حلب تترقب تصعيداً من النظام وروسيا .. “ودرع الفرات” على تخوم الباب
16 نوفمبر، 2016
بينما تترقب مدينة حلب تصعيداً كبيراً من جانب قوات النظام والطائرات الروسية، يواصل هؤلاء ارتكاب المجازر المتنقلة في المدينة وريفها بالقصف الجوي والمدفعي في حين يقترب مقاتلو الجيش الحر ضمن عملية درع الفرات من دخول مدينة الباب أكبر معاقل تنظيم الدولة في الريف الحلبي.
وبعد انتهاء مهلة الـ 24 ساعة التي منحتها قوات النظام لمقاتلي المعارضة من أجل إخلاء مدينة حلب، صعّدت الطائرات الروسية ومدفعية النظام من استهدافها للأحياء الشرقية في المدينة ولمناطق بريفها موقعة عشرات القتلى والجرحى.
وقال ناشطون أن مستشفى الأتارب في ريف حلب خرج بالكامل عن الخدمة بعد استهدافه من قبل الطيران الروسي بصواريخ شديدة الانفجار ما أدى إلى مقتل عشرة من كوادره بينهم طبيب. كما ارتكب الطيران الحربي الروسي فجر الاثنين مجزرة في مدينة عندان بريف حلب الشمالي، ذهب ضحيتها 5 مدنيين.
من جهتها، واصلت قوات النظام استهداف أحياء مدينة حلب الشرقية بالمدفعية والصواريخ، وكان آخر ضحاياها عشرات القتلى والجرحى في حيي الصالحين والسكري .
وكانت فصائل المعارضة التي فشلت خلال هجومها الأخير في كسر الحصار عن الأحياء الشرقية بحلب، وانسحب مقاتلوها من المناطق التي سيطروا عليها غربي المدينة، قد رفضت سابقاً أكثر من مرة الاستجابة لتهديدات النظام بضرورة إخلاء المدينة من المقاتلين، وتوعّدت بصد أي هجوم لقوات النظام، بينما دعا القاضي العام لـ”جيش الفتح” عبدلله المحيسني فصائل المعارضة إلى الاستعداد لشن هجوم جديد.
وفي إطار هذا التصعيد المحتمل ضد حلب، قال مصدر عسكري روسي إن سفن الاستطلاع المرافقة للمجموعة البحرية الحربية الروسية، والمتمركزة قبالة الساحل السوري بدأت تستطلع الأراضي السورية من ساحلها إلى عمقها، تمهيداً لاستهداف من سماهم “الإرهابيين”. ونقلت وكالة “إنترفاكس” الروسية عن المصدر قوله إن مقاتلات “ميغ-29″ و”سو-33” المحمولة على ظهر حاملة الطائرات “كوزنيتسوف” كثفت من طلعاتها لاستطلاع الأجواء فوق “مسرح العمليات، وتحديد المهام القتالية”، وهي جاهزة لبدء العمل العسكري في أية لحظة” موضحاً أن مجموعة السفن الحربية الروسية تضم حاملة الطائرات “الأميرال كوزنيتسوف”، والطراد الذري الثقيل “بطرس الأكبر”، وفرقاطة “الأميرال غريغوروفيتش”.
ونقلت قناة “روسيا اليوم” عن مصدر في وزارة الدفاع الروسية قوله إن السفن الروسية ستشارك في توجيه ضربات جوية وصاروخية إلى مقاتلي المعارضة على مشارف حلب بالتعاون مع سفن أسطول البحر الأسود الروسي، وطائرات من الطيران الاستراتيجي وبعيد المدى، والطائرات الحربية في قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية، نافياً نية روسيا توجيه أي ضربات إلى الأحياء السكنية في مدينة حلب.
