جهاد عبده.. فنان سوري تتشرف به نقابة الفنانين الأمريكيين
19 أكتوبر، 2016
لم يكن من السهل على الفنان السوري المعروف جهاد عبده (1962) مغادرة وطنه، ولكن الإرهاب الذي بدأ نظام الأسد بممارسته على الممثلين السوريين الذين انحازوا للثورة من اعتقال، وتهديدات بالقتل، دفع عبده في تشرين الاول/أكتوبر 2011، كما دفع زملاء له إلى الهجرة، ولكن هجرة عبده كانت إلى ما وراء الأطلسي، فحط رحاله في مدينة لوس آنجلس في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت زوجته فاديا عفاش الفنانة التشكيلية تتابع دراستها.
بدأ عبده المتحدر من مدينة دير عطية، مرحلة جديدة من حياته كانت بدايتها مرهقة على فنان مرهف الحس مثله، ولكنه سرعان ما دخل عالم النجومية العالمية من بابها الواسع، فوقف أمام أهم نجوم هوليوود ممثلًا خطف الأنظار، ما دفع نقابة الفنانين الأمريكيين إلى قبول عضويته فيها.
حاول نظام الاسد استمالة الفنان جهاد عبده في الشهور الأولى من الثورة إلى جانبه، حيث صرّح عبدو أن محمد حمشو صاحب شركة “سوريا الدولية” أهم شركات الانتاج الدرامي التابعة للنظام وعده بلعب أهم الأدوار في المسلسلات التي ينتجها، في حال ظهوره على قناة “الدنيا” للثناء على الأسد، وإعلان رفضه للثورة على نظامه.
وعندما رفض عبدو عرض حمشو بدأت سلسلة مضايقات تطاله، فغادر دمشق مؤقتًا إلى بيروت حتى تسنّى له الالتحاق بزوجته في الولايات المتحدة الامريكية.
احتراف الفن
عمل جهاد عبده في مدينة لوس انجلس بالعديد من المهن البعيدة عن مهنته كممثل محترف، وعازف معروف للكمان، حيث عمل في توصيل الورود، والبيتزا، كما عمل في مطعم إيطالي، وسائق تكسي، ومدقق لغوي فهو يتقن عدة لغات (الإنجليزية والإسبانية والرومانية)، ولكن عينه كانت ترنو إلى هوليوود، حيث المجد، والشهرة، والنجومية، وكان له ما أراد.
يعترف عبده في أحد حواراته أنه لم يكن يتصور أنه سيقف يومًا أمام الممثلة العالمية نيكول كيدمان التي وصفها بـ “المبدعة الشقراء”، ولكن ما كان يفوق تصور عبده تحقق، عندما تمكّن في عام 2013 من الحصول على فرصة للاشتراك بفيلم (ملكة الصحراء) Queen of the Desert الذي قامت كيدمان ببطولته، مع عدد من نجوم السينما الأمريكية، واخرجه فيرنر هيرتزوغ، ويتناول سيرة الرحالة البريطانية غيرترود بيل، المستشرقة والمؤرخة التي نشطت في مجال التنقيب عن الآثار في الشرق مطلع القرن الماضي. وقدم جهاد عبده أو “جاي” كما بات يُعرف في الولايات المتحدة، في الفيلم نموذجًا مشرقًا للرجل العربي.
كما خاض عبده تجربة أخرى في هوليوود وصفها بـ “الرائعة، والمذهلة والتي لا تُنسى” مع النجم العالمي توم هانكس الحائز على عدة جوائز أوسكار في فيلم “هولوغرام للملك” للمخرج توم تيكفر، ليتقدم من بعد هاتين التجربتين بطلب انتساب إلى نقابة الفنانين الأمريكيين التي رحبت بالفنان القادم من سوريا.
ماذا قال له نقيب الفنانين في أمريكا؟
يقول عبده في منشور له على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك) منذ أيام:
“لم تأخذ العملية (الانتساب لنقابة الفنانين الأمريكيين) كثيراً من الوقت أو الجهد، بل على العكس تماماً.. إذ قال لي النقيب: تتشرف نقابة الفنانين في الولايات المتحدة الأمريكية لقبولك عضويتها.. ويسر النقابة أن تحمي حقوقك، وترعى مصالحك، وتفيد من خبراتك، ومواهبك وإمكاناتك اللامحدودة في إغناء الصناعة الرائدة في العالم”.
