‘د.خليل حسين يكتب: تحديات الأمين العام للأمم المتحدة’
8 يناير، 2017
د.خليل حسين
ثمة سبعة أمناء عامين تعاقبوا على الأمانة العامة للأمم المتحدة، منذ العام 1945 تاريخ إنشاء المنظمة ولغاية نهاية العام 2016، حيث تسلم الأمين العام الثامن، انطونيو غوتيريس منصبه خلفاً لبان كي مون. وعلى الرغم من تميّز كل أمين عام بوجه خاص وفقاً للظروف الدولية التي رافقت ولايته، إلا أن هذا الأخير، تنتظره تحدّيات مختلفة ومن نوع آخر، أولاً بالنظر لواقع الظرف الدولي ولواقع بعض الأزمات الإقليمية ذات الطابع الدولي، وثانياً الخلفية المهنية والوظيفية التي قام بها خلال العقد الأخير من سيرته المهنية في الأمم المتحدة ذاتها.
فالأمين العام الذي يتصرف وفقاً لصلاحيات منصوص عليها في الميثاق وهي كثيرة، قادر من حيث المبدأ، أن يقوم بدور محوري في القضايا التي تهدد السلم والأمن الدوليين، أي بمعنى آخر، الأمين العام يشارك بشكل أو بآخر، في عمل الأجهزة الرئيسية الخمسة الأخرى للأمم المتحدة، وهو قادر من خلال المادة 98 مثلاً، أن يسهم في التدخل وبقرار منه في أي نزاع دولي أو إقليمي، عبر التحقق أو الوساطة أو غيرها من الطرق، وله أيضاً الحق في لفت نظر مجلس الأمن إلى القضايا التي تهدد السلم والأمن الدوليين. كما يقوم بمثل تلك الاختصاصات بناءً على طلب الأجهزة الرئيسية.
وفي الواقع تعرّض بعض الأمناء العامين لسلسلة من المضايقات عبر العديد من الدول التي لم يكن يساعدها في بعض قضاياها الخاصة، أو لأسباب متعلقة بإدارة بعض الأزمات الدولية. ويأتي الأمين العام الحالي غوتيريس، في خضم أزمات إقليمية ودولية مستعصية، بينها ذات طابع دولي، كأزمة اللاجئين، التي له باع طويل في إدارة بعض جوانبها، خلال تكليفه المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في الشرق الأوسط خلال العقد المنصرم (2005 – 2015).
وانطلاقاً من هذا التحدّي الذي رافق معظم عمل الأمناء العامين السابقين، تعتبر أزمة اللاجئين حالياً أزمة دولية لم يشهد عمل الأمم المتحدة مثيلاً لها خلال الواحد والسبعين عاماً من عمرها، وبخاصة خلال السنتين المنصرمتين، حيث شهدت معظم مناطق العالم وبخاصة الأوروبية منها موجات لجوء غير مسبوقة، غرق فيها العديد من الدول والمنظمات الإقليمية والقارية والأمم المتحدة، دون التمكن من إيجاد حلول مقبولة ولو في حدود دنيا.
فبحسب تقرير المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، وصل عدد اللاجئين في العام 2015 إلى 65.3 مليون شخص، والمشكلة الأكبر، تكمن في الوجه الآخر من القضية المتمثلة بفئة النازحين في مواطنهم الأصلية، حيث التشرّد واستمرار تداعيات النزوح من القتل والتشريد والمآسي والفظائع التي يتعرضون لها. والمفارقة الأشد ذعراً، هي أن نسبة 51 % من اللاجئين هي من بين الأطفال الذين لا تتعدى أعمارهم 14 عاماً.
إن الأخطر من ذلك، هي الوسائل التي تم اتباعها في مثل تلك الحالات، ومن بينها الوسائل الأمنية، التي اعتمدها مجمل الدول الأوروبية مع اللاجئين، وجلها كانت من الدول الإفريقية، إضافة إلى استغلال بعض الدول في استقطاب اللاجئين، بهدف سد النقص في الهرم السكاني، علاوة على حاجة هذه الدول للأيدي العاملة الرخيصة، أو للفئات التخصصية العالية، وفي كلتا الحالتين ثمة استغلال واضح لهذه الفئات.
طبعاً لم يكن للأمم المتحدة أثر كبير في مواجهة معضلات اللاجئين، إذ اقتصر عملها على تقديم المساعدات ذات الطابع الإنساني لهم، دون القدرة على ملامسة جوهر القضية، إما لعدم السماح لها بالتدخل في مثل تلك الملفات، وإما لعدم توفر الأموال الكافية لتنفيذ برامج ذات صلة بالموضوع إن وجدت، وبالتالي ثمة تحدّيات كبيرة تنتظر تحديداً الأمين العام، الذي يعتبر صاحب الصلاحية الأولى في متابعة العمل التنفيذي للأجهزة والوكالات المعنية بقضية اللاجئين.
في المحصلة يبلغ تعداد سكان العالم 7.4 مليار شخص، وفي مقارنة بسيطة مع تعداد اللاجئين في العالم، يعني أن ثمة شخصاً من 113 شخصاً طالباً للجوء، ما يعني أيضاً، أن ثمة شخصاً واحداً كل 24 دقيقة قد سعى للوصول إلى حق اللجوء، ألا تعتبر هذه القضية تحدّياً للمنظمة الدولية ولأمينها العام انطونيو غوتيريس؟.
المصدر : الخليج
د.خليل حسين يكتب: تحديات الأمين العام للأمم المتحدة على ميكروسيريا.
ميكروسيريا –