مع مطلع العام الدراسي.. أهالي كفرنبل يستذكرون ثانويتهم التاريخية المدمّرة

10 سبتمبر، 2016

رزق العبي: المصدر

يبدأ العام الدراسي الجديد، وسط القصف وحالة الفلتان الأمني، وضياع أجيال من الطلاب، بسبب تكرار النزوح وويلات الحرب. وفي كفرنبل بريف إدلب للعام الدراسي الجديد نكهة بطعم الحنين والقهر، حيث يستذكر الأهالي ثانوية المدينة، التي أصبحت مدمرة، بعدما قصفتها طائرات النظام على مراحل متكررة، فحوّلت صفوفها إلى ركام.

وكانت قوات النظام قد اتخذت منها معسكراً لجنودها عندما دخلت مدينة كفرنبل أواخر عام 2011، كما أنها شهدت أعتى معركة مع فصائل الثوار، عندما حرر أهالي المدينة مدينتهم.

“ذي قار” وصفها الرسمي، والثانوية معرّفةً بأل هو الوصف الأكثر شيوعاً، والتي تعتبر أقدم ثانوية في مدينة كفرنبل، والتي تأسست عام 1963، إما المبنى فأحدث عام 1968، كما يقول المدرس “سليم المحروق”.

خرّجت نخبة من الأطباء

يقول “المحرق” الذي يعتبر أشهر المدرسين الذين خرجوا أجيالاً من ثانوية ذي قار، في حديث لـ (المصدر): “في الخمسينات من القرن الماضي كان طلاب مدينة كفرنبل، والتي كانت قرية صغيرة، يذهبون إلى معرة النعمان وحماة وحلب لنهل العلم وفي مطلع ستينات القرن الماضي تم إحداث صف أول اعدادي وحيد في قرية كفرنبل آنذاك، والقرى المجاورة لها كافة.

وأنجز بناء الثانوية في عام 1968، واستقبلت طلاب الثانوية وطلاب الصف الأول الإعدادي الذين شكلوا أول طلاب بكلوريا للفرع الأدبي في تلك الثانوية للعام الدراسي 1968-1969 وقد قام على تدريس المواد المختلفة فئة من المدرسين من المدن السورية كـ (دمشق، حلب، حماة، جبلة، صافيتا..)، وإلى جانبهم بعض الأساتذة الذين لم يكملوا تعليمهم الجامعي من ابناء كفرنبل”.

الثانوية تتحول معسكراً للجيش

يتابع “المحروق”:” شهدت ثانوية كفرنبل زيارة “حسن محمد علي الخطيب” ابن مدينة كفرنبل الذي عُيّن وزيراً للتربية والتعليم في عام 1972 وقد خرجت هذه الثانوية دفعات متتالية من الذكور والإناث اللذين دخلوا في مراحل التعليم الجامعي داخل سورية وخارجها، وحصلوا على شهادات جامعية في مختلف الاختصاصات من أطباء وصيادلة ومهندسين وأساتذة ومنهم الأطباء (عبد الستار الخطيب، أيوب خالد الغزول، أحمد الأقرع، عبد الستار الخطيب، محمد الخطيب، نادر الشيخ، صلاح الدين عبدالله الخطيب، حميدو الحميدو، محمود الإبراهيم ، بسام الحلاق…).  والصيادلة أذكر منهم (مالك السويد، ناصر البكور، محمد الرسلان…) وغيرهم الكثير. ولكن بعد دخول الجيش الى مدينة كفرنبل في 2/7/2011 تحولت الثانوية إلى قطعة عسكرية لقوات النظام فعاثوا فيها فساداً وتخريباً.