وأضاف “حين وصلتني بطاقة العضوية بعد أيام قلائل تأثرت، وأنا أقول في سريرتي: ” أنا ودينيرو، وسبيلبرغ، وهانكس، ونيكلسون زملاء..!”، وبعثوا لي قائمة بحقوقي كممثل في الولايات المتحدة، وخارجها، متابعا بالقول: لم أعرف حينها أهمية أن أكون محميًا من نقابة الفنانين، حتى بدأت النقابة تدعوني لجلسات توعوية عن حقوق مبدعيها، حينها بكيت على سنوات مضت من عمري قضيتها دون حماية”.
والمفارقة أن قبول عضوية الفنان جهاد عبده في نقابة الفنانين الأمريكيين جاء بالتزامن مع قرار من نقابة الفنانين السوريين بتشكيل “مجلس تأديب” لعدد من الفنانين السوريين المؤيدين للثورة، منهم النجم العربي جمال سليمان الذي علّق على الحدثين بالقول: “أقول لجهاد ألف مبروك أيها السوري الموهوب والناجح، ما أنجزته هو فخر لك، ولعائلتك، ولنا جميعاً، وفوق كل ذلك لبلدك، في وقت لم يجلب لها بعض أبنائها إلا الخِزْي والعار”.
ظهور مع بداية الدراما السورية
ظهر الفنان جهاد عبده في وقت بدأت فيه الدراما التلفزيونية السورية تنهض بداية عقد التسعينيات من القرن الفائت مع ظهور الفضائيات العربية التي خلقت الظروف أمام الفنانين السوريين لتأكيد جدارتهم في هذا الفن. ولكن النجومية بمفاهيمها المعروفة لم تطرق باب جهاد عبده، فبقي أسير أدوار محدودة، كانت تؤكد أنه يمتلك موهبة كبيرة تلعب عدة عوامل منها المحسوبية، والتزلف، والخبث الاجتماعي المرذول والذي لم يكن جهاد عبده يجيدها، تلعب دوراً في تحجيم هذه الموهبة، فكانت أدوار البطولة، والفرص الحقيقية تذهب إلى ممثلين مقربين بشكل أو بآخر من السلطة التي لا ترى في الممثل إلا وسيلة من وسائلها المتعددة في ترسيخ الاستبداد، وواجهة مزيفة لها، سرعان ما سقطت عنها الأقنعة مع أول صرخة أطلقها السوريون في آذار من عام 2011، طلبًا للحرية والكرامة.
شارك جهاد عبده في عشرات الأعمال الفنية آنذاك تحت إدارة عدد من المخرجين السوريين المعروفين منهم حاتم علي، وهيثم حقي، دون أن تتاح له فرصة أداء دور بطولة مطلقة في أي من هذه الأعمال، كما كانت له العديد من المشاركات في أعمال مسرحية.
جهاد عبده، الذي درس الهندسة المدنية في جامعات رومانيا (1980 – 1986)، عاد إلى دمشق ليدرس التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بسبب عشقه لهذا الفن.
غادر سوريا كما كل الممثلين الذين شاركوا أو أعلنوا موقفاً مؤيداً للثورة، واختار عدد منهم الإقامة في القاهرة “هوليوود الشرق”، حيث حققوا نجاحات مشهودة في الدراما المصرية، ومنهم: جمال سليمان الذي بات أبرز نجوم هذه الدراما، والفنان عبد الحكيم قطيفان، والفنانة كنده علوش، ومكسيم خليل، وسواهم. ولكن الفنان جهاد عبده اختار الطريق الصعب، فحقق ما يحلم به أغلب الممثلين العرب وهو العمل مع نجوم السينما العالمية، وتحت إدارة أفضل مخرجيها، وفي أفلام يُكتب لها الخلود في ذاكرة السينما العالمية.
جهاد عبده الذي ما يزال صديقه الممثل المسرحي زكي كورديلو مغيبًا مع ابنه في معتقلات الأسد، وما تزال زميلته سمر كوكش رهينة هذه المعتقلات، لم يأخذ معه إلى الولايات المتحدة الأمريكية إلا آلة الكمان، فهو ما يزال يحلم بالعودة إلى سوريا “أجمل بقاع الأرض”، فنانًا عالميًا تفخر به بعد أن تنال حريتها، واستقلالها الحقيقي.
إضاءات:
بدأ جهاد عبده المتحدر من مدينة دير عطية، مرحلة جديدة من حياته كانت بدايتها مرهقة على فنان مرهف الحس مثله، ولكنه سرعان ما دخل عالم النجومية العالمية.
شارك جهاد عبده في عشرات الأعمال الفنية آنذاك تحت إدارة عدد من المخرجين السوريين المعروفين منهم حاتم علي، وهيثم حقي.
عمل جهاد عبده في مدينة لوس انجلس بالعديد من المهن البعيدة عن مهنته كممثل محترف، وعازف معروف للكمان، حيث عمل في توصيل الورود، والبيتزا.
[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]