‘محمد برهومة يكتب: عودة فرصة الأردن مع “الجبهة الجنوبية”؟’
4 يونيو، 2016
محمد برهومة
في غضون أقلّ من عشرة أيام، من المفترض أنْ تجتمع المعارضة السورية في الرياض لمناقشة أدائها السياسي والتفاوضي في جنيف، والبحث عن رؤية سياسية واقعية مشتركة، وإعادة هيكلة وفدها المفاوض وضم مجموعتي “القاهرة” و”موسكو” وشخصيات كردية جديدة، عقب استقالة محمد علوش، كبير مفاوضي الهيئة العليا للمفاوضات، الذي نعى محادثات جنيف، مؤكداً أنّ الطريق مسدودٌ مع النظام و”لن أشترك في عملية سياسية قد تدوم خمسة عشر عاماً أو أكثر” بلا نتائج. والحقيقة أنّ اجتماع الرياض المرتقب يأتي في ظلّ معطيات ميدانية لا تعمل في غالبها لمصلحة المعارضة، وهو ما ينبغي لها قراءته بعمق وتدبّر يتفوق على ضجر مقاتلٍ مثل علوش. ويمكن هنا الإشارة إلى جملة معطيات، منها:
أولاً، أنّ المعارضة المعتدلة تتقلص في الشمال السوري، ويتم محاصرة وإضعاف “الجيش الحر” من قبل أكثر من طرف وخصم (مارع نموذجاً)؛ وأنّ العمل جارٍ على تصفية قيادات “أحرار الشام” (كما حدث في إدلب أخيراً)، وأن “جيش الفتح” وفي صُلب قوامه “جبهة النصرة” يحصّنان مواقعهما ويعززانها في إدلب، حيث لم تتمكن المعارضة المعتدلة من إدارة حضورها بشكل مقبول دولياً بعيداً عن “النصرة” المرتبطة بـ”القاعدة” والخارجة من حسابات وقف إطلاق النار، برغم كل نواقصه وخروقاته. هذه المعطيات تكشف عن أن المعارضة المسلحة لم يتبق لها سوى جيب في شمال حلب. وليس معروفاً ما إذا كانت أنقرة، في ظل تراجع نفوذها في الشمال السوري، قد راودها طرح يشير إلى أنه لم يعد أمامها سوى مساندة “النصرة” في إدلب!
ثانياً، إذا صحّت التقديرات بأنّ عيْنَ “داعش” على أعزاز قرب الحدود مع تركيا؛ لتأمين الدعم اللوجستي الذي بدأ يُحاصر مع تحرّك جبهات عدّة ضد التنظيم، فإن هذا قد يُصَعِّدُ من احتمالات طموح الأكراد، الذين يسيطرون على الجانب المقابل من الخريطة (حيث عفرين والشيخ عيسى وتل رفعت)، إلى السعي للوصل بين عفرين ومنبج، عبر خوض معركة بدأت لمحاصرة “داعش” في منبج وربما في الباب تالياً، بدعم أميركي قويّ بالطبع، ما يقدّم صورة عن مركزية معركة منبج حالياً وليس الرقة، ومن شأنه أيضاً أن يرفع من احتمالات سيناريو اتجاه الأكراد نحو أعزاز، برغم العائق الرئيس لهكذا سيناريو، وهو الاعتراض التركي المؤكد. ولا يبدو أن عرض وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو للولايات المتحدة باستبدال تحالفها مع الأكراد ضد “داعش” بقوات تركية كان مواتياً للخطط الأميركية. وإذا تمّ القفز عن التحفظات التركية، فإنّ هذا يؤكد متانة الاستثمار الأميركي في “قوات سورية الديمقراطية”، وربما يعيد تعريف العلاقات الأميركية-التركية، من دون الوصول إلى استنتاجات متسرعة عن فراق بين البلدين؛ إذ قاعدة “إنجرليك” بالغة الأهمية للتحركات الأميركية، ولا تسوية في سورية بغياب تركيا.
ثالثاً، المعارك والخرائط وموازين القوى على الأرض لم تستقرّ، والمعارضة السورية أمام تساؤل عمّا إذا كانت قد فقدتْ (في حال لم تفرض حضورها بمواجهة النظام وروسيا و”داعش” والأكراد)، فرصة صناعة تسوية مع النظام… رآها علوش غير متوقعة قبل خمسة عشر عاماً؟!
رابعاً، أشارت تقارير إلى رغبة إقليمية من دول داعمة للمعارضة كانت تفضّل أنْ تُعطي فصائل “الجبهة الجنوبية”-الجيش الحر دوراً أكبر (في هيئة المفاوضات للمعارضة) من الدور الذي حازه “جيش الإسلام”. وليس معروفاً ما إذا كانت استقالة علوش (وربما أسعد الزعبي) ستقدّم زخماً لهذا الطرح؛ في ظل حرَج وضع المعارضة في الشمال المشتعل وهدوء جبهة الجنوب، وهو يعيد، ربما، للأردن فرصة إعادة الاستثمار في الجبهة وتقديمها مجدداً في اجتماع الرياض المرتقب.
المصدر: الغد
محمد برهومة يكتب: عودة فرصة الأردن مع “الجبهة الجنوبية”؟ على ميكروسيريا.
ميكروسيريا –