرك الجنرال الإيراني.
وأوضح “الأمين” أن “هزيمة «داعش» في الفلوجة صارت مهمة أصعب بعد زيارة جنرال الحرس الثوري هناك..فالفلوجة في عرف إعلام واسع الانتشار «عاصمة المقاومة» و»مدينة المساجد»، وهي في عرف إعلام آخر «مدينة الإرهاب». والرابح من هذا الضجيج هما «داعش» وسليماني.
عقدية إيرانية عدوانية..تتوعد بالثأر
مؤشرات عديدة تؤكد أن إيران تستعد ليس فقط للهيمنة على العراق بل وتحويلها رأس حربة ضد الرياض، فقد اعتبر قائد فيلق لقدس، قاسم سليماني، أن تدخل إيران في العراق وسوريا مصدر “الاستقرار والأمن” في إيران، ودافع سليماني-على هامش مؤتمر يحتفي بثمانية آلاف قتيل من القوات الإيرانية من محافظة جيلان بعضهم قضى مؤخرا في سوريا-عن سقوط قتلى من الحرس الثوري والجيش الإيراني والميلشيا التابعة لهم، معتبرا إياها دفاعا عن النظام الإيراني”.أما ممثل ولي الفقيه في فيلق القدس “علي شيرازي” فشدد على أهمية “تصدير الثورة” إلى اليمن والعراق وسوريا مهددا السعودية بالثأر من قتلي إيران الذين سقطوا في “الثورة وحرب الخليج الأولى” إضافة إلى الذين سقطوا خلال تدخل إيران العسكري في سوريا.
إيران تحشد ألوية في العراق..ضد من؟
خطر إيران تجاوز احتلال العراق إلى خطر تهديد السعودية بقوات إيرانية، فقد كشف قائد القوات البرية الإيرانية، العميد أحمد رضا بوردستان، أن إيران حشدت 5 ألوية عسكرية لدخول الأراضي العراقية.وقال بوردستان: “القوات المجهزة هي ألوية من القوات البرية، وأنجزت عمليات الاستطلاع في الجانب الآخر من الحدود العراقية، وأصبحت جاهزة للاشتباك بشدة.”
وقال العميد بوردستان في تصريح لصحيفة “صف” الصادرة عن الجيش الإيراني، ونشرتها وكالة فارس للأنباء، إن “القوات الإيرانية في حال شعرت بأن الإرهاب يعتزم عبور خط الأربعين كيلومتراً داخل العراق، فهي ترى أن من حقها الدخول إلى الساحة والتصدي له داخل الأراضي العراقية.
السلاح الإيراني على الحدود السعودية
ليس فقط ألوية إيرانية بل السلاح الإيراني على الحدود السعودية، بحسب تصريحات شيخ مشايخ الأنبار وعشيرة البونمر نعيم الكعود إلى «عكاظ»، في 3 مارس 2016 بأن “تخزين السلاح الإيراني على الحدود مع السعودية أمر متوقع وليس بالمفاجأة خصوصا في ظل وجود الحشد الشعبي في هذه المناطق ..ونحن نعلم بالتحركات الإيرانية على الحدود السعودية لكن العشائر للأسف الآن غير مؤهلة من حيث التسليح لردع هذه الميليشيات التي تنتشر على كافة الأراضي العراقية.“
وقال الكعود – والذي تعتبر عشيرته «البونمر» (رأس الحربة) في مواجهة تنظيم داعش. إن التحركات الإيرانية على الحدود مع السعودية ارتفعت وتيرتها في الآونة الأخيرة، ولم يعد سرا أن إيران تريد أن يكون لها راع على كل المناطق الحدودية مع السعودية.
ما أوراق الرياض؟
في مقابل مخططات سليماني وخامنئي تعمل السعودية على إفشال المخططات الإيرانية الخاصة بالسيطرة على صناعة القرار في العراق، فحسب صحيفة النيويورك تايمز، “تعمل المملكة على تقديم الدعم المالي المباشر للعشائر السنية، بعد أن فقدت الثقة بحكومتي المالكي والعبادي، وشعورها بضرورة أن تسند المجموعات السنية في ظل احتمال توسع الحرب الأهلية، ولم تكتف السعودية بذلك، بل قامت كذلك بحث بقية الدول العربية في الخليج للقيام بدور مباشر في دعم مجموعات العشائر السنية في العراق. فحسب السفير الأمريكي السابق في الكويت “ادوارد جنهام”، ضغطت السعودية على الأعضاء الأخرين في مجلس التعاون الخليجي، لتقديم دعم مالي للسنة في العراق.
كذلك أعلن السفير السعودي في بغداد، ثامر السبهان، إن السعودية مستعدة لقتال تنظيم “الدولة” في العراق إن طلبت الحكومة العراقية ذلك، مؤكداً أن بلاده “تحارب التطرف بكافة أنواعه وأشكاله، والعراق يعاني من جرائم داعش والمنظمات الإرهابية“. في خطوة تستهدف بحسب مراقبين تفكيك ذرائع الوجود الإيراني وميلشاتها.
الأكثر تأثيرا هل تعلن الرياض اشتراط وتعليق دعمها للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضد داعش، بانسحاب فيالق الحرس الثوري الإيراني، ووقف الحشد الإيراني الطائفي، ووضع الميلشيات الشيعية على قوائم الإرهاب؟ ولكن هل ستقبل واشنطن بخسارة الحليف الإيراني وتفكيك الشراكة الإيرانية الأمريكية لصالح أمن الحليف السعودي؟