غياب صادق جلال العظم سيترك فراغاً في العالم العربي قاطبة
13 ديسمبر، 2016
الأنباء
يترك المفكر السوري الراحل صادق جلال العظم برحيله إرثاً ثقافياً هاماً وهو الذي وضع مؤلفات تضمنت أفكاراً تحررية هامة تناولت في جانب منها نقد الفكر الديني وسبل تطويره فضلاً عن نقاش النظريات السياسية القديمة.
بالإضافة إلى عمله الأكاديمي والفكري وتنقله للتدريس بين أبرز الجامعات المرموقة، انحاز العظم إلى ثورة الشعب السوري مدلياً بآراء قيّمة حولها ومثنياً على وعي الشعب السوري في مراحل اندلاعها الأولى وعدم سقوطه في فخ تطييف أو مذهبة الثورة.
وفي حركة الإصلاح السياسي التي اشتهرت باسم “ربيع دمشق” وأجهضت في مهدها قاطعة الطريق على تحقيق تحول سياسي واجتماعي نوعي وتدريجي، ساهم العظم، من خلال مواقفه وآرائه، في دراسة وصياغة العناوين الرئيسية لـ “إعلان دمشق” الذي تضمن رؤية تغييرية ديمقراطية لتوسيع هامش المشاركة في صناعة القرار وإدارة شؤون البلاد.
كان يعتبر في تلك الحقبة أن “إعلان دمشق” ربما يساهم في أن “يتدارك النظام المتهالك نفسه ويعيد ترتيب البيت السياسي السوري إلا أن ذلك صار وهماً كبيراً أمام السيناريو الجهنمي الذي نراه للنظام الآن”.
رفض بصورة قاطعة المقولات التي تحدثت عن اندلاع حرب أهلية في سورية معتبراً أن النزاع كان وبقي بين النظام وحلفائه وبين مكونات مختلفة من الشعب السوري معبراً عن استنكاره لنظرية الأقليات التي روّج لها النظام مراراً لتأليب المناطق والطوائف والمذاهب على بعضها بعضاً.
كان يسارياً ماركسياً علمانياً ديمقراطياً، وكان فيلسوفاً ومفكراً ومثقفاً من الطراز الرفيع، كما كان كاتباً وباحثاً ومؤرخاً ومنظراً في قضايا التاريخ والمادة والفلسفة دون أن ينفصل عن الواقع، فعكس رؤية عميقة لمجريات الأحداث التي تلاحقت في كل أرجاء العالم العربي وسورية مع انفجار الثورات العربية في أكثر من موقع وبلد.
أذكر السعي الحثيث الذي بذله كمال جنبلاط أثناء توليه وزارة الداخلية ووقوفه إلى جانب العظم عندما صودرت كتبه وأوقف بسبب آرائه التي لم تتفق مع بعض التوجهات الدينية آنذاك وسببت نقاشات محتدمة على أكثر من صعيد.
سيترك غياب صادق جلال العظم فراغاً في سورية والمنطقة العربية قاطبةً ولن يكون تعويضه سهلاً في ظل حالة الخواء والتصحر الفكري الذي نعيشه!
(*) نائب لبناني
[sociallocker] [/sociallocker]