بعد خمسٍ عجاف… ماذا يخبئ الرمضان السادس في عمرة ثورة الشعب السوري؟
7 يونيو، 2016
إياس العمر: المصدر
يأتي رمضان للعام السادس على التوالي وماتزال مأساة الشعب السوري مستمرة في تصاعد منذ عام 2011 وحتى عامنا هذا، ولم يحرك العالم ساكناً من أجل إيقاف إراقة الدم السوري، فمع كل رمضان جديد يزداد النظام إجراماً وتصعيداً ضد المدنيين العزل.
رمضان 2011
في شهر رمضان لعام 2011 كان ترقب الثوار قدوم الشهر من أجل تصعيد الحراك الشعبي، وكانوا يأملون في أن تكون نهاية النظام مع انتهاء الشهر.
الناشط عمار الزايد قال لـ “المصدر” إن شهر رمضان عام 2011 كان من أكثر الأشهر دموية، حيث أن قوات النظام ومع أول أيام الشهر ارتكبت مجزرة في مدينة حماة راح ضحيتها قرابة 100 شخص، وبعدها اقتحمت قوات النظام مدينتي حماة ودير الزور من أجل إيقاف المظاهرات والتي وصلت أعدادها لمئات الآلاف.
وأشار إلى أن مجازر قوات النظام لم تتوقف طوال الشهر، وكان منها مجزرة درعا البلد في (8 آب/أغسطس) من العام 2011، والتي راح ضحيتها العشرات، من ضمنهم عراب الحراك السلمي في محافظة درعا المهندس معن العودات، والذي قام العقيد لؤي العلي من فرع الأمن العسكري بتصفيته أمام مقبرة الشهداء.
رمضان 2012
في رمضان 2012 كان بدأ التوجه نحو الحراك المسلح، وبدأت قوات النظام تفرض سياسة جديدة وهي حصار المدن والبلدات الثائرة، ومع ذلك الحراك السلمي لم يتوقف، بحسب الناشط عبد الرحمن الحريري، الذي قال لـ “المصدر” إنه ورغم كل هذه الظروف كان يسجل مئات نقاط التظاهر في المدن والبلدات الثائرة، وكانت أكبر مجازر قوات النظام في هذا الشهر، وهي مجزرة داريا والتي راح ضحيتها 320 شخصاً في شهر آب من عام 2012، إضافة إلى مجزرة في مدينة دير الزور التي راح ضحيتها 100 شخص.
وأضاف بأنه وفي رمضان من عام 2012 كان يعتقد الكثير من الأهالي بأن سقوط النظام أصبح مسالة وقت، حيث سبق شهر رمضان مقتل ما يعرف بخلية الأزمة، ولكن مع قدوم الشهر أصبح أمراً معتاداً أن تقصف قوات النظام المناطق الثائرة أثناء فترة الفطور والسحور بالمدفعية الثقيلة، بعد أن كان رمضان 2011، يقتصر على رشقات الرصاص.
وأردف بأن حصار مدينة الحراك في ريف درعا الشرقي كان من أصعب المراحل خلال الشهر، حيث منعت قوات النظام دخول أي شيء للمدينة، وارتكبت أكثر من مجزرة خلال الشهر، راح ضحيتها عدد من الأطفال، ومع أول أيام العيد بدأت باقتحام المدينة، وقتل خلاه أكثر من 300 شخص إعداماً ميدانيا.
وأشار الناشط الحريري إلى أن ما ميز رمضان عام 2012 هو دخول الجيش الحر إلى داخل مدينة حلب، وسيطرته على العدد من أحياء المدينة، بعد أن كان النظام طوال سنة ونصف يتباهى بأن مدينة حلب موالية له.
رمضان 2013
رمضان عام 2013 كان قد سبقه مرحلة تعتبر من أصعب مراحل الثورة السورية، فقبل بدء شهر رمضان بفترة قصيرة، بدأ التدخل الأجنبي لصالح النظام في الأزمة السورية، وكان ذلك خلال معركة القصير بريف حمص، قبل شهر رمضان بأيام، عندما دخلت ميليشيا حزب الله اللبناني بعد اتساع رقعة المناطق الثائرة.
وأشار الناشط محمد المسالمة إلى أن قوات النظام ارتكبت في شهر رمضان من عام 2013 أكثر من عشرين مجزرة على امتداد الجغرافية السورية، وكانت أنظار السورين تتجه نحو العاصمة دمشق، ونحو المعركة الفاصلة فيها.
وعن محافظة درعا، قال المسالمة، إنه في عام 2013 بدأت بوضوح المناطق الخارجة عن سيطرة قوات النظام بالظهور، فمعظم المدن والبلدات أصبحت تحت سيطرة تشكيلات الجيش الحر، ولاسيما في منطقة الجيدور، والتي شهدت معارك تعتبر الأعنف مع قوات النظام.
