مشروعان لاندماج فصائل المعارضة بعد هزة حلب.. بالتفصيل هذا ما دار بالمفاوضات وما تم التوصل إليه حتى الآن
20 ديسمبر، 2016
تعرضت المعارضة السورية لهزات عنيفة خلال العام 2016، كان آخرها خسارتها لكامل الأحياء الشرقية في حلب، والتي دخلتها منذ العام 2012، وجعلتها عصية على قوات الأسد، إلى أن استنجد الأخير بالميليشيات الإرهابية المدعومة من إيران، وبعدها روسيا.
ويبدو أن خسارة حلب وفشل قوات المعارضة في فك الحصار عنها، أعاد حالة من الغضب بين السوريين المعارضين للأسد، ليس من النظام فحسب، بل حتى فصائل المعارضة، التي تسبب انقسامها وخلافها في إضعاف الجبهات وتقهقر الصفوف وسقوط المناطق.
ولا تزال آثار “الزلزال” الذي ضرب المعارضة بحلب تصيب في اهتزازاتها الشارع الثوري، الذي بدا خلال الأيام الماضية وبشكل خاص في الشمال السوري، بحالة غليان شديد، انعكس على شكل مظاهرات كثيرة ركزت على المطالبة بوحدة الفصائل العسكرية، وإسقاط القادة، كونهم من يملكون زمام التوحد، لاستدراك الفشل في الفترة الأخيرة وأهمه العسكريّ.
ما الذي حصل؟
ويبدو أن الشعارات الداعية في المظاهرات للتخلص من قادة الفصائل، قضت ماضجعهم، ووضعتهم أمام لحظة فارقة من عمر الثورة السورية، وصار لسان الشعب الغاضب يقول، إما أن تتوحدوا أو لتموتوا.
وأمام هذا المشهد، سارع قادة الفصائل العسكريّة في الساحة إلى التباحث حول مشروع اندماج يشمل كافة الفصائل المقاتلة في الشمال السوريّ، وبحسب معلومات موثوقة حصلنا عليها من داخل فصائل عسكرية كبرى، فقد برز مشروعان للاندماج.
الأحرار والنصرة
كانت البداية بوجود مشروع اندماج أول يضم كلاً من “جبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقاً)، وحركة نور الدين الزنكيّ، والحزب الإسلامي التركستانيّ، وجبهة أنصار الدين، وأجناد الشام، ولواء الحقّ”، كما كانت حركة “أحرار الشام” الإسلامية تجري مباحثات مع الفصائل الثورية الأخرى للوصول إلى صيغة اندماج مع مشروع الاندماج الأول.
وذكر مصدر مسؤول في “جيش الفتح” ممن حضر الاجتماعات طالباً عدم الكشف عن اسمه – أن “أحرار الشام التقت مع فتح الشام بحضور الزنكي، وأجناد الشام، واتفقوا بعد مشاورات على أن يرأس أبو عمار العمر القائد الجديد لأحرار الشام التشكيل المزمع تشكيله، وكان مقترحاً أن يُطلق عليه الهيئة الإسلامية السورية، على أن يكون أبو محمد الجولانيّ القائد الحالي لفتح الشام قائداً عسكرياً، وتوفيق شهاب الدين القائد الحاليّ لحركة الزنكيّ رئيساً لمجلس الشورى”.
وأضاف المصدر ذاته: “تم وضع أسماء الفصائل المتوقع دخولها وهي 14 فصيلاً عسكرياً في الشمال السوريّ، إضافة إلى تشكيل لجنة شرعية مبدئية مكونة من أبو محمد عطون المسؤول الشرعيّ في فتح الشام، وأبو الصادق الحمويّ المسؤول الشرعي في أحرار الشام، إضافة إلى الشيخ أبي الحارث المصريّ وهو مستقلّ”.
وكانت رؤية “فتح الشام”، و”أحرار الشام”، أنّ باقي فصائل الساحة لن تعترض على الفكرة، حسب اجتماعات الاندماج السابقة التي تركز فيها الخلاف بين الفصيلين الأبرز في الساحة.
مشروع اندماج مواز
وتزامناً مع الاجتماعات التي جرت في البداية، كانت هناك اجتماعات بين عدة فصائل أبرزها “جيش الإسلام، وصقور الشام، وفيلق الشام، وأهل الشام، والجبهة الشامية، وجيش المجاهدين، وشهداء الإسلام (من داريا)”.
وبحسب المعلومات كان هناك مسودّة لمشروع الاندماج عُرضت على فصائل أخرى، وتضمنت المسودّة تشكيل مجلس شورى من قادة الفصائل، وقيادة عسكرية مشتركة، ومجلس سياسي موحد، إضافة إلى توحيد الإدارة المدنية والقضاء والحواجز وغيرها، قبل أن تنضمّ فصائل جديدة للمشروع كـ”جيش النصر وتجمع فاستقم”.
