وسائل التواصل تدعم لُحمة السوريين في الأردن

23 يناير، 2017

عاصم الزعبي

نجح السوريون في الأردن، خلال العامين الماضيين، بإنشاء مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي، وخصوصًا الفيسبوك، بأسماء عديدة؛ لتقديم الخدمات المختلفة والمعلومات التي تهمهم.

وقد جذبت هذه الصفحات والمجموعات آلاف السوريين في الأردن، وكذلك من الأردنيين، إذ أضحت دليلًا شاملًا لهم، في البيع والشراء، وفي تداول الأخبار الواردة من “المفوضية العليا لشؤون اللاجئين”، والإعلانات المتعلقة بفرص العمل.

تجارة المفروشات المنزلية، واحدة من أبرز الخدمات التي يجري تداولها في تلك المجموعات، وقد لاقت رواجًا واسعًا، ولا سيما أن الأسعار التي تطرح بالنسبة للمفروشات هي أقل بكثير، مقارنة بأسعار المفروشات الجديدة أو المستعملة.

وقالت سعاد، وهي سيدة سورية تقيم في مدينة إربد، لـ (جيرون): “أخبرتني صديقة عن هذه المجموعات، وبالفعل جرى ضمي إلى واحدة منها، واشتريت عبرها معظم مفروشات منزلي، وحالتها جيدة بسعر زهيد جدًا، فقد اشتريت الثلاجة من أحد السوريين بسعر 50 دينارًا أردنيًا لدواعي السفر، بينما لا يقل سعرها في السوق عن 120 دينارًا، وكثير من السوريين الذين أعرفهم يقومون بالأمر نفسه”.

تنفع المجموعات أيضًا في توضيح رسائل مفوضية اللاجئين للسوريين، لذلك؛ تُصوَّر تلك الرسائل وتُنشر في المجموعات للاستيضاح، ولأنها تضم عددًا من أصحاب الاختصاصات، فإنهم يجيبون عن الأسئلة المختلفة التي يطرحها الناس، ما يسهل أمورهم، وقال ماهر لـ (جيرون): “وصلتني رسالة من مفوضية اللاجئين، جاء فيها أنهم حولوا ملفي بهدف إعادة التوطين في الولايات المتحدة، وأن منظمة أخرى ستتصل بي، وكنت قد ذهبت إلى مقابلة السفر إلى أميركا، فلم أفهم ما المقصود بالرسالة، فسألت عنها في إحدى المجموعات، وأخبرني أحد الأشخاص بأن ملفي قد حُوّل للسفر إلى دولة أخرى، وهذا ما جرى لاحقًا”.

وبعد صدور القوانين الأردنية، التي تتيح للسوريين المقيمين في الأردن الحصول على تصاريح العمل، وخاصةً بعد الإعفاء من رسوم استصدارها، باتت هذه المجموعات تشكل عاملًا مساعدًا كبيرًا للسوريين في الحصول على فرص عمل متعددة، فكثير من أرباب العمل الأردنيين يعلنون فيها حاجتهم إلى سوريين يعملون في مجالات متعددة، كما تُعلن فيها أسماء السوريين الذين يتسلمون شهادات مزاولة المهنة، بعد الدورات التي عُقدت أخيرًا برعاية “منظمة العمل الدولية”.

يمكن لأعضاء هذه المجموعات أن يجدوا معظم ما يحتاجونه، بما فيها عروض تأجير المنازل، إذ يبدأ الناس في هذه المجموعات بتبادل المعلومات عن منزل هنا أوهناك، مما وفر على السوريين الاعتماد على المكاتب العقارية التي تأخذ عمولة ما لا يقل عن 50 دينارًا، ويمكن أن يصل أحيانًا إلى 100 دينار، أي: ما يعادل نصف راتب العامل العادي.

أبو مالك سأل المكاتب العقارية عن منزل للإيجار، فالإيجارات المطلوبة مرتفعة، وعمولات المكاتب كذلك، فما كان منه -بحسب قوله-  إلا “الكتابة في مجموعة، بأنني أريد منزلًا صغيرًا في أحد الأحياء بأجرة لا تتجاوز 150 دينارًا، وفعلًا رد أحد السوريين ليخبرني بوجود منزل أجرته أقل من ذلك بقليل، وكانت العلاقة مع صاحب المنزل مباشرة من غير وسطاء، وقد استأجرته، من غير أن أضطر للتعامل مع المكاتب العقارية”.

وهناك من السوريين من امتهن التجارة عبر الإنترنت، في ظل صعوبة فتح محال تجارية بسبب قوانين الاستثمار، وعن ذلك قال عبد الناصر لـ(جيرون): “أشتري المفروشات والأدوات المنزلية، من العائلات التي تسافر، أو التي تعود إلى سورية، وأصلح وأطلي ما هو بحاجة لذلك في منزلي، ثم أبيعها عن طريق الإنترنت بمرابح بسيطة، ومعظم الزبائن من السوريين، ونحن في ذلك يقدر بعضنا أحوال بعض، ولكنها في النهاية وسيلة لكسب الرزق بطريقة لا تخالف القوانين في الأردن”. لا تقتصر هذه الصفحات والمجموعات على التجارة والبيع، فللحالات الإنسانية والصحية للاجئين السوريين نصيب مهم فيها، فعندما تأتي بعثة طبية من أي دولة أجنبية تنشط هذه المجموعات بنشر كل ما يتعلق بها، عن تخصصها، وفي أي المدن ستقدم خدماتها، ومدة إقامتها، حتى أنها تؤمن أرقام هواتفها للتواصل وأخذ مواعيد.

ويُنشر -أيضًا- في هذه المجموعات عن الحالات الطبية المستعجلة، وخاصة المتعلقة بالأطفال، ومرضى الأمراض الصعبة، ممن لا يستطيعون دفع تكاليف العلاج، أو تكاليف إجراء بعض العمليات الجراحية، ما يساعد في تيسير أمورهم سريعًا، دون انتظار تحديد موعد من أي جهة طبية.

ربما هي الحاجة للتأقلم مع واقع جديد، تلفه صعوبات كثيرة نتيجة اللجوء، وفي الوقت نفسه يعدّ استثمارًا ناجحًا للتطور التقني ووسائل الاتصال في نواحٍ إيجابية، توحي بأن السوريين يحاولون تجميع عائلتهم السورية التي شتتتها الحرب، ويساعد بعضهم بعضًا في وضع لا يحتمل العيش دون مساعدة من الآخرين.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]