الحرب العالمية الثالثة؛ نظرة على موقف كلينتون وترامب من سورية

1 نوفمبر، 2016

تطلق المقاتلات الأمريكية القنابل في رقعة السماء السورية نفسها التي تستخدمها الطائرات الروسية. والقوات الأمريكية على الأرض في شمال شرق سوريا توجّه المقاتلين الأكراد في معركتهم ضد الدولة الإسلامية، ويستخدم الثوار “الأصدقاء” في الجنوب أسلحة تقدمها الولايات المتحدة.
باختصار، تشارك أمريكا بعمق في الصراع السوري، وسيكون تحدياً من أكبر التحديات التي تواجه السياسة الخارجية للرئيس المقبل.
فماذا ينوي كل من دونالد ترامب وهيلاري كلينتون القيام به في سوريا في حال انتخابه/ انتخابها؟ كونهما يخوضان في هذه المسألة خلال المناظرات، تناقشا بعنف بخصوص ذلك في أعقاب المناظرات. ففي يوم الثلاثاء، صرح ترامب أن سياسة كلينتون في سوريا “ستفضي في نهاية المطاف إلى حرب عالمية ثالثة”.
ما الذي فعله أوباما
سياسة الولايات المتحدة بشأن سوريا في عهد باراك أوباما طائشة. يتفق كلا المرشحين الرئاسيين على ذلك. حيث يعتقدان بالضبط أن تلك السياسة ذهبت باتجاه خاطئ، ومع ذلك، فهي مسألة للنقاش.
وقد حاول أوباما السير على خط رفيع بين الضغط من أجل رحيل الرئيس السوري بشار الأسد، مع قتال داعش في نفس الوقت. ووافق الرئيس الأمريكي على دعم محدود للثوار السوريين المعتدلين في محاولة لإلحاق الضرر الكافي بالأسد لإجباره على الجلوس لطاولة المفاوضات.
وقد شهد التحرك الأمريكي ضد داعش في سوريا والعراق مع حلفائها على الأرض، تقدماً مطرداً. وخسر التنظيم تقريباً ثلث أراضيه، ويواجه خسارة في أكبر مدينة تحت سيطرته؛ الموصل في العراق.
من ناحية أخرى، إلى حد كبير فشلت جهود الولايات المتحدة في إسقاط الأسد. تم إلغاء برنامج البنتاغون لتدريب جيش الثوار المعتدلين في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وقد نجح إلى حد ما برنامج وكالة المخابرات المركزية السرية في إرسال الأسلحة إلى الجماعات الثائرة الموجودة، ولكنه لايزال غير كافٍ في تحقيق ما يصبو إليه.
يقول بعض النقاد أن تركيز أوباما على داعش والفشل في إشغال الأسد بشكل صحيح قد سمح للرئيس السوري وحليفه الروسي بوحشية في إخضاع كل المعارضة لحكم الأسد، وفي ارتكاب جرائم حرب في مدينة حلب. ويرى آخرون أن أي محاولات لإضعاف الأسد يشجع فقط الدولة الإسلامية، وأن هذا الأخير  أسوأ من الحكومة السورية.

من هم الأشرار؟
ولكن ماذا يقول المرشحان؟ بالنسبة لهما، إنها مسألة أولويات. تؤيد كلينتون المزيد من الضغط العسكري على الأسد أثناء التعامل مع داعش.
من ناحية أخرى، يفضل ترامب- على الرغم من تصريحاته الغامضة والمشوشة حول هذا الموضوع- التركيز الكامل على داعش، وترك بقية سوريا للأسد ولروسيا.
يطلب الأول (هيلاري) المزيد من مشاركة الولايات المتحدة من هذا الأخير (ترامب).… وصفة عامة (الخطوط الفاصلة) هي نهج كلينتون في التدخل، بينما يميل ترامب لترك الأسد.
كوزيرة للخارجية في عام 2012، أيدت كلينتون دعم الولايات المتحدة المباشر للثوار الذين يقاتلون قوات الأسد. ورفض أوباما الخطة مقابل دعم غير قاتل، إلا في إرسال الأسلحة في وقت لاحق.
أيضاً تكلمت كلينتون عن منطقة حظر جوي لحماية المدنيين. حيث قالت: “يمكن لمنطقة حظر جوي أن تنقذ الأرواح وتعجل من نهاية الصراع”. وأضافت “سيستغرق الكثير من المفاوضات. وأيضاً سيستغرق منا التوضيح للروس والسوريين أن غرضنا هنا هو توفير مناطق آمنة على الأرض”.
وأوضحت حجتها لاتباع نهج أكثر انخراطاً في الدفاع عن سجلها كوزيرة للخارجية، وتوبيخ لسياسة أوباما: “لم يقف أحد في وجه الأسد ولم يسقطه أحد، كارثتنا في سوريا أكبر بكثير  مما هي الآن في ليبيا”.
بالنسبة لترامب، داعش أولوية. قد وأخبر ترامب رويترز يوم الثلاثاء: “أقول أن أول شيء نقوم به هو التخلص من داعش  قبل البدء في التفكير في سوريا. بالنسبة لي، الأسد أمر ثانوي مقارنة بداعش”.
على موقع ترامب في الانترنت، التعامل مع داعش هو اقتراحه لنهجه السياسي في سوريا. ولم يوضح المرشح الجمهوري بعد ما هو نهجه بالنسبة للأسد بعد هزيمة داعش.