وفي إطار توجيه الأنظار بعيداً عن المجازر التي ترتكبها قوات النظام السوري وروسيا في حلب، اتهم الجيش الروسي مقاتلي المعارضة باستخدام أسلحة كيميائية، فيما سارع الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية إلى نفي هذه المزاعم. وزعم الجيش الروسي في بيان أن “خبراء وزارة الدفاع الروسية عثروا على ذخيرة مدفعية غير منفجرة تعود لمقاتلي المعارضة تحتوي على مواد سامة في منطقة 1070 شقة على الطرف الجنوبي الغربي لحلب. وقد رفضت وزارة الدفاع الروسية طلباً من رئيس مجموعة العمل الخاصة بالمساعدات الإنسانية لسورية يان إيغلاند لتمديد الهدنة في حلب من أجل السماح بإدخال المساعدات الإنسانية. وقال المتحدث باسم الوزارة إيغور كوناشنكوف إنه “من غير المفيد تمديد فترة وقف النار لكي يتمكن الإرهابيون من استعادة قدراتهم القتالية بشكل أفضل”. وتقول الأمم المتحدة إنها وزعت آخر الحصص الغذائية المتوافرة لديها في أحياء حلب الشرقية، ما يُنذر بشتاء “كارثي” يواجه أكثر 275 ألف مدني يعيشون تحت الحصار.
قتلى النظام والميليشيات
كما يواصل مقاتلو المعارضة من جهتهم إيلام قوات النظام والميليشيات التي تقاتل معها عبر عمليات القصف والكمائن موقعين في صفوفهم المزيد من الخسائر. وخلال تصدي فصائل المعارضة لمحاولة ميليشيا “حزب الله” التقدم على جبهة الجبس غربي مدينة حلب، قتلت العديد من عناصر الحزب، فيما بث المكتب الإعلامي لـ “جيش إدلب الحر” مقطع فيديو يظهر استهداف مجموعة من ميليشيات إيران تزيد عن عشرة على جبهة “بيوت مهنا” شمالي حلب بصاروخ تاو ما أوقع غالبيتهم بين قتيل وجريح.
كما بث “جيش المجاهدين” مقطعاً مصوراً لاستهداف مقاتليه بصاروخ من طراز MD تجمعاً لقوات النظام في ضاحية الأسد غرب مدينة حلب، مما أدى إلى مقتل وجرح عدد من عناصر النظام والمليشيات الموالية لها، في حين ذكر “مركز حلب الإعلامي” أن مقاتلي المعارضة قتلوا 18 من قوات النظام على جبهة عويجة، خلال محاولتها التسلل إلى الحي فجر الأحد.
ونعت وسائل إعلام إيرانية دفعة جديدة من مرتزقتها سقطوا في حلب وريفها بينهم مراسل التلفزيون الايراني محسن خزائي، وضباط في الحرس الثوري.
ونشرت وسائل إعلام إيرانية خبر مقتل الضابط “محمد حسین بشیري” من مدينة همدان وهي مدينة الجنرال الايراني حسين همداني وقائد الحرس الثوري الايراني في سورية، كما قتل أيضاً اثنان آخران من الحرس الثوري .
وكانت وسائل إعلام إيرانية نعت القيادي في الحرس الثوري الإيراني “هادي زاهد”، بعد أن لقي حتفه أيدي الثوار في معارك حلب، وهو أحد قادة مجموعات القوات الخاصة في الحرس الثوري. ويعتبر زاهد أبرز الضباط المشرفين على المعارك في مدينة حلب.
وتضم الميليشيات التي أرسلتها إيران للقتال في سورية تحت ألوية الحرس الثوري عدة تشكيلات منها مقاتلين من أفغانستان تحت مسمى “لواء فاطميون”، وأخرى من باكستان يطلق عليها “زينبيون”، فضلاً عن الميليشيات العراقية وميليشيا حزب الله.
