الأنثروبولوجيا السياسية

7 نوفمبر، 2016

رلى العلواني

الأنثروبولوجيا مصطلح إغريقي، يعني علم الإنسان وتتألف الكلمة من (الانثربوس) وهو الإنسان، وكلمة (لوجوس) وتعني الدراسة أو الموضوع، وبهذا تصبح الأنثروبولوجيا هي الدراسة العملية للإنسان، يعد القرن الثامن عشر الفترة التي ولد فيها هذا المصطلح، فهو علم حديث اهتم بدراسة النظريات التي تتعلق بطبيعة المجتمعات البشرية.

من أهم فروع الأنثروبولوجيا “الأنثروبولوجيا السياسية” والتي تعد من العلوم الحديثة التي تبلورت ولمعت في القرن التاسع عشر على يد (كلويس مورغان، وهنري ماين) وقد تأثرت كثيرًا بالداروينية ومن أشهر مفكريها (جورج بالانديه، بيير كلاستر، ميير فورتس، ايفانز بريتشارد).

حيث اهتمت بدراسة بنية النظم والأحزاب والبيانات السياسية بحسبان أن هذه النظم هي جزء من المجتمع والحياة البشرية وتتبع تطورها في المجتمعات المختلفة ومدى تأثيرها على الأحداث والصراعات السياسية وعلاقتها بالتغيرات عبر التاريخ، لقد تجاوز هذا المفهوم مسألة حصر السياسة في السلطة أو الدولة وذلك بتوجيه الاهتمام الى دراسة التنظيم السياسي والأوضاع السياسية وممارسات القوة والنفوذ والصراع في المجتمع وتحليل الواقع السياسي وآليات توزيع السلطة ودراسة الخطابات السياسية للأحزاب والجماعات والقيام بتحليلها، وهذا ما يؤكده قول بلانديه “أنها تتجاوز التجارب والمعتقدات السياسية المحددة، كما تنحو لتأسيس علم لدراسة السياسة ينظر إلى الإنسان بصفته إنسانًا سياسيًا”.

اهتم الأوربيون بالأنثروبولوجيا السياسية ونشر كل من (ميير فورتس، ايفانز بريتشارد) عام 1940 كتاب بعنوان (النظم السياسية الافريقية) تناول هذا الكتاب رفض ما هو متعلق بتفسير بناء المجتمعات على أساس التأمل والفرضيات معتمدين على مبدأ المقارنة والاستقراء للتوصل للاستنتاجات العامة من خلال تقسيم المجتمعات ومن ثم مقارنتها مع بعضها مع تفسير ارتباطها بالنظم الاجتماعية.

بلغت الأنثروبولوجيا السياسية أوج ازدهارها على يد (ماكس غولكمان)، وفي ستينات القرن الماضي عام 1966 تطور هذا الحقل بشكل مستقل ليصبح علمًا قائمًا بذاته.

أما بالنسبة للأنثروبولوجيا السياسية في الولايات المتحدة الأمريكية أخذت اتجاهًا مختلفًا عما هو عليه في أوربا متأثرة بالماركسية ومن أشهرهم (الينور ليكوك، مورتن فريد).

لا شك أن الأنثروبولوجيا السياسية بما تحمله من أفكار ونظم تشمل مناخ الحياة السياسية المتعددة، إلا أن هذا العلم لم يلقى بدايةً قبولًا وترحيبًا في المجتمع العربي، لأن البعض نظر إليها على أنها منتج أتى مع الاستعمار الغربي إلى البلاد العربية الإسلامية وبالتالي لا يمكن الثقة به، ولكن هذا الأمر لم يقف في وجه هذا العلم حيث أصبح من أهم العلوم التي تدرس بالجامعات ومن أهم روادها العرب (محمد موسى محجوب، محمد ياسر شرف).

هناك من يعتقد أن مثل هذه العلوم ليست بالمهمة، ولكن في حقيقة الأمر، تندرج هذه العلوم ضمن العلوم الإنسانية التي عنيت بدراسة الإنسان والتي من خلالها يمكن الانطلاق في النهضة العلمية والتكنولوجية وإغناء الفكر الإنساني، حتى أن الولايات المتحدة الأميركية أطلقت عليها اسم “عقد السلوك The decade of behaviour” نظرًا لأهميتها في الحياة الإنسانية.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

7 نوفمبر، 2016