‘مازن عدي: ضرورة العمل على مشروع وطني جامع’

16 نوفمبر، 2016

حافظ قرقوط

أكد المعارض السياسي السوري، مازن عدي، أن اللحظة التي تتفجر فيها الثورات، مرتبطة بعنصر موضوعي داخل المجتمع؛ لأن “التراكم الذي يوجد يبقى كامنًا، وقد يؤدّي أي حدث مباشر لتفجر الثورة”، ورأى أن الربيع العربي ساهم مساهمة كبيرة في انطلاق الثورة السورية، لكن عوامل هذه الثورة كانت موجودة، وتنتظر شرارة، حالها كحال بقية الثورات.

وحول اللحظة التي انطلقت فيها الثورة السورية، وتأثيرها في تعثّرها حتى الآن، قال عدي: “لقد قال أحد قياديي النظام: إن الثورة لم تفاجئهم، إنما تفاجؤوا بأنها أتت قبل أوانها بالنسبة لهم، وعلى الرغم من ذلك، كان النظام قد تحضّر لذلك، ورسم شكل وطريقة المواجهة، وأيضًا مهمات من كُلّف بذلك، كما وُزع -بحسب الولاءات- توزيعًا مُسبقًا، ولهذا عندما انطلقت الثورة، قابلها النظام بحسب خطته، وأخذها إلى ملعبه، ومن الواضح أنه أعد العدّة لمواجهة طويلة الأمد”، ويتابع عدي القول: وعلى الرغم من ذلك، “استطاعت الثورة هزيمته، ولولا تدخّل الدول الخارجية ودعمه بهذا الشكل لكان الأمر مختلفًا”.

وعن تأخر الثورة في إنجاز انتصارها على النظام، قال عدي في تصريح لـ (جيرون): “علينا أن ننظر إلى أوضاع القوى السياسية السورية كافة؛ فهي، بسبب قمع النظام الشديد، كانت ضعيفة، وللأسف، لم تكن فاعلة كما يجب، في المقابل شُكلت تكتلات شبابية بحكم الواقع الذي سارت فيه الثورة، لكن بدا أن هنالك ضعفًا في الأداء السياسي، وهذا أيضًا بسبب تغييب السياسة عن المجتمع”، وأضاف: “علينا ألا ننسى -أيضًا- أن عدم وجود جسم سياسي، أو وجود قيادة محددة وواضحة المعالم، قد أضعف الثورة، إضافة إلى أن هنالك تباينًا واضحًا في العمل السياسي والثوري ما بين الأجيال المختلفة”.

كذلك أشار إلى أن الجيل الذي حمل الثورة “يختلف عن جيل المعارضين السياسيين التاريخيين، وهذه القوى، على الرغم من وضعها الصعب، تنطّحت لقيادة العمل الثوري، لكن لم تجد تأييدًا لها، وربما لم تستطع أن تقدم نفسها تقديمًا سليمًا، وللأسف، فإن الثورة -أيضًا- لم تُقدّم أو تُخرج من بين صفوفها قياديين، وذلك؛ بسبب تصفية النظام للشخصيات التي كان من تؤثر في الشارع، وتقود الحراك الثوري”.

وأكّد على أن الثورات “قد تتعرض “لهزّات وانتكاسات، وتتراجع، وقد لا تحقق أهدافها من الجولة الأولى، ولكن تبقى قيمها قائمة، وإلينا مثل الثورة الفرنسية، كيف خلال عشر سنوات تراجعت، ثم تقدمت الملكية، ولكنها -في النهاية- انتصرت، وهي تحكم فرنسا الآن بأفكارها الأساسية، وبالقيم التي انطلقت فيها”، وأضاف: “لقد رسّخت الثورة السورية -أيضًا- مجموعة قيم، عن دولة المواطنة والحريات ووحدة الشعب السوري، وكان ذلك مع شعارات الكرامة، وإن هذه الشبكة من المفاهيم والقيم التي أطلقتها، ستبقى قائمة، وسوف تترسخ بصفتها ثورة وطنية”.

فيما أشار إلى أن هذا النظام “بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان عام 2005، عاش في عزلة لم يخرج منها إلا بعد عام 2008، ولكن الخطاب الذي ساد حينئذ من الدول المؤثرة، هو مطالبته بتغيير سلوكه، وليس تغيره”، أما الآن يرى عدي أن “الأمر مُختلف، كوننا أمام ثورة شعبية لها أوضاعها وأهدافها، لكن اللعبة الخطرة والخبيثة التي لُعت، كانت بعد استعماله للسلاح الكيماوي؛ حيث بدأ إدخاله شريكًا من خلال تقديمه للصفقة”، وعلى الرغم من ذلك، يضيف عدي: “تجري محاولة تسويق هذا النظام في أوضاع مختلفة، ولكن واضح أنه أصبح من الصعب إعادة إنتاجه وتأهيله بما كان عليه، فلا شك في أن هنالك فترة زمنية ستمر، وربما تصبح فيها سورية دولة فاشلة”، وتابع عدي القول: “بعد وقف المقتلة، سيبقى الشعب السوري يتحرك، وستعود السياسة إلى المجتمع، وفي النهاية، ستقدم شيئًا يلبي طلبات هذا الشعب”.

وأوضح أن النظام السوري “لطالما تاجر بالقضايا الوطنية، وقام بدوره الوظيفي قيامًا مهمًا وكبيرًا كتدميره سورية؛ فهل يوجد دور أكبر من ذلك، كما قام بدوره كاملًا -في السابق- في تدمير لبنان”، وأضاف أيضًا: “لكي يقوم بدوره الوظيفي في المرحلة المقبلة، يحتاج لمرتكزات على الأرض، لكن الآن لا توجد هذه المرتكزات، وأصبح من الصعب إنتاجها، فنحن حاليًا أمام مرحلة جديدة، إنهم يطمحون إلى إعادة إنتاج نظامه، لكن بصيغ مختلفة، ربما بأشكال من الشراكة الداخلية، أو صيغ سيئة كطائف سوري”، وأضاف: “بات هنالك ابتعاد عن صيغ جنيف، وعن تشكيل حكومة انتقالية، وهنالك -للأسف- ابتعاد عن مطالب الناس، ولكن على الناس أن تبقى عند مطالبها، وحقوقها، وحق الشعب السوري في أن ينتخب من يحكمه، وأن يعمل على بناء مؤسساته، وهذا صراع سيبقى قائمًا بين الشعب والأطراف الدولية والإقليمية التي لها مصالحها، وهو صراع مفتوح”.

وعن أهمية مراجعة الثوابت والأساليب والاستراتيجيات، قال عدي، المعتقل السياسي السابق: “الشعب السوري والنخب السورية التي واجهت هذا النظام، وبعضها تشرد وتهجّر، تراجع بالتأكيد مراجعة شاملة ما جرى، وتبحث في كيفية استعادة القرار الثوري، لكن -للأسف- تجب ملاحظة أن القوى المقاتلة على الأرض، قد تتبع التمويل، ولذلك؛ قرارها ليس بيدها، وهنالك تغييب دولي واضح للموقف والفعل والقرار السوري المستقل”، وأكّد أن سُبل الخروج من ذلك -بالضرورة- هو “العمل على مشروع وطني وقرار سوري جامع، وهذا هو الأساس، ولنجاحه يجب أن يكون هنالك تناغم بين الفعل على الأرض، والدور السياسي، وهذا التناغم والتنسيق يجب أن يشمل جميع النواحي، سواء أكان على الصعيد الداخلي أم الخارجي أم الإعلام أم غيره”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

16 نوفمبر، 2016