‘أسرار الدولة العليا محمد إبراهيم: سورية لكل أبنائها’

2 يناير، 2017

عاصم الزعبي

صدرت أخيرًا للكاتب السوري الشاب، محمد عبد الستار إبراهيم، رواية “أسرار الدولة العليا” في العاصمة الأردنية عمان، حاول من خلالها تجسيد الواقع المرير، وملامسة جراح كثير من الشعوب، وتفسير ما يجهله كثيرون عما يدور في أروقة الدولة الداخلية، ليحاول الإجابة عن تساؤل يدور في أذهانهم: كيف يصل ذلك المواطن البسيط إلى حكم الدولة؟ وكيف يتحول إلى ديكتاتور عظيم؟ بمن استعان؟ وماذا فعل؟ وكيف خطط حتى وصل إلى سدة الحكم؟

عدد من الموضوعات أراد محمد -الذي خرج مع أسرته إلى الأردن بعد “انتفاضة” عام 2004 ضد نظام الأسد- التحدث عنها إلى جيرون، وهي تدور بين الثورة السورية، وروايته التي تحاكي الواقع العربي عمومًا، والسوري خاصة، آمن بوجوب الثورة بعد “انتفاضة” 2004، حيث يقول: “لم أتخيل بعد الجرائم التي ارتكبها جيش النظام آنذاك، أن أكون جزءًا منه، ولا بد من ثورة تشمل كل الأراضي السورية؛ للخلاص من نظام الأسد، لذلك؛ كنت مع الثورة منذ اللحظة الأولى لانطلاقها في آذار / مارس 2011، وأنها لا بد من أن تحقق أهدافها”.

شكل محمد في بداية الثورة، ما أطلق عليه بعض الإعلاميين “الثورة السورية في الأردن”، فمنذ الأيام الأولى بدؤوا بتنفيذ إعتصامات أمام سفارة النظام في عمان؛ ليتطور نشاطهم لاحقًا بعد بدء تدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن، عبر تشكيل تنسيقية الثورة السورية في الأردن، والعمل من خلال فرق تطوعية عديدة؛ لتأمين حاجات اللاجئين الذين إزداد تدفقهم؛ نتيجة القصف الهمجي من قوات نظام الأسد.

ويضيف إبراهيم: “شاركت عام 2013، في تأسيس أول “كيان سياسي كردي”، في مؤتمر للمعارضة السورية في القاهرة، وكنت رئيسًا لمكتبه الإعلامي، وشاركت في اجتماعات اسطنبول تحت رعاية المجلس الوطني، كان لدي قناعة تامة بوجوب أن يكون هنالك صوت كردي حقيقي، يلبي مطالب الكرد لأنهم ظلموا على مدى عقود طويلة، دون أن يستغل أحد هذا الظلم لمصالح حزبية أو شخصية”.

ويتابع: ” أعجبتني عبارة في بداية الثورة للأستاذ حازم نهار قال يومئذ: “علينا نحن -السوريين- أن ننظر إلى (القضية) الكردية في سورية بعين كردية ووطنية، لا بعين خارجية، وليست (قضية) الكرد قضية قومية لا علاقة لنا بها”، وهذا ما دفعني للتمسك بثوابت الثورة أكثر”.

وبرأي محمد فإن “القضية” الكردية، شائكة جدًا، وسهلة جدًا، في سورية، فالترسبات الفكرية القومية لا تزال تسبب هذه المشكلة، والتفرقة؛ حيث حاول حزب البعث دق إسفين بين مكونات الشعب السوري الذي تعايش لمئات السنين، وكان الكرد من أهم مكوناته، من خلال إقصاء الكرد وغيرهم عن المشهد السوري وحرمانهم من حقوقهم، والكرد كما يقول: “شاركوا في الثورة -منذ أيامها الأولى- جنبًا إلى جنب مع كل السوريين، فمدينتي عامودا كانت خامس مدينة تشارك في المظاهرات ضد نظام الأسد، وقدمت عددًا من أبنائها في سبيل حرية كل السوريين، ليس آخرهم مشعل تمو، ولكننا نعاني اليوم من مشكلة الإعلام، التابع للنظام والمعارضة؛ وحتى الإعلام العربي، فهو لا يسمي الأمور بمسمياتها الحقيقية! ففي الحال الكردية هناك بعض الأحزاب التي ترتكب تجاوزات وانتهاكات، يرفض الإعلام إلا أن ينسب ذلك لكل الكرد السوريين، ما يؤجج فتنة بين الشعب السوري، ويولد الحقد والكراهية “.