وتشهد أعتى المعارك

في أوائل الشهر الثامن من عام 2012 شهدت ثانوية ذي قار في كفرنبل معركة التحرير التي استطاع من خلالها الأهالي تحرير المدينة من جيش النظام، وقتل عشرات العناصر وكانت باحتها الرئيسة الخلاص الأخير من وجود عسكر النظام في المدينة، لكن الأمر لم ينته، حيث استهدفت هذه الثانوية من قبل الطيران الحربي التابع للنظام بعد تحرير مدينة كفرنبل ما تسبب بتدميرها، وتحولت فيما بعد بما بقي من صفوفها ملجأً وملاذاً للنازحين الذين تهدمت بيوتهم.

يقول الطبيب “أيوب خالد الغزول” وهو من الطلاب الذين درسوا في ثانوية ذي قار: “ثانوية “ذي قار” صرح تعليمي رائع نهل منه أجيال وأجيال وتخرج منه آلاف الطلاب من مدينة كفرنبل وريفها فمنهم المهندس ومنهم الطبيب ومنهم المدرس ومنهم المحامي. هذه المدرسة التي أقل ما يمكن أن نقول أننا قضينا فيها أجمل أيام حياتنا هي مرحلة نهاية الطفولة و بداية الشباب. ومن لا يتذكر الهيئات الإدارية و التدريسية التي توالت على تربية الأجيال فيها فقد كانت مثالاً يحتذى به من حيث الانضباط و الالتزام، و اذكر منهم (الأستاذ مصطفى الهلول البيوش) مدير المدرسة لسنوات الذي كان أباً لكل الطلاب، والأستاذ (سليم المحروق) والأستاذ المرحوم (فضل الخطيب) وهما أسطورتان للغة العربية، والاستاذ والروائي (عبد العزيز الشاكر) والأستاذ (سعيد الحمادي)، و الأستاذ (حمود البرغل) والاستاذ (فاتح علي الشيخ ومحمود الحسين) والأستاذ (نايف الدهنين وناظم الابراهيم)، وأتمنى ذكر الجميع فهم الذين لم يتوانوا يوماً في تقديم العلم والتربية لأبناء المدينة والبلدات المجاورة”.

أمل بالعودة من جديد

ما حزّ في نفوس الأهالي أن هذا المنبر التعليمي أصبح ثكنة عسكرية لقوات النظام عندما داهم الجيش المدينة وأصبحت هذه المدرسة في زمن جيش الأسد مصدر يبث الرعب والذعر في نفوس الكبار والصغار من أبناء المدينة.

ويعتبر الأهالي أن المدينة فقدت منشأة تعليمية رائدة في الوقت الذي يمنون النفس فيه بعودتها كمنبر للعلم والنور وتربية الأجيال.

أحمد الأحمد من كفرنبل يقول: “من منا لا يتذكر أيام شبابه وعنفوانه في هذه المدرسة التي لم تكن مجرد مدرسة بالنسبة لنا، بل كانت بيتنا الأول حيث كنا نجتمع فيها للدراسة يوميا لمدة ساعات وبعد الظهيرة نجتمع مرة اخرة لممارسة نشاطاتنا فيها من ألعاب رياضية وغيرها حيث كان فيها ملعب لكرة القدم والطائرة والسلة ولذلك فقد كنا نمضي أغلب وقتنا فيها ولا نعود غلى منازلنا إلا مساءً”.

وتقول صفاء من قرية بسقلا: “لقد انتقلت مع زميلاتي في المرحلة الثانوية من ثانوية البنات إلى ثانوية ذي قار وكانت مرحلة جديدة بالنسبة لنا الإناث ولكن كانت مرحلة لا تنسى حيث لقينا الطلاب كأخوتنا تماماً، والهيئة الإدارية والتدريسية كانوا أشبه بالأهل، إنها فترة رائعة فعلاً وأصبحت الآن في الذاكرة من الصعب نسيانها”.

كانت تضمّ المدرسة، مخبراً علمياً متكاملاً مع صالة مخبر كبيرة، إضافة لعدد كبير من الصفوف، وتعتبر من أكبر ثانويات محافظة إدلب، وفيها ملعب كبير لكرة القدم إضافة لملعب لكرة السلة.

أخبار سوريا ميكرو سيريا