هل يصبح اللاجئون السوريون الفلسطينيين الجدد؟

11 ديسمبر، 2016

تساءل “جيمس د. دورسو”، ضابط البحرية السابق في الولايات المتحدة الأمريكية، ما إذا كان اللاجئون السوريون سيلقون ذات المصير الذي لاقاه اللاجئون الفلسطينيون، الذين خرجوا من بلادهم بعد نكبة فلسطين عام 1948، ظناً منهم أنهم سيعودون إليها قريباً، ولكنهم لا يزالون يطالبون بحق العودة حتى الآن.

تخوفات “دورسو” عبر عنها في مقال نشره في مجلة “ناشونال إنترست” الأمريكية وتطرق من خلاله إلى أوضاع اللاجئين السوريين في الأردن ولبنان وتركيا، منتقداً ضعف استجابة الدول الخليجية النفطية إزاء أزمة اللاجئين.

وقال الكاتب: “ثمة حكاية تحذيرية بشأن الفلسطينيين: بعد الحرب العربية الإسرائيلية عام 1948، فر الفلسطينيون من دولة إسرائيل الجديدة متوقعين أن يعودوا إلى ديارهم قريباً مجدداً عندما تفرق الجيوش العربية شمل اليهود، وبعد سبعين عاماً؛ يعيش أكثر من 50 مليون فلسطينياً في مخيمات للاجئين تديرها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (UNRWA)  في لبنان وسوريا وقطاع غزة  والضفة الغربية”.

بحسب الكاتب فإن التحدي يكمن في إعادة توطين السوريين قبل أن يصبحوا بمثابة النسخة الثانية من الفلسطينيين. فهناك ما يقرب من خمسة ملايين لاجيء سوري مسجلين في تركيا ولبنان والأردن والعراق.

وأضاف: إن لدى تركيا أكبر تجمع من اللاجئين، يبلغ عددهم قرابة ثلاثة ملايين لاجئ؛ ولكنها لديها أيضاً اقتصاد هو الأكثر قوة وقدرة على استيعابهم، ولكنها على الأرجح ليس لديها نية بعيدة المدى للسماح سوى للأكثر إنتاجاً اقتصادياً بالعيش في تركيا، بينما يتجنب الأتراك تكرار تجربتهم مع الأكراد.

ومن جانب آخر؛ بيّن الكاتب أن الأردن يستضيف أكثر من 650 ألف لاجئ سوري، وقد تآلف الأردن بالكامل مع الكثير من الفلسطينيين الذين استقروا هناك في الفترة بين 1948 و1967، ولكنهم وصلوا إلى هناك على مدار أكثر من عقدين، ومع ذلك لم يخل وصولهم من الصراع، بل إنه في الواقع صراع قد تم حله فحسب عن طريق قوة السلاح في عام 1970، عندما هزم جيش الملك حسين القوى الفلسطينية التي أرادت تحويل الأردن إلى دولة فلسطينية.

والتحدي المباشر في الأردن هو وضع السوريين على خط الإنتاج بالبلاد، دون وضع ضغوط على الأجور المحلية. وثمة منطقة آمنة في سوريا تنال بعض القبول؛ ولكن الحدود السورية جرداء وغير قابلة للتطوير، ولا تتمتع بجاذبية كبيرة من قبل قطاع الأعمال.

وفي لبنان، وبحسب ما ذكر الكاتب، تستضيف الدولة متعددة الطوائف أكثر من مليون لاجئ سوري، يمثّلون أكثر من 20 بالمئة من السكان الأصليين البالغ عددهم 4.5 مليون نسمة.

ومن المحتمل أن يشكلوا تهديداً للتوازن الطائفي بين 18 مجموعة دينية معترف بها في البلاد، فأكبر الطوائف المعترف بها هي السنة والشيعة والمسيحيين، وتتخذ الحكومة اللبنانية الجديدة والرئيس المدعوم من حزب الله، “ميشال عون”، موقفاً ضد اللاجئين، وربما يحاولون إعادتهم إلى مناطق آمنة في سوريا.

فيما يستضيف العراق أكثر من 200 ألف لاجئ سوري، وكلهم في منطقة تسيطر عليها حكومة إقليم كردستان. وقد عانى الاقتصاد العراقي من انخفاض أسعار النفط وتدمير البنية التحتية من قبل الغزو الأمريكي، والتمرد الذي تلى صعود تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وذكر الكاتب أن الأكراد اتسموا بالكرم، ولكنهم كانوا يركزون على التفاوض بشأن علاقتهم مع بغداد وتأمين السيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط، وربما لا يفضلون التعامل مع 200 ألف من العرب؛ لأنهم يتذكرون جيداً حملة “التعريب” في العراق في السبعينات.

ويقول الكاتب إن أوروبا على الأرجح قد استنفدت ترحيبها باللاجئين في الشرق الأوسط، ولكن حتى لو توقف السوريون غداً عن القدوم، فإن أوروبا لا يزال يتعين عليها التعامل مع عمليات التدفق من ليبيا.

الدول المضيفة الأربع ليست لديها القدرة على إدارة اللاجئين، واستمرار وجودهم سيقلب التوازنات الطائفية والمذهبية والسياسية الحساسة التي لا يزال يجري حلها في أماكن، مثل لبنان وكردستان العراق.

وتقدر الأمم المتحدة أنها ستتكلف 180 مليار دولار لإعادة إعمار البنية التحتية في سوريا إلى مستويات ما قبل الصراع. واقعياً، لن يتم توفير هذه الأموال.

وانتقل الكاتب من المواقف الأوروبية إلى موقف الدول الخليجية النفطية، وطالب الكاتب هذه الدول بتحمل المسؤولية عن اللاجئين. وقال: إن “تحمل المسئولية” يعني أكثر من مجرد مخاطبة الأمم المتحدة، ورفض إعادة توطين السوريين. يجب على السعودية وقطر والإمارات أن يكونوا على استعداد، كما كانت الولايات المتحدة مع العراق وسوريا، لمد مظلة إعادة التوطين.

ويتمثل التحدي في إعادة توطين السوريين قبل أن يصبحوا الفلسطينيين الجدد.

وإزاء ما أعلنته الحكومة السعودية بأنها أعطت 2.5 مليون لاجئ الإقامة الدائمة في المملكة؛ رداً على انتقادات بأنها حولت مشكلة اللاجئين للآخرين، قال الكاتب: “إن هذا تأكيد مشكوك فيه”.

فيما ذكر الكاتب أن قطر، التي تحظى بـ 10 بالمئة من الغاز الطبيعي في العالم، لديها الموارد، ولكنها لم ترحب سوى ببضع مئات من السوريين، ولم تقدم أي دعم اجتماعي.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]