أصوات أنين أهالي الوعر الحمصي تتعالى بين مرارة الرحيل وعذاب النزوح

9 أبريل، 2017

أسامة أبو زيد: المصدر

تم تأجيل خروج عدد من العائلات المقرر رحيلها من حي الوعر الحمصي الأمس باتجاه مدينة جرابلس ضمن الدفعة الرابعة لعملية التهجير القسري التي ترعاها روسيا، وذلك بعد منع النظام القسم الأخير من عائلات الوعر أخذ حقائبهم وامتلاء الشاحنات المخصصة لحمل الحقائب بما تحمل، الأمر الذي أدى إلى رفض من بقي من العائلات الخروج إلا بأمتعتهم وحاجاتهم التي هم بأمس الحاجة لها.

“محمود” الذي رفض الخروج ضمن دفعة اليوم بعد منعه آخذ حقائبه تحدث لـ “المصدر” أنه لن يخرج من حي الوعر دون آخذ أمتعته معه معبراً بقوله، “فوق الموتة عصة قبر، لن أخرج دون حقائبي، شردونا وهجرونا من منازلنا، والآن لن يدعونا نأخذ حاجاتنا معنا لذلك عدت عسى أن تلبى في الدفعة القادمة طلباتنا في حمل جميع حاجاتنا معنا”.

وتحدث “أبو مصعب” أحد الخارجين في دفعة اليوم لـ “المصدر” أن النظام يحاول تضيق الخناق على المدنيين الراغبين في الخروج حي الوعر أكثر فأكثر، ولا أعتقد أنه النظام عاجز عن جلب شاحنات أخرى لحمل الأمتعة والحقائب مهما كانت أعدادها أو أحجامها، ولكنه يريد إزلالنا قدر المستطاع.

حال المهجرين في جرابلس

ويستعد أهالي مدينة جرابلس مع أهالي حي الوعر الذين وصلوا للمدينة لاستقبال القادمين إليهم في دفعة الأمس، وهم 1424 شخص موزعين ضمن 356 عائلة بينهم 416 امرأة و 522 طفل، تركوا منازلهم حاملين معهم ذكرياتهم الجميلة منها ليستقروا في مخيمات اللجوء الحزينة، بعد رحلة ستدوم لأكثر من 24 ساعة ستكون شاقة ومتعبة بقدر لن يشعرهم بمرارة ما سيكون بانتظارهم في مخيم جهز قبل مجيئهم لاستقبالهم به.

وكانت الحكومة التركية منعت المنظمات الإنسانية من العمل وتخديم هذه المخيمات إلا لبعض الأسماء كآفاد والهلال الأحمر التركي فقط، الأمر الذي يجعل العبء ثقيل على هاتين المنظمتين ويخلق نوعاً من التثاقل في تقديم ما يلزم، وترى الكثير من أهالي حي الوعر سرعان ما يتركون المخيمات لتبدأ رحلة البحث عن منزل أو مكان يأوون إليه، فيتابع رحلته في البحث عن عمل يقوم به على أسرته التي حملها معه من حي الوعر.

أفاد “غيث” أحد شبان حي الوعر الفاعلين في جرابلس لـ “المصدر” إن التأقلم في هذه المناطق أمر سهل فهي مناطق كبيرة وواسعة، ولا يمكن للعائلات تقييد أنفسهم في مخيمات اللجوء، التي يعاني فيها من يسكنها الأمرين من سوء في الخدمات وشح في مقومات الحياة وتقصير من المنظمات التي تقدم لهم المساعدة.

وتابع “غيث” إن من يخرج من حي الوعر يجب عليه ألا يعتقد نفسه ذاهب إلى الجنة، بل هو ذاهب لمكان يستطيع بإرادته جعله جنته أو جحيمه، ففرص العمل متوفرة والإنسان الفاعل يستطيع أن يعمل ويساهم في مساعدة أهله على تحدي المشاق والصعاب، وأصحاب المصالح هنا متوفرٌ عملهم وبكثرة، وحتى أهالي المنطقة يقدمون لنا ما أمكنهم من مساعدات لنكون على السكة الصحيحة فنبدأ بتقويم أنفسنا بشكل صحيح.

حال المهجرين في ريف إدلب

أما حال النازحين في ريف إدلب الذين خرجوا في مطلع الأسبوع الماضي كان أفضل من المهجّرين في جرابلس، فالمخيمات كانت مجهزة على أعلى مستوى من ناحية مقاومة الأمطار والبرد وكان هناك تنظيم جيد للقائمين على مخيم الاستقبال، خصوصاً مع السماح للمنظمات الإنسانية بالعمل في تلك المناطق وتخديم المهجرين والمخيم بما هو لازم لهم.

“طارق الشامي” تحدث لـ “المصدر” عن سهولة الطريق الذي لم يخلوا من بعض المعوقات في رحلتهم إلى ريف إدلب إلا من بعض الحركات الاستفزازية لقوات النظام.

وأضاف الشامي “كان استقبالنا في ريف إدلب مشرفاً من قبل أهلنا الذين نزحنا إليهم، وقد قدموا لنا كل ما بوسعهم من إمكانيات كان لها دور كبير في التخفيف من المعاناة التي ستواجه النازحين خصوصاً مع أيامهم الأولى في مخيمات النزوح”.

وتابع “لا يمكننا المقارنة بين أن يعيش الناس في منازلهم وحيهم وبين حياة النزوح التي يعيشون بها لأيام وشهور، وقد تصل لسنين طوال، فمن الصعب على الإنسان أن يترك أرضه ومنزله وإن حصل ذلك فهو أمر شبه خروج الروح من الجسد ولكن والحمد لله استطاع أخوتنا في إدلب من خلال سعيهم لأجلنا التخفيف من معاناتنا وهم أهلنا وأخوتنا وسنكون معهم صفاً حتى نحرر هذه الأرض من رجس الظلم والاحتلال الغاشمين”.

يذكر أن مجلس محافظة حمص الحرة قد وجه كتاباً لمجلس مدينة جرابلس المحلي ولمدينة الباب وإعزاز والمنظمات الإنسانية العاملة في تلك المناطق للسعي والعمل الدؤوب لأجل تأمين كل ما يمكن تقديمه ضمن الإمكانيات المتوفرة بين أيديهم.

وستتوالى دفعات المهجرين من حي الوعر وستتزايد أعداد المدنيين الذين يرغبون في الخروج من حي الوعر، وترك منازلهم بعد فقدان الثقة بهذا النظام المعروف بنكثه للعهود والمواثيق وبطشه بالشعب السوري ليلاً ونهاراً، خصوصاً بعد ممارسته ضد حي الوعر سياسة “الجوع أو الركوع” على مدى ثلاث سنوات متواصلة.

[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]