سورية “الأسد” المعاقة جسدًا وروحًا
9 ديسمبر، 2016
آلاء عوض
كشف تقرير صادر عن “مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية” أن 2.8 مليون سوري يعانون من إعاقة جسدية دائمة، بسبب الاشتباكات، وأظهر التقرير الذي تناول “حاجات الشعب السوري لعام 2017” أن 2.9 مليون طفل سوري تحت سن الخامسة، وعوا الحياة في ظل الحرب الدائرة بالبلاد، وأن “30 ألف إنسان في سورية يتعرّضون شهريًا لصدمة نفسية من جرّاء الصراع، ويوجد سبعة ملايين طفل فقير، ومليون و75 ألف طفل حُرموا من التعليم”.
وقال مدير “مركز الأطراف الصناعية التخصّصي” في الغوطة: إن الإحصاء المرتبط بذوي الإعاقات الدائمة، والذين تُقدر نسبتهم بنحو 10 بالمئة من السوريين، يتضمّن جميع أنواع الإصابات، وليس فقط مبتوري الأطراف، وشدّد -في حديثه لـ (جيرون)- على أن الأمم المتحدة: “لم تُقدّم أي مساعدة طبية مادية أو عينية حقيقية لهؤلاء، وهي تجيد إحصاءهم فحسب”.
الغوطة أنموذجًا
لا يوجد إحصاء دقيق لعدد مبتوري الأطراف في الغوطة الشرقية، وبحسب تقديرات المركز “فإنها تجاوزت الـ 2500 بترًا للأطراف السفلية فحسب، أما الإعاقات، فقد فاقت الــ 25 ألف ما بين إصابة، وإعاقة دائمة، وإعاقة متوسطة، وشلل نصفي، وشلل دائم، وخزع شقي”، بحسب عبد الله.
وتحت شعار (ليبقى الأمل)، وخلال فترة وجيزة، تمكّن المركز المُحدث بداية العام الحالي، والذي يُشرف عليه عددٌ من المختصين في مجال الأطراف، ومختصو عظمية، وطبيبٌ نفسي، ومعالجَون فيزيائيون، من مساعدة عدد لا بأس به من المصابين.
وأكد عبد الله أن العائق المادي يحول دون استكمال مساعدة الآخرين، فقد “قام المركز -منذ بداية العام الحالي- بتركيب 100 طرف أحادي أو ثنائي الجانب، فوق وتحت الركبة، وبعض الأطراف مع مفصل الورك، وهي أطراف سفلية فحسب، فلا إمكانية لتركيب الأطراف العلوية، بسبب عدم وجود الإمكانات اللازمة، وقلة الدعم والموارد، وعدم وجود منتج جيد من الأطراف العلوية”ـ
يعاني المركز الذي يمكننا أن نُسقط حاله على بقية المراكز الأخرى في الداخل السوري من قلّة الموارد المالية، وعدم القدرة على تقديم رواتب جيدة للعاملين والمشرفين فيه، وبحسب عبد الله، “تمنع الإمكانات القليلة العاملين في المركز من إجراء عمليات تجميلية، فهي تحتاج الى أطباء مختصين ومعدّات متطوّرة ليست موجودة”.
ويعتقد أن الحل لمساعدة هذا العدد الكبير من المتضرّرين هو “تكثيف عمل هذه المراكز وتيسيرها، إما عن طريق تقديم أجزاء الأطراف من دول أخرى، حيث يقوم المختصوّن العاملون في المراكز بتركيبها، أو تقديم مبالغ مالية من شأنها أن تساعدهم في شراء الأطراف، مشيرًا إلى أن تكلفة الطرف الواحد تجاوزت الألفي دولار، مؤكدًا أن الأمم المتحدة لم تقدّم شيئًا، لا أموال ولا مساعدات عينية، ولا أدوية نوعية، ولا تدعم أي نقطة طبية في المنطقة”.
في سياق متصل، أكدّ أحمد معتوق، الناشط المختصّ في المعالجة الفيزيائية، في منطقة وادي بردى، أنه يتعامل يوميًا مع إصابات تصل -بمجملها- إلى إعاقات دائمة؛ بسبب قلة الإمكانات وقال لـ (جيرون): “خلال عملي في العلاج الفيزيائي، شاهدتُ حالاتٍ كثيرة من الإعاقات الدائمة، منها بتر الأرجل أو الأيدي، من بينها حالات أطفال أصيبوا بأمراض، مثل مرض (غيلان باري)، ومنهم من فقد المناعة؛ نتيجة عدم توفّر الدواء والغذاء”.
من جهته، أشار الناشط المجتمعي، معن الهمة، إلى أن المشكلات النفسية التي سلّط التقرير الضوء عليها لا تقلّ خطورة وجسامة عن المشكلات الصحية، لافتًا إلى “أن الأرقام الحقيقية ربما تكون أكبر من المذكور، وهذا مؤدّاه نشوء جيل كامل مضطرب وغير متوازن”.
وأضاف في تصريح لـ (جيرون): “تغيّرت طرق التفكير وتغيّرت الأولويات، وأصبح عدم وضوح الخارطة والطريق، هو العنوان الرئيس لكل السوريين، أما الأطفال فقد تبدّلت معطيات منطقهم وتفكيرهم، وباتت معالجتهم للأمور مبنية على بيئة الحرب والعنف والقتل، ونحن بحاجة لخمسة عقود -على الأقل- للتخلص من رواسب هذه المرحلة نفسيًا”.
إلى ذلك؛ أوضح التقرير الأممي “وجود 13.5 مليون إنسان بحاجة للمساعدات في سورية، 5.8 ملايين منهم من الأطفال، يضاف إليهم مليون شخص تحت الحصار، ويعيش 3.9 ملايين شخص في مناطق يصعب الوصول إليها، واضطر 6.3 ملايين شخص لترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أخرى داخل البلاد”.
كما رصد “اضطرار نصف السوريين لترك منازلهم منذ بدء الاشتباكات في البلاد، وأن 85 بالمئة من الشعب السوري يعيش تحت خط الفقر، وهناك 4.3 ملايين شخص بحاجة للإيواء”.
وبعملية حسابية بسيطة نتوصّل إلى نتيجة مفادها أن 90 بالمئة من السوريين يعانون من مشكلات صحية أو نفسية أو معاشية كارثية، في الوقت الذي لا يتوفر أي حل واقعي على الأرض، وهي نسبة صادمة، من شأنها أن تضع أخلاق وضمير العالم وأممه المتحدة على المحكّ
[sociallocker] [/sociallocker]