‘“جرف الصخر”.. سجن العراقيين “السنة” ومعقل المليشيات’
3 يونيو، 2016
بعد أن كانت معقلاً للمقاومة العراقية ضد الاحتلال الأمريكي لأكثر من 5 أعوام، منذ غزو العراق في 2003، حتى أطلق الأمريكان على الطريق المؤدي إليها “طريق الموت”، تحولت مدينة جرف الصخر (60 كم جنوب غرب بغداد) منذ أكثر من عام إلى معقل للمليشيات “الطائفية”.
المدينة التي كانت عصية على القوات الأمريكية إبان الاحتلال الأمريكي للعراق 2003-2011، أصبحت اليوم نقطة لانطلاق المليشيات إلى المناطق “السنية”؛ للقيام بعمليات القتل والخطف في المناطق القريبة منها، بحسب ما توصل إليه مراسل الـ”الخليج أونلاين” من معلومات؛ عبر لقائه بعدد من سكان مناطق قريبة من جرف الصخر، طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، مؤكدين أيضاً أن المدينة تحولت إلى معتقل للمختطفين من “السنة”.
وأكدت المصادر أن “مليشيات شيعية” منضوية تحت مليشيا الحشد الشعبي، اتخذت من مدينة جرف الصخر سجناً لاعتقال “المدنيين الأبرياء” من أبناء محافظة الأنبار، ومناطق أخرى؛ لكونها تخضع لسيطرة المليشيات بالكامل.
وأشاروا إلى وجود أكثر من 1500 شخص من “أبناء السنة” معتقلين لدى مليشيات الحشد الشعبي؛ لدواع “طائفية ومادية”، داخل منازل وبساتين جرف الصخر.
المصادر أكدت أيضاً أن عناصر هذه المليشيات تنفذ باستمرار حملة إعدامات داخل المدينة لمعتقلين لديها، ومن ثم ترمي جثثهم قرب الأنهر، والمنازل، وقرب مكبات النفايات خارج جرف الصخر.
وأحياناً -بحسب المصادر- “تقوم المليشيات بإحراق الجثث”، لافتين إلى أن “رائحة شواء تحملها الرياح أحياناً إلى خارج بساتين المدينة، يتضح أنها لحرق معتقلين، كذلك ترتفع أعمدة الدخان التي ترافق الرائحة، نكتشف فيما بعد بقايا جثث متفحمة تجرها الكلاب إلى خارج المدينة أحياناً”.
مدينة جرف الصخر عانت كثيراً من الاضطرابات الأمنية منذ عام 2003 ولغاية اللحظة؛ نتيجة لنشوء الجماعات المسلحة، ومنها تنظيم “القاعدة”، الذي اتخذ “جرف الصخر” إحدى مناطق تمركزه في القتال ضد الأمريكان.
المدينة أيضاً سيطر عليها تنظيم “الدولة” بعد فرض وجوده في مناطق مختلفة من البلاد صيف 2014، لكن معركة مشتركة من القوات العراقية والمليشيات ضد تنظيم “الدولة” في المدينة انطلقت في 24 أكتوبر/تشرين الأول 2014، انتهت باستعادة القوات العراقية المشتركة السيطرة على المدينة.
ومنذ ذلك التاريخ تمنع الحكومة العراقية والمليشيات عودة أهالي المدينة الذين نزحوا منها مع انطلاق المعركة، فيما تقول الحكومة والمليشيات المسيطرة على المدينة إن “جرف الصخر” ما زالت غير آمنة؛ بسبب وجود عبوات ناسفة زرعها التنظيم في مناطق متفرقة ومنازل فيها، إلا أن أهلها أكدوا في تصريحات لـ”الخليج أونلاين” وجود خطة تقضي بـ”تشييع” المدينة.
حسين الجنابي، وهو من سكان “جرف الصخر”، قال: إن “آلاف الدوانم الزراعية الخصبة سوف يفقدها أصحابها من سكان جرف الصخر إن لم يسمح لهم بالعودة”، لافتاً النظر إلى أن “خطة التغيير الديموغرافي التي تتبناها المليشيات واضحة، وشملت مدينتنا، لا نستطيع العودة، وإن عدنا سنقتل من قبل المليشيات”.
مراسل “الخليج أونلاين” تمكن -من خلال أحد المعتقلين المطلق سراحهم من سجون المليشيات بعد دفع ذويهم فدية تزيد على 50 ألف دولار للخاطفين- من الحصول على معلومات مؤكدة، تفيد باحتجاز “المئات” من المواطنين الأبرياء داخل مدينة جرف الصخر في المنازل، وداخل أنفاق تحت الأرض.
وكشف المعتقل -الذي طلب الحفاظ على هويته- “تعرض المعتقلين إلى شتى أنواع التعذيب حتى الموت من قبل عناصر المليشيات، وبإشراف رجال دين يرتدون عمائم سوداء”.
وأشار إلى أن “عشرات المعتقلين داخل سجون المليشيات فارقوا الحياة من شدة التعذيب الذي يتعرضون له يومياً”.
من جهته قال الشيخ حماد المرشدي، أحد شيوخ مدينة “جرف الصخر”، في حديث لمراسل “الخليج أونلاين”: إن “معلومات مؤكدة” توصلوا إليها تفيد بأن “المئات من أبناء محافظة الأنبار(غرب البلاد) وجرف الصخر المختطفين، يحتجزون حالياً في سجون سرية للمليشيات داخل مدينة جرف الصخر”.
وفي السياق ذاته قال رئيس تحالف القوى العراقية، النائب أحمد المساري، في تصريح صحفي له، إن مجموعة من أبناء الأنبار الذين تم اختطافهم في وقت سابق، تعتقلهم “إحدى الفصائل المسلحة في منطقة جرف الصخر شمال بابل”، مبيناً أنه “تم إطلاق سراح البعض منهم، فيما لا يزال مصير الآخرين مجهولاً”.