الجزائر “تسجن” عبد القادر الجزائري في طهران

17 ديسمبر، 2016

حافظ قرقوط

في الوقت الذي يبحث فيه الشعب السوري عن ملاذ آمن، يقيه شرور ميليشيات إيران، أزاح وزير الثقافة الجزائري، عز الدين ميهوبي، الستار عن نَصب لعبد القادر الجزائري في طهران، ضمن فاعليات الأسبوع الثقافي الجزائري هناك.

إيران التي أوقدت، ولاتزال، نار الطائفية البغيضة في نفوس المسلمين، عبر الذبح والحرق والنهب والرقص على الأشلاء الآدمية الذي تمارسه ضد السوريين علنًا.

في دمشق، وبجوار قبر ابن عربي، في حي الصالحية، كان قبر عبد القادر الجزائري الذي قاد النضال، ضد الاحتلال الفرنسي للجزائر في القرن التاسع عشر، حيث احتضنه تراب سورية نحو 80 عامًا، قبل أن يجري نقل رُفاته إلى مسقط رأسه، بلد المليون شهيد لأجل الحرية والاستقلال.

الجزائر، التي وقف وزير ثقافتها، عز الدين ميهوبي، في طهران ليقول للإيرانيين: “نحن نِتاج بلدين قاوما كثيرًا من أجل الحرية والاستقلال، قاوما الاستعمار، قاوما التخلف، قاوما كل ما يستهدف الاستقرار والأمن، وبالتالي؛ فان المشترك بين هذين البلدين هو ما أعطى هذا البُعد النفسي في العلاقات”. وأضاف أن العلاقات بين البلدين “شهدت تدفقًا ثقافيًا بين البلدين”، وثمة “كثير ممّا يشتركان فيه”، وهي ناتجة عن “سياستين حكيمتين”. وأكد ميهوبي سعي الجزائر لتوطيد “العلاقات الثقافية في ظل ما تشهده المنطقة من أحداث”، عادًّا الثقافة الإيرانية “ساهمت في إحياء الثقافة الشرقية ومنها العربية، وأن مفكرين وشعراء وفنانين إيرانيين ساهموا في الثقافة الإسلامية والعربية”.

جاء الأسبوع الثقافي الجزائري في طهران، الذي بدأ الثلاثاء الماضي 13 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، مع تحكم إيران بمصائر آلاف الأسر السورية شرقي حلب، حيث أجبرتها على النزوح قسرًا إلى ريف المدينة الغربي.

وقال صالح أميري وزير الثقافة والإرشاد الإيراني: “إن جيل الثورة الإسلامية يستذكر ويستلهم من الثورة الجزائرية”، وإن الشعب الإيراني يُقدّر “وقوف الجزائر إلى جانب إيران، عند الحصار الاستكباري، وخلال اجتماعات أوبك الأخيرة”.

يُدرك المتابع لمجريات الأحداث في المنطقة العربية، ما ألحقته إيران بالعراق من دمار على الصُعد كافةً، إثر تغلغلها فيه خلال العقدين الماضيين. تغلغل سبقته حرب دامية استنزفت طاقات العراق لمدة 8 سنوات مُتتالية، كما لا يمكن لأي مراقب إلا التوقف والتأمل في ما فعلته إيران بلبنان، بتشكيلها ميليشيا “حزب الله” الطائفية، ودعمها حتى ابتلعت الدولة بكاملها؛ وراحت تتحكم بكل شيء، من الرئاسة والبرلمان والحكومة، إلى المنافذ البحرية والجوية والبرية، وعلى هذا المنوال، تابعت إيران تخريب النسيج الاجتماعي في اليمن والبحرين.

يُقّدر بعضهم عدد الميليشيات الإيرانية في سورية بـأكثر من 60 ميليشيا، تُزودها إيران بالعدة والعتاد، في تحدٍ مباشر للإرادة الشعبية العربية، وللقيم التي تتغنى بها شعوب المنطقة.

وأما دمشق، التي سكنها عبد القادر الجزائري، وبات له فيها بيتًا وأملاكًا، فشوهتها إيران بمظاهر لا تمت لثقافة هذه المدينة العريقة بصلة، عبر تغطية بعض جدران حاراتها الأثرية التاريخية، وأسواقها القديمة، بصور ولوحات ورسومات وشعارات فارسية وطائفية.

يأتي الأسبوع الثقافي الجزائري في طهران، في وقت قدّم فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني تهنئته لبشار الأسد، بانتصاره في حلب، هذا الذي يسمّيه انتصارًا، وقد جاء من همجية الصواريخ الروسية، وانحطاط سلوك المرتزقة.

هو التاريخ الذي تجب الاستعانة عليه، لفهم أي ثقافة يريدها الوزير الجزائري أن تكون مشتركة، وتحاول إيران دعمها وإحياءها بالفن والشعر والأدب، وما إلى ذلك، بحسب ما قاله وزير ثقافة المليون شهيد لأجل الحرية.

بالتأكيد سيبقى المليون شهيد لأجل الحرية، الذين قدمتهم الجزائر خلال ما يزيد على قرن من الزمن، نبراسًا كعبد القادر الجزائري في دروب كل الأحرار، وسيبقى أيضًا نحو مليون شهيد سوري، قضوا خلال خمسة أعوام ونصف العام من عمر الثورة السورية، ومعهم أكثر من 10 ملايين مُهجّر، ومئات ألاف المعوقين، وعشرات آلاف سجناء الرأي، نبراسًا في طريق كل الأحرار، في الجزائر وغيرها.

ولأننا نتكلم عن بلد بقيمة الجزائر، سيذكر السوريون ما قدّمه الحقوقي أنور مالك، حينما فضح ما قامت به لجنة المراقبين العرب برئاسة الفريق محمد الدابي، من تزوير للحقائق. مالك الذي وقف، بوصفه حقوقيًا ومناضلًا، إلى جانب السوريين وثورتهم.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]