الجرحى السوريون في الأردن صعوبات وحلول
16 نوفمبر، 2016
عاصم الزعبي
يواجه المرضى من اللاجئين السوريين والجرحى الموجودين في الأردن أوضاعًا صحية تستلزم -في كثير من الحالات- إجراء عمليات جراحية، مع عدم وجود تغطية لتكاليف هذه العمليات في معظم الأحيان؛ ما يتسبب بمعاناة حقيقية، في ظل عجز مفوضية اللاجئين عن مساعدة جميع السوريين؛ ما استدعى التفكير في حلول بديلة، والعمل على تطبيقها؛ للتخفيف من معاناة هؤلاء، مع ارتفاع تكاليف العمليات الجراحية لدرجة لا يستطيع السوري تحملها.
جمعية لإسعاف الجرحى السوريين
بدأت جمعية الإسعاف الأردنية، في إربد، باستقبال الجرحى السوريين الذين هم بحاجة لعمليات جراحية، وتغطيتها ماليًا عن طريق الطبيب السوري بلال الحريري، مدير منظمة “سيما”، وعضو الهلال الأحمر القطري، فمنذ قرابة أسبوعين بدأت الجمعية بتلقي ملفات لجرحى سوريين، بحاجة لعمليات جراحية، وستبدأ بإجراء العمليات الجراحية خلال فترة وجيزة، ريثما تُقيّم الحالات وتحدد الأولويات بالنسبة لها.
ووفق فريال محمد، منسقة الصندوق الطبي المشترك، وعضو المكتب التنفيذي فيه، فإن كل منظمة طبية في الأردن لديها ملفات دقيقة بالنسبة لعدد الجرحى وحالاتهم.
الصندوق الطبي المشترك
جاءت فكرة الصندوق الطبي المشترك، من الحاجة لتغطية الحالات الطبية الطارئة، التي لا تغطيها مفوضية اللاجئين، حيث عُمل إستبيان قبل البدء بالعمل، ولوحظ أن هناك نقصًا في تغطية عمليات جراحية محددة.
بدأ العمل بشراكة بين منظمتين؛ لتأسيس الصندوق، ووصلت -لاحقًا- إلى ست منظمات، وهي (سوريات عبر الحدود، جمعية صناع الخير الأردنية، مؤسسة وفاء الاجتماعية، جمعية حياة للأعمال الإنسانية، أتلنتك للإغاثة الإنسانية، وفريق ملهم التطوعي)، حيث تقدم كل جهة مبلغًا شهريًا قيمته 1500 دينار أردني.
وتوضح فريال محمد لـ (جيرون) بقولها: “بدأ مشروع الصندوق بتاريخ 1 أيلول/ سبتمبر2016، وبدأ إجراء العمليات الجراحية بتاريخ 10 أيلول/ سبتمبر 2016، وغطى الصندوق حتى منتصف شهر تشرين الثاني/ نوفمبر تكاليف 93 عملًا جراحيًا، يتضمن عمليات (المرارة، اللوزتين، استئصال الرحم، استئصال غدة، بواسير، فتق، وعمليات أخرى)، وحاليًا هناك حوالي 100 حالة تحتاج لعمليات جراحية في انتظار تحديد مواعيد لها”.
تُصنّف الحالات المرضية بحسب الأولويات، مع مراعاة الأوضاع الصحية الطارئة والمستعجلة، ولا يغطي الصندوق تكاليف عمليات تغطيها منظمات أخرى، مثل عمليات الولادة. ويعتمد عمل الصندوق على التنسيق مع جميع المنظمات العاملة في المجال الطبي في الأردن، وخاصة الوفود الطبية الأجنبية.
آليات العمل والإحالة
وتقول محمد: “يمكن لأي شخص بحاجة لعملية جراحية، من العمليات التي يغطيها الصندوق، أن يتواصل مع إحدى الجهات المؤسسة، وهي توجهه، وينسق الصندوق -بدوره- مع مفوضية اللاجئين، بشرط ألا تزيد تكلفة العملية الجراحية عن 1000 دينار أردني”.
بالنسبة للمرضى السوريين الموجودين في إقليم الشمال، الذي يضم مدن إربد، الرمثا، المفرق، يجب عليهم التواصل مع جمعية صناع الخير في مدينة إربد، وهي إحدى الجهات المؤسسة للصندوق، والتي تحوّل المريض للمستشفى الإماراتي في مدينة المفرق، من أجل تقييم الحالة، والتأكد من حاجته لعمل جراحي، ومعرفة ما إذا كانت الحالة مستعجلة أو يمكنها الانتظار، وبعد ذلك، يُحوّل المريض للعمليات بحسب الأولوية.
