بعد تدخلها بسوريا.. أنظار روسيا تتجه إلى ليبيا باستعراض دعمها لحفتر

17 يناير، 2017

كانت زيارة القائد العسكري الليبي خليفة حفتر لحاملة طائرات روسية بمثابة دفعة رمزية له وفي الوقت نفسه أظهرت اهتمام موسكو بالقيام بدور أكبر في المنطقة في أعقاب تدخلها في سوريا.

ويمثل حفتر شخصية قيادية لفصائل شرق ليبيا وله طموحات وطنية ويأتي تجديد الصلة بينه وبين روسيا في وقت تمر فيه الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة في طرابلس والتي تحاشى حفتر التعامل معها بأزمة جديدة.

وربما يشجع الدعم الروسي حفتر على السعي للإمساك بأعنة السلطة في طرابلس وهي خطوة من المرجح أن تذكي الصراع وتمثل انتكاسة كبرى لحكومة حقيقية للوحدة في ليبيا.

وتقول الدول الغربية إن حكومة الوفاق الوطني التي تدعمها الأمم المتحدة تمثل أفضل فرصة لوقف انزلاق ليبيا إلى الفوضى والحرب.

غير أنه في الوقت الذي أضعفت فيه الانقسامات والمقاومة حكومة الوفاق في العاصمة اكتسب حفتر زخماً في الشرق حيث يحظى بدعم حلفاء من الخارج يدعمون حربه على الجماعات الإسلامية.

فهو يتمتع بعلاقات وثيقة مع مصر والإمارات العربية المتحدة كما عمل على تعزيز صداقته مع روسيا فزار موسكو مرتين العام الماضي لطلب العون في حملته المناهضة لفصائل الإسلاميين.

وكانت زيارته للحاملة “أدميرال كوزنتسوف” في البحر المتوسط يوم الأربعاء الماضي، أوضح استعراض لدعمه من جانب روسيا حتى الآن.

ونشرت وسائل الإعلام الروسية تقارير عن محادثاته عبر مؤتمر بالفيديو من حاملة الطائرات مع وزير الدفاع “سيرجي شويجو” التي بحث الاثنان فيها الحرب على “الجماعات الإرهابية” وهو أحد أهداف موسكو المعلنة لحملتها في سوريا.

وامتنع مستشارو حفتر عن التعليق على زيارة حاملة الطائرات ومغزاها بالنسبة للعلاقات مع روسيا.

غير أن “أليكسي ملاشينكو” كبير الباحثين في معهد حوار الحضارات الذي تربطه علاقات وثيقة بالقيادة الروسية قال إن روسيا ترى بعد تدخلها في سوريا أن ليبيا تمثل وسيلة لتأكيد عودتها إلى الشرق الأوسط.

وقال ملاشينكو “سوريا وحدها لا تكفي. ولهذا نحتاج إلى دولة أخرى للوجود الروسي لا في سوريا وحدها بل عموماً في الشرق الأوسط. وليبيا

أرض ملائمة لذلك. فهي في حالة فوضى شاملة وبوسعك أن تقول دائما إن روسيا تساعد في محاربة الإرهاب.”

ويقول محللون إن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ربما يهتم أيضا باستعادة نفوذ بلاده في ليبيا. فقد كان الزعيم الليبي السابق معمر القذافي حليفاً قديماً للروس، وعارض “بوتين” الحملة التي شنها حلف شمال الأطلسي للمساعدة في الإطاحة به.

ولم تستعمل روسيا حقها في استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة للاعتراض على القرار الذي تضمن تفويضاً بالعمل العسكري وجازف “بوتين” الذي لم يكن يتولى الرئاسة آنذاك بإظهار انقسام في صفوف القيادة الروسية بانتقاد القرار.

تعاقدات واتفاقات دولية

ظاهرياً أيدت روسيا وساطة الأمم المتحدة في ليبيا وتقول إنها ستلتزم بحظر السلاح المفروض عليها. غير أن بوسعها في نهاية الأمر استعادة صفقات سلاح واتفاقات في قطاع الطاقة بمليارات الدولارات خسرتها عندما فقد القذافي السلطة عام 2011.

