هل ستنتقل الأزمة في لبنان من الرئاسة إلى تشكيل الحكومة؟

22 أكتوبر، 2016

لم يستبعد محللون سياسيون في لبنان، انتقال الأزمة السياسية إلى ما بعد انتخاب زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، (حليف حزب الله)، رئيساً للجمهورية في حال تم ذلك، بحيث يجد الرجل صعوبة في تأليف الحكومة المقبلة.

وفي هذا الإطار، يرى صلاح سلام، رئيس تحرير جريدة “اللواء”، المقربة من “قوى 14  آذار”، أن “مقياس نجاح أو فشل خطوة زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، دعم عون، للرئاسة تتوقف عند مدى التزام فريق عون وحلفائه بالاتفاقات التي تمت بين الفريقين من تشكيل الحكومة المقبلة والبيان الوزاري”.

سلام، قال إنه “لا بد من الانتظار إلى ما بعد انتخاب عون، هذا إذا حصل النصاب في جلسة 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، وتم تكليف الرئيس الحريري برئاسة الحكومة، على ضوء ذلك يمكن القول إذا كانت هذه الخطوة نجحت أم لا”.

ويتطلب النصاب القانوني لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، حضور 86 نائباً على الأقل من أصل 128 إجمالي عدد النواب، وفي حال عدم حصول المرشّح على ثلثي الأصوات، تجري عملية اقتراع جديدة يحتاج فيها المرشّح إلى 65 صوتاً على الأقل للفوز بالمنصب.

ولفت سلام إلى أن “الحريري قام بعدة مبادرات منها ترشيح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، لكن هذا الترشيح لم ينجح ثم رشح الرئيس أمين الجميل، من “14 آذار”، أيضاً لم ينجح، وكان الترشيح الثالث للوزير سليمان فرنجية (زعيم تيار المردة) من “قوى 8 آذار”، أيضاً لم يلقَ التجاوب المطلوب من حلفائه”.

وقوى “14 آذار”، تحالف سياسي يتكون من كبار الأحزاب والحركات السياسية اللبنانية، التي طالبت بإنهاء الوجود السوري في لبنان، عام 2005.

ويضم التحالف قوى من طوائف لبنانية مختلفة، في مقدمتها تيار المستقبل بزعامة سعد الحريري، وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، وحزب الكتائب اللبنانية بزعامة الرئيس السابق أمين الجميل، والحزب التقدمي الاشتراكي بزعامة وليد جنبلاط.

وأبرز الأحزاب المنضوية في تحالف 8 آذار هي حزب الله وحركة أمل وتيار المردة، إلى جانب حزب البعث العربي الاشتراكي والحزب السوري القومي الإجتماعي.

ورأى سلام  أنه “كان لا بد من لجوء الحريري، إلى شخصية رابعة، مصنفة من الشخصيات القوية من جهة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وهو ميشال عون”.

وأوضح أن “الحريري يحاول أن ينهي الشغور الرئاسي من خلال تقديم هذه المبادرة وما ينطوي عليها من تنازلات لموقعه السياسي وجمهوره”.  

وتابع سلام، أن “هذه المبادرة أثارت ردود فعل سلبية في الشارع وجمهور تيار المستقبل، لذلك لا بد أن يبذل الحريري، جهداً لشرح وتبرير هذه الخطوة ليعيد اللحمة بينه وبين جمهوره، وهذا يتطلب فترة من الوقت ويتطلب جهوداً قوية لردم هذه الهوة الجديدة”.

وأشار سلام، إلى أن “هناك نواباً اعترضوا على هذا القرار، وأعلنوا أنهم ليسوا موافقين عليها، وبالتالي لن يصوتوا لمصلحة عون، كما وأن عدداً من النواب قاطع اجتماع الترشيح”.

ولفت إلى أن “تيار المستقبل ليس حزباً شمولياً، وقيادته أبعد ما تكون عن الممارسات الأوتوقراطية، وتركيبته السياسية والنيابية الواسعة والمتنوعة تفرض على النواب مراعاة النبض الشعبي في مناطقهم، والتعبير عن إرادة وخيارات ناخبيهم”.