أما في العاصمة عمان وما حولها، فتوضح محمد: “لقد اعتُمد أطباء أردنيون مختصون، لتقييم حالات المرضى، والتأكد من حاجتهم للعمليات الجراحية، ومدى ضرورة الحالة، وبعد ذلك، يحوًّل للعمليات، وقد ساعدت هذه الآلية كثيرًا، ووفرت كثيرًا من الجهد والوقت والتعب، وكل المنظمات المؤسسة للصندوق متوافقة عليها ومتمسكة بها”.
عمل وتخطيط مستمر
يُعمل على ارتقاء عمل الصندوق الطبي المشترك، وزيادة المبلغ المودع فيه، وزيادة عدد الجهات الداعمة له، ليكون بديلًا عن منظمات وجهات طبية لا تقدم شيئًا حقيقيًا في واقع الأمر.
والهدف من التطوير، هو “تحريك ملف المرضى السوريين المصابين بالسرطان في الأردن، وهو من الملفات التي تكاد تكون مغيبة عن الدعم؛ بسبب التكاليف المرتفعة جدًا للعلاج، واتُّخذ قرار في إدارة الصندوق؛ لتخصيص مبلغ خلال الفترة المقبلة، لإجراء الخزعات، والصور، والتنظير لمرضى السرطان حصرًا، ونحاول التنسيق مع الجميع؛ لتخفيف العبء عن مفوضية اللاجئين، لتتمكن بدورها من تغطية علاج مرضى السرطان بالدرجة الأولى والثانية على الأقل” وفق محمد.
ففي كل شهر هناك حالة أو حالتا وفاة؛ نتيجة مرض السرطان، وبحسب إحصاء أجراه فريق ” متطوعون لأجل سورية”، فقد يصل عدد مرضى السرطان السوريين في الأردن إلى نحو 100 مريض، وبسبب تأخر، وعدم توافر الوسائل الطبية البسيطة للكشف عن هذا المرض، فإنه لا يُكتَشف إلا عند بلوغه الدرجة الثالثة والرابعة عند المريض، وفي هذه الحالة ترفض مفوضية اللاجئين تقديم العلاج للمريض، لأن تكلفته لا تقل عن 40 أربعين ألف دينار أردني، وللمفوضية أولويات أخرى في العمل الطبي.
لماذا تُهمل حالات الجرحى
يبلغ عدد الجرحى السوريين في الأردن حوالي 5 آلاف جريح، يعاني معظمهم من إصابات كالبتر والشلل، وغالبيتهم لا يتلقون أي دعم، باستثناء المحسوبين على جهات معينة، كجرحى بعض فصائل المعارضة المسلحة، وتغطى تكاليف العمليات الجراحية وعلاج الجرحى، ممن لا يتلقون دعمًا عن طريق أقاربهم الذين يجمعون المال اللازم لذلك.
بالنسبة للجهات التي تدعم الجرحى، ولا سيما بعد خضوعهم للعلاج، من أجل معيشتهم، فهناك سوء تنسيق كبير جدًا بين هذه الجهات؛ ما انعكس سلبًا على الدعم المقدم للجرحى عامة، كما أن بعض الجهات التي تقدم الدعم، منظمات وأفرادًا، غير مؤهلة لممارسة العمل التطوعي، ولكنها مصدر ثقة للداعمين، وخاصة من الخليجيين والسعوديين، ولدى بعضها أجندات الخاصة، وبعضها يعمل دون أي تنسيق، لذلك؛ من الممكن أن يتلقى جريح الدعم من أكثر من جهة في آن واحد، وجريح آخر لا يتلقى أي مساعدة من أي جهة.
إضافة إلى كل ذلك، فإن الجمعيات التي تقدم المساعدات ترفض كشف القوائم التي تحوي أسماء من يستحقون المساعدة في ما بينها، على الرغم من التقاطع الكبير في الأسماء؛ ما يدل على أن التنسيق أساس النجاح لأي عمل من هذا النوع.
أخطاء كثيرة حدثت خلال السنوات الماضية، خاصة من جهات ومنظمات سورية، كانت قائمة على ملف الجرحى والمرضى السوريين في الأردن، أغلقت السلطات الأردنية بعضها؛ لتجاوزاتها، وبعضها لم تستطع الاستمرار لانعدام خبرتها في هذا المجال، ومن جهة أخرى، تنشأ مشروعات طبية أخرى، تُعدّ ناجحة حتى الآن، بينما يبقى الملف الطبي أكثر الملفات تعقيدًا حتى الآن.
[sociallocker] [/sociallocker]