وصلوا حتى غانا.. اللاجئون السوريون يجدون في جنوب إفريقيا ملاذاً آمناً
19 مارس، 2017
كانت أول زيارة لأحد أئمة مدينة حلب السورية، وهو عبد الغني بادنجكي، إلى غانا عام 2006 بعد أن تمت دعوته لإمامة الصلاة خلال شهر رمضان المعظم.
وعندما اندلع القتال في سوريا بعد خمس سنوات من تلك الزيارة، قرر بادنجكي العودة إلى هذه الدولة الواقعة غربي أفريقيا والتي تبعد عن بلاده أكثر من 4825 كيلومتراً.
الآن يقوم الإمام بادنجكي البالغ من العمر 42 عاماً بتدريس القرآن الكريم للطلبة خارج العاصمة أكرا. وما كان يوماً حلاً مؤقتاً لعائلته بدأ اليوم يبدو وكأنه حلاً دائماً، على الرغم من أن التكيف مع المكان لم يكن سهلاً.
قال بادنجكي: “نحن فقط نريد للحرب أن تنتهي حتى نتمكن يوماً من العودة إلى وطننا”. ومع فرار الملايين من سوريا، غادر أشقاء بادنجكي وشقيقاته إلى تركيا ولبنان المجاورتين. وتبعثر أفراد الأسرة الآخرين في أنحاء أوروبا.
غير أن والده رفض المغادرة، فيما قال بادنجكي إن والدته توفيت جراء الحزن بعد ثلاثة أيام من تدمير قنبلة لمنزل العائلة.
رحلة بادنجكي وزوجته وأبنائهما الأربعة كانت الأطول. وقد أبقى على اتصالاته مع أقاربه الذين لا يزالون على قيد الحياة قدر ما يستطيع.
ومع وصول المزيد من أبناء وطنه إلى غانا، طلب منه أن يصبح وسيط الاتصال بين مجتمع اللاجئين السوريين وبين الحكومة المحلية.
ويقول بادنجكي إنه لا توجد إحصاءات مؤكدة حول عدد السوريين المتواجدين في غانا، لكنه يعتقد أن الرقم يقترب من الألف سوري.
ولا يقتصر الأمر على غانا، فقد وجد الهاربون من سوريا ملجأ لهم في مناطق صغيرة أخرى جنوب الصحراء الأفريقية، وامتد تواجدهم حتى جنوب أفريقيا.
وتشير أحد التقديرات إلى وجود حوالي 300 منهم في الإقليم الانفصالي الواقع شمال الصومال الهادئ نسبياً والمسمى أرض الصومال.
وعلى النقيض من ملايين السوريين الذين يعيشون في مخيمات في البلدان المجاورة لسوريا المكتظة باللاجئين، وجد السوريون هنا أنفسهم أحرار نسبياً.
وقال “تيتيه بادي”، منسق برنامج مجلس شؤون اللاجئين في غانا: “أعتقد أن ما يجعل غانا مختلفة هو حقيقة أن لدينا سياسة لجوء متسامحة جداً”.
وأضاف “إنهم أحرار في التنقل. يمكنهم الخروج والبحث عن عمل. في الحقيقة أنا أعرف أن هذا ليس هو الحال في بلدان أخرى. في بعض البلدان، غير مسموح للاجئين حتى بمغادرة المخيمات”.
وأوضح “بادي” أن أكثر من 130 سورياً منحوا حق اللجوء حتى الآن، مشيراً إلى أنه جاري النظر في الطلبات الأخرى للحصول على اللجوء.
ولا تقدم الحكومة الغانية مواد غذائية أو مساعدات السكن حتى الآن، لكنها تقدم المساعدة بقدر استطاعتها، بحسب “بادي”.
وأضاف: “الدولة توفر لهم الأمن، وتحميهم. ونحن نصدر لهم الوثائق، وهي شيء حيوي جداً”.
وحالياً يشعر بادنجكي وكأنه في بلده الثاني، ويطلق على غانا لقب “غانا الجميلة”. ويتمنى أن يتم بذل المزيد من أجل مساعدة الآخرين الفارين من الدمار في سوريا.
ويقول إن العديد من اللاجئين يمرون بظروف مالية أسوأ من التي يمر بها هو نفسه.
ويدفع الافتقار إلى فرص الدعم والعمل في غانا، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، بالعديد من السوريين إلى مواصلة السعي نحو البلدان المتقدمة في أمريكا الشمالية أو أوروبا.
ويقول بادنجكي: “غانا ليست مستعدة في الواقع لاستضافة اللاجئين”.
لكن نجله محمد البالغ من العمر 17 عاماً تكيف بسرعة على الحياة هنا ويدرس بجدية في المدرسة. فقد تمكن من تعلم اللغة الإنجليزية في حوالي خمسة أشهر، حسبما يقول الفتى المراهق.
وفي ما يتعلق بمصير عائلته، يقول بادنجكي ببساطة: “صابرون إلى أن يجد الله عز وجل لنا حلاً”.
[sociallocker] [/sociallocker]