الحكومة الأميركية… نحو العسكرة
3 ديسمبر، 2016
الرأي
للمرة الأولى منذ العام 1950، وفي خطوة بالغة الدلالة على مدى عمق التحولات التي تشهدها السياسة داخل واشنطن، أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تعيينه الجنرال جايمس ماتيس وزيرًا للدفاع. وسيحتاج تعيين ماتيس إلى إعفاء خاص من الكونغرس، إذ يحظر القانون الأميركي قيام عسكريين بشغل مناصب حكومية مدنية قبل مرور سبع سنوات على خروجهم من القوات المسلحة.
ومع تعيين ماتيس، سيجد ترامب نفسه، أثناء انعقاد جلسات «فريق الأمن القومي» برئاسته، في حضرة ثلاثة جنرالات هم، إلى ماتيس، مايكل فلين مستشار الأمن القومي، وجوزف دنفورد رئيس الاركان، والذي يحضر عادة هذا النوع من الاجتماعات الحكومية.
وتعيين ماتيس يعني تقليص فرص وصول زميله وصديقه الجنرال المتقاعد دايفيد بترايوس إلى منصب وزير خارجية، حسب بعض التوقعات التي تلت لقاء ترامب وبترايوس، في برج ترامب في مدينة نيويورك قبل أيام. وترامب هو من المعجبين شخصيًا ببترايوس، إلا أن الأخير يعاني من تلطخ صورته على اثر اعترافه بذنب مشاركة أسرار حكومية مع عشيقته ومؤلفة كتاب سيرة حياته. كذلك، يسود بعض الغضب بين الجمهوريين ضد بترايوس، إذ إن الأخير كان مديرًا لـ «وكالة الاستخبارات المركزية» (سي آي اي) أثناء وقوع الهجوم على قنصلية أميركا في بنغازي في 11 سبتمبر 2012، والتي راح ضحيتها أربعة أميركيين منهم السفير في ليبيا كريس ستيفنز. ويلقي الجمهوريون باللائمة على كلينتون، خصوصًا، لموت السفير الذي كان يعمل بإمرتها.
ولكن في حال تمسك ترامب ببترايوس وعينه وزير خارجية، تقترب الحكومة الأميركية أكثر نحو العسكرة، مع وجود أربعة جنرالات في أرفع مناصب «فريق الأمن القومي».
وماتيس هو نقيض الرئيس باراك أوباما وكل سياسة أوباما الخارجية المبنية على الانسحاب من الشرق الأوسط. ويعتقد ماتيس أنه بسبب تراجع أوباما عالميًا، انحدر النفوذ الأميركي إلى أدنى مستوياته للمرة الأولى منذ أربعين عامًا، وان سبب تصاعد التطرف في الشرق الأوسط هو عدم انخراط أوباما وإدارته في شؤون المنطقة.
وعلى رغم أن ماتيس لا يؤيد نقض أميركا للاتفاقية النووية الموقعة مع إيران، إلا أنه يعارض سياسة أوباما اللينة تجاه الجمهورية الإسلامية، ويعتقد بضرورة تبني مواقف صارمة ضد الإيرانيين والميليشيات الموالية لهم في العراق وسورية ولبنان.
كذلك يعتقد ماتيس أن السبيل الوحيد المتوفر للتعامل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يقضي «بتكشير الولايات المتحدة عن أنيابها»، وإظهارها الحزم، خصوصًا في سورية، حيث يعتقد وزير الدفاع المعين أن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه يشكلان «أكبر نكسة لإيران في 25 عامًا».
وسبق لماتيس، الذي تدرج في وحدات «المارينز»، أن عمل في قيادة «تحالف الأطلسي»، ثم عمل قائدًا للمنطقة الوسطى في الجيش الأميركي، قبل أن يخرج إلى التقاعد قبل موعده في خطوة اعتبرها كثيرون أنها كانت إقصائية بحقه من إدارة كانت تراه متشددًا ضد إيران، وكانت تسعى إلى كسب ود الإيرانيين للتوصل إلى اتفاقية نووية معهم.