معركة الباب
في غضون ذلك، واصلت فصائل الجيش السوري الحر تقدمها في ريف حلب الشمالي والشرقي على حساب تنظيم الدولة لتصل الى مشارف مدينة الباب، وذلك مع إعلان المرحلة الثالثة من عملية “درع الفرات” التي ترعاها تركيا.
وقالت مصادر مقربة من غرفة عمليات “درع الفرات”، إن فصائل المعارضة باتت على بعد نحو 2 كلم فقط من مدينة الباب، بعد سيطرتها على قرى إضافية في الريف الشمالي لمدينة الباب، مرجحة أن تبدأ سريعاً تحت غطاء جوي تركي عملية اقتحام المدينة التي تعدّ المركز الرئيسي للتنظيم في محافظة حلب.
وكان مسلحو التنظيم انسحبوا من قرى (قرط صغير وقرط كبير والشيخ ناصر) وشمال بلدة العريمة لتسيطر عليها “قوات سورية الديمقراطية” لاحقاً، مستبقة وصول فصائل “درع الفرات” إليها، وذلك في إطار التسابق على تركة التنظيم الذي تتهاوى دفاعاته بصورة غير مسبوقة في ريف حلب الشرقي.
ومع هذه التطورات يتقلص نفوذ تنظيم “داعش” في محافظة حلب ليقتصر على مدينة الباب وما حولها، وصولاً إلى بلدة دير حافر في المحور الجنوبي، وبلدة مسكنة في الجنوب الشرقي قرب حدود محافظة الرقة.
على صعيدٍ متصل تتواصل الاشتباكات بين “قوات سورية الديمقراطية” المدعومة بطائرات التحالف الدولي، و”داعش” في ريف الرقة الشمالي، وسط قصف متبادل بين الطرفين. وسيطرت “قوات سورية الديمقراطية” على قرية الغازلي وقرية شيخ حسن وتلتها وقرية صران، في حين استهدفت الطائرات الحربية التابعة للتحالف بعدة ضربات مواقع ومناطق سيطرة التنظيم في المنطقة، بينما تستمر الاشتباكات في منطقة خنيز وفي محيط بلدة تل السمن.
حرب على الغوطتين
أما في محيط دمشق فقد واصل الطيران الحربي استهدافه لمناطق سيطرة المعارضة السورية، موقعاً قتلى وجرحى. واستهدفت احدى الغارات مسجد الهدى في خان الشيح بريف دمشق الغربي، ما أدى لمقتل إمام ومؤذن المسجد، والذي يُعتبر آخر المساجد القائمة حالياً في خان الشيح.
وترافق القصف الجوي مع قصفٍ مكثفٍ بالصواريخ، وذلك في إطار سعي قوات النظام للضغط على أهالي المنطقة للقبول بالتسوية والخروج من المخيم باتجاه إدلب، على غرار مناطق أخرى في ريف دمشق، إذ سقطت عشرات البراميل المتفجرة على مناطق في مزارع خان الشيح ومحيط مخيم خان الشيح خلال الأيام الأخيرة. وتحدثت مواقع موالية للنظام عن أن الأخير يحضر لعملية عسكرية كبيرة في الغوطة الغربية، تشمل بلدات زاكية والمقيلبية وخان الشيح، إذا لم توافق الفصائل المسلحة هناك على الخروج خلال شهر واحد.
كما تدور اشتباكات عنيفة بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام المدعومة بميليشيات أجنبية على جبهات (القاسمية، البحارية، والهلالية) في الغوطة الشرقية بريف دمشق، وذلك في إطار محاولة قوات النظام التقدم في المنطقة.
وتترافق الاشتباكات مع قصف صاروخي ومدفعي من جانب قوات النظام فيما تشن المقاتلات الحربية غارات مكثفة على الأحياء السكنية في مدينة دوما ومنطقة المرج في الغوطة الشرقية مما أدى إلى مقتل وإصابة العديد من المدنيين.
[sociallocker] صدى الشام
[/sociallocker]