طمح محمد لأن يكون شاعرًا مثل نزار قباني، من خلال خواطر وأشعار كتبها في الأردن، عن سورية ودمشق. حلم -يومًا ما- بدراسة العلوم السياسية والعمل في المجال الدبلوماسي، على الرغم من معرفته بأن النظام لا يسمح بذلك، فتطورت خبرته في الكتابة؛ ليصدر له في العام 2015 أول قصة تحمل عنوان “الأصدقاء الثلاثة”، جاءت من واقعه في الغربة بالتمسك بصديقين كان هو ثالثهما، لتناسي قسوة البعد عن الوطن. وبعد الثورة ومشاركته في عدد من اجتماعات المعارضة، وجد أن ما يدور خلف الكواليس مخالف لما يقال على الإعلام، فالأميركيون كما يقول: “يرفضون سقوط نظام الأسد، بسبب وجود مصالح في بقائه، وأهمها أمن إسرائيل، وقد صرحوا بذلك للمعارضة علنًا، أما في الإعلام، فكان الحديث الدائم عن وجوب رحيل الأسد. ومن هنا، وضعت عنوان روايتي “أسرار الدولة العليا” لأبين وجهة نظري في ما يحصل خلف كواليس الحكم والسياسة، وأعتقد أنني نجحت بإيصال فكرتي إيصالًا صحيحًا، ووزعت الأدوار توزيعًا جيدًا”.

يوضح محمد في روايته -أيضًا- كيف تخلق الأنظمة العربية الإرهاب، للقضاء على الثورات وكبح جماح شعوبها التواقة للتتحرر، ولكنه لم يتحدث عن بلد بعينه، إنما تناول من كل بلد سمة لحاكمه، كقوانين القذافي الغريبة، وسيطرة الأحزاب في لبنان على حصص من الدولة، والانقلابات في سورية وغير ذلك، وقد واجهته صعوبات في نشرها كما قال: “كانت الصعوبة الأولى في إيجاد دار للنشر تتبنى نشر الرواية، ثم أصطدمت برفض الرقابة لنشر الرواية، بسبب عنوانها الذي طلبوا مني تغييره، ولكنني رفضت، وعملت جاهدًا حتى جرى نشرها، وكما أريد”.

تحدث محمد عن الألم الذي يشعر به اليوم لما آلت إليه الأوضاع في سورية، حيث يعد أن الامر تطور ليصبح تصفية حسابات على الأرض السورية، من كل القوى العالمية، وحتى الإقليمية، والشعب السوري يدفع دماءه ثمنًا لذلك، ويتابع “كل القوى اليوم تجتمع لتناقش حلًا في سورية، دون حضور أي من السوريين، نظامًا أو معارضة، كما حصل في موسكو أخيرًا. فالمعارضة السورية فشلت بتمثيل الثورة السورية، والأسباب كثيرة أبرزها التبعية لدول وداعمين متعددين”.

ويوضح محمد، ما يجري في شمال شرقي سورية، بأن أعدادًا كبيرة من شباب الكرد جرى تجنيدهم في صفوف الميليشيات الكردية هناك، كما يفعل النظام، وتنظيم الدولة الإسلامية في مناطق سيطرتهم، ويؤكد على أن “القضية” الكردية هي “قضية” وطنية سورية، لا بد أن تحل بين السوريين وحدهم، ويجب أن يحصل الأكراد على حقوقهم، والاعتراف بقوميتهم، بوصفها مكونًا من الشعب السوري، والاعتراف بـ “لغتهم” وتعليمها إلى جانب العربية، فسورية لكل أبنائها دون استثناء على حد وصفه.

يعول محمد، كما أراد أن ينهي حديثه لجيرون: “على وعي الشعب السوري، من العرب، والكرد، بأن لا يكون هناك أي فتنة في الجزيرة السورية، فتلك البقعة جميلة بثقافاتها، وحضارتها، ومكوناتها، من عرب وكرد، وسريان، وآشوريين، وأزيديين، وأرمن وتركمان، وهي ثروة تغني كل سورية، يجب المحافظة عليها، لتكون سورية أجمل وأقوى”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]