حلب وجولات آستانة… موسكو تنقلب على جنيف

19 ديسمبر، 2016

هيثم البدوي

تتسارع الحوادث والتحليلات والتوقعات حول حلب، بالتوازي مع جهد روسي لعقد مؤتمر سلام في العاصمة الكازاخية، آستانة، يجمع موسكو، مُمثلة عن النظام السوري، بأنقرة بوصفها تمثل الفصائل المسلحة، ويكون بداية لمفاوضات سياسية بعد “معركة حلب”.

تُشير دعوة موسكو لعقد “منصة آستانة” إلى جهد روسي، يهدف إلى نسف مؤتمر جنيف ومُخرجاته، ووضع المعارضة السورية والنظام أمام حلول جديدة، ترضى عنها وبها روسيا؛ ما يعني حلًا سياسيًا على مقاس الأسد وروسيا معًا.

من الواضح أن المعارضة السورية ستكون الخاسر الأكبر، وخاصة بعد ضم كل أطيافها إلى وفد واحد، كما تسرب، ترأسه رندة قسيس، مقابل وفد للنظام يقوده مندوب النظام الدائم في الأمم المتحدة، بشار الجعفري.

تعمل روسيا على تنفيذ سيناريو على الأرض، يتمثل بفرض سيطرتها على المدن الكبرى مثل حلب، لتظهر بمظهر قوي، يُمكّنها من فرض أي حل على المعارضة والأسد وإيران معًا.

لا تشكل خسارة حلب ضربة قاصمة لظهر الثورة، الخشية هي من خُسران المعارضة لذراعها العسكرية، التي يُمكن من خلالها الوقوف في وجه أي قرار إذعاني، يُفرض على المعارضة السياسية المفاوضة في آستانة.

الخشية على الذراع العسكرية من الانهيار، وقد طفت على السطح بوادر انقسامات وفك ارتباطات بين مكوناتها، وكان انفصال “صقور الشام” عن “حركة أحرار الشام الإسلامية” في أيلول/ سبتمبر الماضي، بمنزلة دق ناقوس الخطر لهذه المرحلة. خطر تطور لاحقًا إلى تفكك داخل الحركة، عندما أعلن القيادي فيها أبو جابر الشيخ تشكيل “جيش الأحرار” المُكون من 22 كتيبة وفصيل.

تتبادل فصائل المعارضة في الشمال السوري، الاتهامات، وترمي كل منها على الأخرى مسؤولية سقوط حلب، في حين نفذّت معظمها، قبل سقوط المدينة، عمليات مداهمة واعتقال وسيطرة على مقار فصائل أخرى؛ ما أضعف الجبهة الداخلية، وكان قنبلة موقوتة دفعت إلى انهيار سريع للمعارضة عسكريًا.

التوصيف السابق يدفع إلى استشراف سيناريو تشاؤمي تعمل عليه روسيا، من خلال زعزعة الثقة بين قوات المعارضة، وصولاً إلى الاقتتال، وذلك بعد حشدها وحصرها في محافظة ادلب التي تخضع لجبهة “فتح الشام” المرفوضة من مؤسسات المجتمع المدني.

سيقضي الاقتتال الداخلي بين قوات المعارضة على الذراع العسكرية للثورة، ومقرها في الشمال، وتصبح المعارضة السياسية عارية وضعيفة أمام النظام، وتُترك باقي مناطق المعارضة المحاصرة الخارجة عن سيطرة النظام، لمصيرها الفردي.

تتجلى الهيمنة الروسية على جميع اللاعبين في الداخل السوري، بإعلان موسكو قصف أي موقع عسكري تخرج منه طلقة واحدة باتجاه مواكب المُهجرين من حلب، وتمّ لموسكو ما أرادت، فقد التزمت إيران باتفاق اجلاء المرضى والجرحى، بعد أن تعرضت ميليشياتها للقوافل وقتلت وجرحت عددًا من ركابها.

تضارب المصالح الروسية – الإيرانية في سورية، دفع بتحليلات مفادها أن هجوم تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الأخير على تدمر وسيطرته عليها، كان “بتوجيه من إيران”، وبذلك يمكن القول: إن الخلاف يستفحل بين القوتين، لكن دون أن يكون لإيران غلبة فيه.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]

19 ديسمبر، 2016