كذلك لم يستبعد سامي نادر، المحلل والأكاديمي والعضو السابق في التيار الوطني الحر، أن “يتم انتخاب عون، ولو في جلسة بقي فيها فرنجية، على ترشيحه (الغالبية مضمونة لعون بعد تأييد الحريري ورغم رفض بعض نوابه انتخاب الأول)، وتالياً انتقال المأزق برمّته إلى ملف تشكيل الحكومة”.

وأوضح نادر: “الحكومة التي ينوي عون، تشكيلها تحتاج إلى شراكة مع الطائفة الشيعية بشكل فاعل وشرعي في العالم العربي، لأنه لا يستطيع الاعتماد على حزب الله، الذي لديه مشاكل من خلال تدخله بسورية ووضعه من قبل منظمة التعاون الاسلامي ومجلس التعاون الخليجي والجامعة العربية على لائحة الإرهاب”.

وقال إن “الحريري، حليف السعودية وكزعيم سني أمام هذه التدخلات لحزب الله (في سورية)، لا يستطيع هو أيضاً أن يكون شريكاً له في حكومة واحدة في ظل ذهاب نبيه بري (رئيس البرلمان ورئيس حركة أمل الشيعية)، إلى المعارضة بعد إعلانه رفضه تأييد عون للرئاسة”.

ولفت إلى أن “الحريري يريد من وراء دعمه عون، الوصول إلى رئاسة الحكومة، وهذا ما لا يمكن أن يضمنه له عون، وخاصة بعد التصريحات المتكررة لحلفاء الأخير، في تحالف 8 آذار، أنهم لا يريدون الحريري، رئيساً للحكومة المقبلة”.  

نادر، أوضح أن “الحريري، من جهة أخرى هدف من وراء خطوته هذه إلى رمي الكرة في ملعب قوى الثامن من آذار، بعد أن أعرب عن دعمه مرشحين من هذه القوى (ترشيح سليمان فرنجية في السابق والآن ميشال عون).

وتابع نادر، و”على عون، في هذه الفترة القصيرة قبل انعقاد الجلسة 46 في 31 من الشهر الحالي، إقناع بري، بدعمه”.

ويعيش لبنان فراغاً رئاسياً منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان في 25  أيار/مايو 2014، وفشل البرلمان على مدار أكثر من 44 جلسة في انتخاب رئيس جديد نتيجة الخلافات السياسية.

وأعلن سعد الحريري زعيم تيار المستقبل اللبناني ورئيس الوزراء السابق، أمس الأول الخميس، تأييده ترشيح زعيم التيار الوطني الحر ميشال عون، لرئاسة البلاد.

وتولى “عون”، قيادة الجيش اللبناني من 23 يونيو/حزيران 1984، وحتى 27 نوفمبر/تشرين ثان 1989، ورئيساً للحكومة العسكرية الانتقالية التي تشكلت في 1988، إثر الفراغ الرئاسي الذي شهدته البلاد، بعد انتهاء ولاية الرئيس آنذاك، أمين الجميّل.

وفي 18 يناير/كانون ثان 2016، أعلن سمير جعجع، رئيس حزب “القوات اللبنانية”، المنضوي في تحالف “14 آذار”، ترشيح خصمه السياسي “عون”، رئيساً للبنان، وذلك في مؤتمر صحفي مشترك مع الأخير في بيروت، ليعلن الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصر الله، في نهاية الشهر نفسه، دعم حزبه ترشيح عون أيضاً.

واتفق مسلمو لبنان ومسيحيوه، عام 1943، بموجب الميثاق الوطني – وهو اتفاق غير مكتوب – على توزيع السلطات، على أن يتولى الرئاسة مسيحي ماروني، لولاية تمتد 6 سنوات غير قابلة للتجديد، مقابل أن يكون رئيس الوزراء مسلماً سنياً، ورئيس البرلمان مسلماً شيعياً، وما يزال هذا العرف الدستوري سارياً حتى الآن.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]