‘بينيرو: سورية تودّع عامًا مأسويًا’

3 يناير، 2017

حافظ قرقوط

قد يختصر التعبير الذي استخدمه باولو سيرجيو بينيرو، رئيس اللجنة الدولية المستقلة للتحقيق في الانتهاكات في سورية، مُودّعًا العام 2016، عما تحمّله المدنيون السوريون خلال العام الفائت بقوله “إذا قارنا عام 2016 مع غيره من الأعوام، أعتقد أنه كان الأسوأ في الهجمات ضد المدنيين”.

وأوضح بينيرو بأنه “كان هناك تصعيد في العمل العسكري، من كل الأطراف ضد السكان المدنيين، كان عامًا مأساويًا بالنسبة لهم، كانت هناك لحظات من الأمل، لإجراء المفاوضات الحقيقة بين كل أطراف الصراع، في بداية العام، ولكن غلب عليها الإحباط فيما بعد”.

ونقل (مركز أنباء الأمم المتحدة) عن بينيرو أمله بأن “يساعد تولي أنطونيو غوتيريس منصب أمين عام الأمم المتحدة، جهود إيجاد حل للصراع السوري”.

وكان غوتيريس قد صرّح في مقابلة سابقة على شبكة (CNN) قبل توليه منصبه، أن الملف السوري “واجب شخصي” بالنسبة له، وأضاف “لطالما كان الشعب السوري كريمًا جدًا، وأتذكر كيف استقبل أكثر من مليوني لاجئ عراقي، وشاركهم كل شيء خلال الأزمة العراقية، وكذلك الفلسطينيين الذين تمتعوا بأفضل المزايا على صعيد المنطقة بأكملها في سورية”.

مع نهاية عام 2016، وثّقت (الشبكة السورية لحقوق الإنسان)، استشهاد 827 مدنيًا خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر فحسب.

بينما قالت الشبكة في تقرير لها، إن ضحايا عام 2016 كانوا 16,913 مدنيًا، وأشارت إلى أن “قوات الأسد قتلت 8736 مدنيًا، منهم 1984 طفلًا، و1237 سيّدة، وما لا يقل عن 447 شخصًا بسبب التعذيب”.

وسجّل التقرير أن القوات الروسية، قتلت “3967 مدنيًا، بينهم 1042 طفلًا، و684 سيدة”.

كما ذكر أن (قوات الإدارة الذاتية الكردية)، قتلت “146 مدنيًا بينهم 24 طفلًا، و23 سيدة، و6 أشخاص بسبب التعذيب”.

ووثق التقرير “1528 شهيدًا مدنيًا على يد تنظيم (داعش)، منهم 258 طفلًا و213 سيدة، و8 أشخاص تحت التعذيب”، إضافة إلى “18 مدنيًا بينهم سيدة استشهدوا على يد (جبهة فتح الشام) بالإضافة إلى 4 أشخاص تحت التعذيب”.

بدورها فصائل المعارضة المسلحة حجزت لنفسها موقعًا في التقرير، فقد وثّقت الشبكة استشهاد “1048 مدنيًا على يد الفصائل المعارضة المسلحة، بينهم 289 طفلًا، و210 سيدات، وأيضًا 10 أشخاص قضوا تحت التعذيب”.

أما ضحايا قوات التحالف الدولي، بحسب التقرير، فكانوا “537 مدنيًا، بينهم 158 طفلًا و98 سيدة”.

مع انقضاء أيام عام 2016، بما حملته من مآس على مدار الساعة، تبرز بعض المحطات، من قبيل أنه مرّ على العدوان الروسي على سورية 15 شهرًا، بكل ما قدّمه من دعم مباشر للنظام، على حساب أرواح المدنيين، ما اضطر الآلاف للنزوح من عدة مناطق، بعيدًا عن الحمم التي تلقيها الطائرات الروسية من أسلحة حارقة وعنقودية وغيرها.

كان عنوان العام 2017 أيضًا هو التجويع والحصار كحرب تستهدف المدنيين، بالموازاة مع انهيار كبير للقيم والاخلاق المجتمعية، وللسياسة والقانون الدولي، كان أهمها التهجير القسري الذي تعرضت له بعض المناطق الداخلية، وخاصة مدينة داريا في آب/ أغسطس الماضي، بعد صمود استثنائي شهد به الجميع، وكذلك ما جرى في مناطق الزبداني ومضايا، حيث تم ترحيل جزء من سكانها، ومن بقي هناك ما زال صامدًا، في ظل هجوم عنيف من قبل قوات النظام، وميليشيا (حزب الله) على كامل المنطقة، حتى بعد سريان الهدنة بضمانات روسية – تركية.

أيضًا في العام الماضي تم تهجير سكان الأحياء الشرقية من مدينة حلب، تحت سمع وبصر العالم، وتزامنت عمليات التهجير مع طقس عاصف وبارد، دون أي اكتراث بتلك الأجساد التي عانت من الحصار كثيرًا.

كما استعملت روسيا والصين، العام الماضي، قراري فيتو، ضد مشروعي قرار في مجلس الأمن حول تثبيت هدنة لبضعة أيام وإدخال مساعدات للأحياء المحاصرة.

مع نهاية عام 2016، انتهت ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما، بكل ما حملت من سلبية في التعامل مع الملف السوري، ومنعه أي سلاح فعال عن الفصائل العسكرية المعارضة، واكتفاء إدارته بالإدانات ونقل الأنباء والأمنيات.

وانتهت مع نهاية العام أيضًا، فترة رئاسة بان كي مون للمنظمة الدولية، وغادرها مع ما حمله من أمنيات، وقلق على ما يجري بسورية، مقابل عجز واضح للمنظمة الدولية، فلم يتخطى فعلها تجاه السوريين، حافة القلق والاحتجاج، وبقليل من المساعدات للمناطق المتضررة، والكثير منها ليد النظام، في حين مازالت تُصغي لبشار الجعفري، وهو يتهكّم على كافة الوفود التي لا تروق له.

حمل العام 2016 المأساوي على المدنيين في سورية، في نهايته مبادرة تركية – روسية، تتضمن الإعلان عن وقف لإطلاق النار، وضعها الروس أمام مجلس الأمن، قبل أن يقلب العام آخر أوراق الروزنامة، وحصدت إجماعًا دوليًا، هدفه بحسب القرار، دعم تلك المبادرة.

من يراقب عيون العديد من السورين، سيلاحظ ملامح أمل بأن يُسفر العام الجديد، عن نتيجة تخفف من عنائهم، على طريق بناء دولتهم من جديد، وليرتبوا دستورها وقوانينها وسياستها، بما يتلائم والتضحيات الجسام التي قدموها.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]