وفي رمضان عام 2013 بدأت قوات النظام باستخدام الطيران الحربي وقت الإفطار، بعد أن كانت تستخدم المدافع.
رمضان 2014
الناشط أحمد القاسم قال لـ “المصدر” إنه في شهر رمضان لعام 2014 بدأت الأمور تتغير، فبعد إفلات النظام من أي حساب عقب مجزرة الكيماوي في غوطتي دمشق، بدأت قوات النظام باستخدام أسلحة جديدة، ومنها البراميل المتفجرة والتي باتت قوات النظام تقصف بها المناطق الثائرة في أوقات الإفطار والسحور، ليكون تطوراً جديداً بعد أن كانت المدفعية عام 2012، والطيران الحربي عام 2013، أصبح اختراع نظام الإجرام للبراميل المتفجرة هو الزائر الجديد على موائد السورين وسط استمرار الصمت الدولي.
وأشار إلى أن من أهم ما ميز رمضان عام 2014 هو تراجع الحراك الشعبي نتيجة زيادة المجازر المرتكبة، وإعلان تنظيم “داعش” (الخلافة)، وبدء تمدده في محافظات (الرقة – دير الزور – حلب) مما انعكس على التعاطي مع الثورة السورية بالمجمل.
وعن محافظة درعا، قال القاسم إن رمضان عام 2014 كان يعتبر مرحلة ذهبية للثوار في محافظة درعا، فمعظم محافظتي درعا والقنيطرة أصبح تحت سيطرة تشكيلات الجيش الحر، ومن رمضان عام 2013 إلى رمضان من عام 2014 لم يحقق النظام أي تقدم في المحافظة.
رمضان 2015
عام 2015 كانت معنويات الثوار والأهالي مع بداية شهر رمضان مرتفعة للغاية، بحسب الناشط أحمد الحمصي، حيث سبق بداية الشهر موجة من عمليات التحرير تعتبر الأوسع على الإطلاق، فجيش الفتح في الشمال سيطر على معظم محافظة إدلب، وفي الجنوب كان ثوار درعا قبل بداية شهر رمضان بأيام قد أتموا سيطرتهم على اللواء 52 أحد أهم مواقع النظام في المحافظة، وذلك بالرغم من دخول الميلشيات الإيرانية والأفغانية بكل قوة.
وأضاف بأن قوات النظام بدأت باستخدام سلاح جديد بالتزامن مع أوقات الإفطار والسحور، وهو الحاويات المتفجرة والتي تدمر حي بكامله نتيجة قوة انفجارها.
وعن محافظة درعا، قال الحمصي إنه وفي شهر رمضان 2015، وبعد بدايته بأيام بدأ الوضع في المحافظة يتجه نحو الأسوأ، وذلك مع إعلان معركة عاصفة الجنوب والتي كانت كارثية على الأهالي، ولم تحقق التشكيلات فيها أي تقدم.
رمضان 2016
الناشط فادي العمري قال لـ “المصدر” إن السورين مع قدوم شهر رمضان كانوا يتفاءلون بأنه سيكون نهاية للمأساة، ولكن حقيقة الأمر قد تكون مختلفة، ومع كل عام تزاد الأمور صعوبة وتعقيدا، و يزاد إجرام النظام وأساليبه، ففي رمضان عام 2016 أصبح الشعب السوري على موعد مع الطيران الروسي بعد أن كان في عام 2011 يفطر الشعب السوري على أصوات رشقات الرصاص، وفي عام 2012 على أصوات المدفعية، وفي عام 2013 على أصوات الطيران الحربي، و في عام 2014 على أصوات البراميل المتفجرة، وفي عام 2015 على أصوات الحاويات، هو اليوم على موعد مع الطيران الروسي بعد تدخل الروس المباشر لصالح النظام.
وأكد أنه مع كل عام تتضاعف الأسعار وتزاد المناطق المحاصرة دون أدنى حس بالمسؤولية من قبل العالم الإسلامي والعربي تجاه أبناء الشعب السوري.
وأضاف العمري بأنه مع كل عام تتضاعف أعداد الضحايا والمعتقلين والمهجرين والمشردين ويزاد تكالب العالم أيضاً على شعب قرر أن يعيش بحرية.
وأشار إلى أنه أصبح من المستحيل تحقيق حلم الشعب السوري بأن يجتمع من جديد على مائدة رمضان، بعد أن قتل قرابة المليون سوري وشرد قرابة 12 مليون، فإنه وحتى وإن رحل النظام فلن يعود الأحباب ولن تجتمع الأسر من جديد، فجرائم العالم بحق الشعب السوري لا يمكن أن يغفرها أي مواطن سوري.