ولا يملك برلمان وحكومة متحالفان في شرق ليبيا مع حفتر أي سيطرة مباشرة على إيرادات النفط. لكنهما يحتفظان بسيطرتهما على فروع للبنك المركزي الليبي الذي اعتاد طبع أوراق النقد الليبية في روسيا وللمؤسسة الوطنية للنفط التي حاولت دون طائل الالتفاف على قرارات الأمم المتحدة وبيع النفط بمعزل عن طرابلس.

وقال عبد الله بلحاج المتحدث باسم برلمان شرق ليبيا، مستشهداً بتعاقدات أسلحة قيمتها نحو أربعة مليارات دولار، تراجعت إلى ما قبل عام 2011 “نأمل عودة الدولة الروسية إلى دورها كداعم للقوات المسلحة الليبية التي تخلت عنها أغلب الدول في حربها على الإرهاب.”

وقال ناجي المغربي الذي عينته الحكومة الشرقية لرئاسة المؤسسة الوطنية للنفط لوكالة “رويترز” إن مكتبه وقع 29 عقداً من بينها عقود وقعت مؤخراً مع دول كبرى مثل روسيا والصين. ولم يذكر تفاصيل.

من جهته، قال كريم مزران الباحث بمركز “رفيق الحريري للشرق الأوسط” التابع للمجلس الأطلسي (أتلانتيك كاونسيل) إن “الدعم الروسي لحفتر حتى الآن يبدو رمزياً في الأساس رغم أن ذلك قد يتغير إذا حاول حفتر الاستيلاء على طرابلس وهو أمر يخشى خصومه في غرب ليبيا أنه يعمل بهمة ونشاط على تحقيقه”.

وأضاف “إذا كان يتلقى إشارات عن احتمال استعداد قبائل أو جماعات أو ميليشيات للتحول إلى تأييده فربما يدفعه التشجيع الروسي للتحرك.”

ومما عرقل حكومة الوفاق الوطني، “فشلها” في الفوز بمباركة من حلفاء حفتر وبدت قياداتها على نحو متزايد معزولة ومعتمدة على الدعم الغربي منذ وصولها إلى طرابلس في مارس/ آذار الماضي.

وإلى حد كبير تجنب حفتر، حليف القذافي السابق الذي عاد من المنفى للانضمام إلى الانتفاضة التي أطاحت به، محاولات دعم الاتفاق الذي توسطت فيه الأمم المتحدة وأدى إلى تشكيل حكومة الوفاق قبل أكثر من عام واتهم الحكومة بالوقوف في صف القوى ذات الميول المؤيدة للإسلاميين والتي سيطرت على طرابلس في عام 2014.

وفي شرق ليبيا، عمل الجيش الوطني الليبي الذي يقوده حفتر على تشديد قبضته فأطاح بخصومه الذين يقودهم الإسلاميون من معظم أنحاء بنغازي وعين حكاماً عسكريين ووسع سيطرته لتشمل منشآت نفطية.

ومع صعود نجم الجيش الوطني الليبي بدأ مبعوثون غربيون يعترفون بما حققه من مكاسب وفي الوقت نفسه ظلوا يصرون في العلن على أن اتفاق الأمم المتحدة هو السبيل الوحيد لتحقيق الاستقرار في ليبيا.

وقال مزران، إن حفتر يأمل الحصول على قدر أكبر من الدعم لموقفه المناهض للإسلاميين من حكومة الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب ويتهيأ للحديث مع الإدارة الجديدة من موقع القوة.

وأضاف أن حفتر “يتوقع أن يفشل هذا الاتفاق السياسي وفي ذهنه يرى أن الحل الوحيد هو الاستيلاء على السلطة عسكريا وفي النهاية يعتقد أن الغرب سينحاز له.”

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]