‘مدينة الزيتون تتشبث بشجرتها..أهالي حرستا يعتبرونها رمزاً للاستمرار والوجود’
21 نوفمبر، 2016
يصر سكان مدينة حرستا في ريف دمشق الشرقي على الاهتمام بأشجار الزيتون وقطافها والحصول على زيتها، رغم الحصار المفروض على المدينة منذ أكثر من 3 سنوات، والمخاطر الناجمة عن القصف، الذي دمر أقدم معصرة زيتون فيها، وهي تعود إلى العصر العثماني.
اسم حرستا ارتبط بالزيتون منذ مئات السنين، حتى باتت معروفة في سوريا باسم “مدينة الزيتون”، ولا يزال أهلها يتفاخرون بأنها تنتج أطيب زيت زيتون على مستوى الدول العربية، وخلال فترة الحصار عمل مزارعو المدينة ومجلسها المحلي على الحفاظ على أشجار الزيتون، باعتبارها أغلى ما يملكون.
ومع قدوم موسم جني المحصول لهذا العام، نهاية الخريف، يقطف المزارعون حبات الزيتون ويستخرجون منها الزيت في معاصر نصف آلية، كانت مجهزة لهذا الغرض قبل انطلاق الثورة السورية في مارس/ آذار 2011، بينما أوقف القصف معصرتها الأقدم عن العمل، والمعروف أنها كانت تنتج أطيب أنواع الزيوت لاعتمادها على الطريقة اليدوية في معظم مراحلها.
ولا توجد إحصائية رسمية عن عدد أشجار الزيتون في حرستا، إلا أن مصادر محلية ومزارعين قالوا إنها تتجاوز 30 ألف شجرة موزعة على آلاف الدونمات (الدونم الواحد يساوي ألف متر مربع) من الأراضي الزراعية.
وبحسب نائب رئيس المجلس المحلي، حسام البيروتي، فإن “حرستا مشهورها بجودة الزيتون والزيت المستخرج منه، وفيها أشجار يعود عمرها لمئات السنين والمزارعون في المدينة يهتمون بأشجارهم ويعطونها الأولوية الكبرى”.
ومنذ سنوات، تفرض قوات نظام الأسد حصاراً على مناطق سيطرة قوات المعارضة المسلحة في مدن وبلدات غوطة دمشق الشرقية.
ومع بداية حصار المدينة قبل 3 سنوات، يضيف البيروتي: “لحقت أضرار كبيرة بأشجار الزيتون بسبب قيام البعض بقطعها لاستخدامها كحطب، وعدم توفر مياه السقاية والأدوية (المبيدات)، إلا أن المجلس المحلي للمدينة، وبالتعاون مع السكان، وضع حداً لقطع الأشجار، وسن عقوبة على كل من يقوم بذلك، كما عمل على توفير الأدوية، وتأمين وسائل سقاية بديلة ولهذه الإجراءات دور كبير في الحفاظ على أشجار الزيتون”.
طرق تصريف زيت المدينة من الزيتون يوضحها البيروتي بقوله إن “الزيت، الذي تنتجه معاصر المدينة، يتم استهلاك جزء صغير منه من قبل أهالي المدينة، فيما يباع القسم الأكبر إلى سكان بقية مناطق الغوطة الشرقية (..) الحصار جعل كل شيء تخرجه الأرض ذو قيمة”.
وفيما يتعلق بمعصرتها التاريخية، يوضح نائب رئيس مجلس المدينة أن “المعصرة كانت تعود إلى إحدى العائلات الغنية أيام العهد العثماني، ويتجاوز عمرها الـ150 عاماً، وكانت تعصر زيتون معظم مدن وبلدات وقرى الغوطة الشرقية”.
ويمضي قائلاً إن “الكثير من المزارعين ظلوا يستخدمون هذه المعصرة القديمة (معظم مراحلها يدوية) حتى دمرها القصف، وذلك بفضل جودة الزيت الذي ينتجه، حيث كانوا يفضلون الانتظار الطويل على السرعة التي يتم بها الحصول على الزيت في المعاصر شبه الآلية”.
ويعزو البيروتي جودة الزيت التي كانت تنتجه هذه المعصرة إلى “تصميمها القائم على شكل قبب؛ ما يسمح بجريان الهواء، واعتمادها على أدوات بدائية من اللبن والطين، وعدم ملامستها للمعادن كما في الآلات الحالية”.
ويضيف أن “في حرستا آلاف أشجار الزيتون المعمرة، وبعضها يبلغ 400 و500 عاماً (..) والناس في المدينة مستعدون للتضحية بأي شيء إلا الزيتون الذين يعتبرونه رمزاً للاستمرار والوجود”.
وتقع حرستا غربي غوطة دمشق الشرقية، وكان يقطنها نحو 250 ألف نسمة، إلا أن العمليات العسكرية والحصار أجبر نحو 90 بالمئة من السكان على مغادرة المدينة، التي تشتهر عامة بزراعة الأشجار المثمرة.
[sociallocker]
[/sociallocker]