وأشار مصدر خاص أنّ “المشروع ربما سيشهد لاحقاً انضمام أحرار الشام وحركة الزنكي”، وسط دعوات لـ”فتح الشام” بالانضمام ولكن دون شروط مسبقة، حيث لم يتبلور حتى اللحظة مشروع واضح المعالم للفصائل، بعكس ماتردّد في وسائل الإعلام حول قرب الإعلان عن توحد فصائل الساحة.
ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعيّ مساء أمس، صورة لاجتماع قيادات هذه الفصائل في مقدمتهم أبو عيسى الشيخ “صقور الشام”، وأبو بكر باتبو “جيش المجاهدين”، وأبو حمزة الأمين “جيش الإسلام”.
وقال “أبو بكر” قائد “جيش المجاهدين” في تغريدة على تويتر: “انتظروا منا ما يفرحكم بإذن الله، باندماج قريب يشفي صدوركم، ويحزن عدوك بمشروع وطني يمثل ثورة هذا الشعب المكلوم ويعيد لثورتنا انبعاثها من جديد”.
اجتماعات مكثفة
ومع ازدياد التخوف من حدوث اندماجين متوازيين، علمنا أن فصائل مشروع الاندماج الثاني كثفت اجتماعاتها بحضور “أحرار الشام” للوصول إلى صيغة مناسبة خلال الأيام الثلاث الماضية.
وأشارت مصادر داخل “أحرار الشام” ، أنّ الجهود حالياً تسعى إلى انخراط “فتح الشام” في المشروع رغم وجود بعض المآخذ من بعض الفصائل، حيث تسعى الفصائل الداخلة في هذا المشروع إلى ذوبانها في كيان واحد، واعتماد “علم الثورة السورية” كراية عامة للتجمع الجديد، وإضافة اثنين من مشايخ فصائل “الاندماج الثاني” للمكتب الشرعي، واختيار قائد عسكري مشهود له بالكفاءة من كل فصيل ليكون ضمن القسم العسكريّ الذي اتفق عليه سابقاً بين “أحرار الشام” و”فتح الشام” بحضور “الزنكيّ”.
ويضاف إلى ذلك، حل أزمة “جند الأقصى” التي أعلنت اندماجها في “فتح الشام” قبل أشهر خلال قتالها مع “أحرار الشام”، وكان الاندماج شكلياً فقط، وترى فصائل المعارضة أن “جند الأقصى” مسؤولة عن اغتيال عدد كبير من قيادات الثورة السورية خلال الأشهر الماضية ولها صلات وثيقة بتنظيم “الدولة الإسلامية”.
تخوف من اندماجين متوازيين
ومع مضيّ الوقت تزداد المخاوف من زيادة الشرخ، حيث أقرّ مصدر في “جيش الفتح” خوفه من انقسام الشمال السوريّ إلى قسمين في حال استبعاد جبهة “فتح الشام” والفصائل المقربة منها من الاندماج، ما “قد ينذر بسوء بسبب التنافس المحتمل على السيطرة على ماتبقى من الشمال السوريّ”، حسب تصريحه .
وذكر عبد الله المحيسني القاضي في “جيش الفتح” في تعليق له على الاندماج قائلاً: “لن يعطل الاندماج بإذن الله، والاندماج ماض، والمشايخ ماضون خلفه والقادة كذلك، والمؤامرات عليه أكبر مما نتصور، واليوم يميز الله الصادق من الكاذب في دعوى الاندماج، ولن تغني كيانات موازية فالشمس لا تغطى بغربال”.
العودة لنقطة الصفر
وشهدت الساعات الأخيرة اجتماعات مكوكية، حيث تشير مصادر في “جيش الفتح” إلى أنّ “فتح الشام” وافقت فعلاً على إلغاء الاتفاق مع “أحرار الشام” والذي تضمن تعيين أبو عمار العمر قائداً، و”الجولاني” قائداً عسكرياً، في سبيل إيجاد حل مع فصائل الاندماج الثاني لاجتماع الساحة ككلّ.
في حين رجحت مصادر أخرى، إعلاناً قريباً لفصائل الاندماج الثاني بالتوحد ضمن كيان واحد واعتماد علم الثورة السورية راية له، وسط بقاء الباب مفتوحاً حتى اللحظة أمام الجميع للتوحد.
وكانت الساحة السورية شهدت عدة اندماجات سابقة، ولكنها لم ترتقي لمستوى النجاح، كان أبرزها تجربة “الجبهة الإسلامية” التي ضمت آنذاك سبعة فصائل كبرى، قبل أن يفشل المشروع خلال أقلّ من سنة، وكذلك تجربة “الجبهة الشامية” التي انتهت بانفصال معظم مكوناتها عنها خلال أقلّ من سنة.
[sociallocker]