روسيا غيّرت اللعبة
ضيّق دخول روسيا في الحرب الأهلية السورية للغاية من خيارات الولايات المتحدة. في أيلول/ سبتمبر 2015، بدأت روسيا بتنفيذ ضربات جوية ضد ما وصفتهم بـ “الإرهابيين” – وفي الواقع استهدف سلاح الجو الروسي أي جماعة معارضة للأسد، بما في ذلك الجماعات الثائرة المدعومة من الولايات المتحدة.
حتى ذلك الحين، لم يبقَ سوى احتمال بعيد بأن الولايات المتحدة قد تفرض منطقة حظر طيران، تسقط بموجبه طائرات الأسد، وتنشأ شكلاً من أشكال المنطقة الآمنة في المناطق التي يسيطر عليها الثوار في شمال سوريا.
وقد  أعاقت مشاركة روسيا- والتي تطورت في وقت لاحق لتشمل مستشارين خاصين وقوات- بشكل فعال الخطة من خلال خطر المواجهة المتزايد بين روسيا والولايات المتحدة في سماء سوريا.
هذا هو الخطر الذي يشير ترامب إليه عندما يتكلم عن سياسة كلينتون بأنها ستؤدي إلى الحرب العالمية الثالثة. ربما كانت خطة كلينتون ذات معنى عندما كانت وزيرة للخارجية، قبل مشاركة في سوريا. أم الآن فالمخاطر كبيرة.
ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، تحدثت كلينتون عن “التفاوض بشأن فرض منطقة حظر جوي” – كاتفاق مع روسيا لإنشاء مناطق متفق عليها حيث لا وجود لطائرات تحمل قنابل. ويمكن أن يجنب هذا الحرب العالمية الثالثة، ولكنه يعتمد أيضاً على إجبار روسيا للأسد بعدم تحليق طائراته، الأمر الذي يبقى غير مرجح.
يفضل داعمو التدخل الآن بشكل أكبر دعم واشنطن للجماعات الثائرة السورية المعتدلة لتحقيق توازن القوة والإفضاء إلى محاسبة الأسد- وهو ما تدعمه كلينتون.
يقول كل من جون ألين، وهو جنرال مشاة متقاعد في البحرية الأمريكية الذي قاد التحالف ضد داعش من 2014-2015، وتشارلز ليستر، وهو زميل بارز في معهد الشرق الأوسط، أن هذا النوع من التدخل ضروري لـ “لإيقاف قتل المدنيين الجماعي؛ ولحماية ما تبقى من المعارضة المعتدلة؛ ولتقويض الروايات المتطرفة للامبالاة الغرب للظلم؛ ولإجبار الأسد على الجلوس إلى طاولة المفاوضات”.
هناك احتمال قوي أن كلينتون قد تخفف من سياستها لو أصبحت رئيسة. حيث يمكنها التخلي عن خطط فرض منطقة حظر طيران مقابل مزيد من الدعم للثوار.

وجهة نظر من سوريا
تنقسم الآراء في سوريا حول تدخل الولايات المتحدة كانقسام البلاد نفسها. معظم السورين – حتى أولئك الذين يعارضون الأسد – حذرون من ذلك. وأنصار الحكومة بالطبع ضد التدخل.
يدعم المدنيون الذين يعيشون في شرق حلب التي تقصفها الطائرات الحربية السورية والروسية، بشكل جلي أي شيء من شأنه أن يوقف تعرض منازلهم للقصف.
قال وسام وهو مدرس يعيش في شرق حلب: “نأمل أن السيدة كلينتون ستكون الشخص الذي يقول ما يقصد ويقصد ما يقول”.
و أعرب عبد الكافي الحمدو، وهو ناشط مناهض للحكومة، عن بعض الشكوك. “لمدة خمس سنوات سمعنا الآلاف من الوعود التي تقول أنه ينبغي أن تكون هناك منطقة حظر طيران في سوريا. هل حدث أي شيء؟ لا. على العكس من ذلك. الطائرات صارت أكثر وأكثر في سماء سوريا”

 

رابط المادة الأصلي : هنا.

[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]

1 نوفمبر، 2016