اوقفوا قتل السوريين
18 أغسطس، 2015
ماجد كيالي
لم تكن مجزرة الأحد الماضي في دوما (شرق دمشق)، والتي ذهب ضحيتها حوالى 160 شخصا، بينهم عشرات الاطفال، الأولى من نوعها التي ارتكبها النظام بحق السوريين، بواسطة البراميل المتفجرة والصواريخ الفراغية، والتي تستهدف أفرانا واسواقا شعبية ومناطق مكتظة بالسكان. والحقيقة، فمنذ بداية الصراع السوري (اذار 2011)، بتنا امام مجازر متنقلة، فثمة مئات المجازر ذهب في كل واحدة منها بين 25 و100 شخص، وعشرات مثلها ذهب في كل منها أكثر من مئة شخص. بل ثمة مجازر ذهب في كل منها فوق الـ 200 شخص، ضمنها مجزرة الكيميائي في الغوطة، قبل عامين، التي اودت بحياة 1400 من السوريين في يوم واحد، ومجزرتان في جديدة عرطوز جنوب دمشق (نيسان 2013)، وزملكا في الغوطة الشرقية (حزيران 2013)، ذهب في كل منهما 400 شخص، كما شهدت مناطق في حمص وتريمسة وداريا (2012)، والبيضا وحمورية وودادي بردى (2013) مجازر راح في كل واحدة منها فوق 200 شخص.
القصد من كل ذلك التوضيح بأن ما يجري في سوريا، ولاسيما من قبل النظام، كونه هو الذي يمتلك زمام المبادرة، والقوة النارية، واسلحة الطيران والمدفعية والدبابات، فاق كل التصورات، ولا يستند إلى أي أساس سياسي، لأنه تأسس منذ البداية على مبدأ القتل من اجل القتل، وهي ذاتها فكرة “الأسد او نحرق البلد”.
وبكلام آخر، لم يعد ثمة معنى لهذه المقتلة السورية، بعد ازاحة الشعب من معادلات الصراع، وبعد التحول من الصراع في سوريا على التغيير، إلى الصراع على سوريا، على النفوذ بين الفاعلين الدوليين والاقليميين. وهذا يفيد بأن مزيداً من القتل، بالنسبة للنظام، لم يعد يجدي، ولن يشكل فرقا، بالنسبة لمصيره، وحتى أنه لن يساعد على تأمين استراتيجة خروج آمنة له، ولن يغطي على خساراته، وفقدانه عالمه، ليس لأن قوى المعارضة توسع سيطرتها على الارض، فقط، وانما لأن الاطراف الدوليين والاقليميين لن يسمحوا له باستثمار سياسي لأي مكسب يحققه.
واضح أن مشكلة الصراع السوري، منذ بدايته، تكمن في خروجه من نطاق السياسة، باعتبارها عملا يتأسس على تخليق معادلات تنبثق من موازين القوى ومصالح كل الاطراف، والمقايضة بين المخاسر والمكاسب، وهذه يتحمل مسؤوليتها النظام، أولا، لأنه اوصل السوريين الى اليأس والغضب والثورة. وثانيا، لأنه منع السياسة والعمل السياسي في البلد. وثالثا، بسبب انتهاجه الحل العسكري.
وباختصار، كل المؤشرات تفيد ان النظام انتهى، بمعنى أن أي قتل اضافي واي نقطة دم زيادة هي خسارة، لأن الامر بات خارج ارادة السوريين، وفي انتظار الظروف والمعطيات. لذا المطلوب وقف هذه المقتلة، التي تجاوزت كل الحدود.
المصدر: النهار
“اوقفوا قتل السوريين”